منذ تربع الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، على عرش البيت الأبيض في يناير الماضي، كثف الجيش الأمريكي من عملياته العسكرية في محاربة تنظيم “القاعدة” في اليمن. وخلال الربع الأول من العام 2017، شهدت مدن يمنية العديد من العمليات العسكرية للقوات الأمريكية، سواء بالغارات أو بإنزال جنود أمريكيين للقيام بعمليات محدودة في البيضاء وأبين وشبوة.
خلال الثماني والأربعين ساعة الماضية، شن الطيران الأمريكي عشرات الغارات على مديريتي مودية والوضيع في محافظة أبين، جنوبي اليمن. طائرات “الدرونز” الأمريكية استهدفت بسلسلة غارات جوية أهدافاً غير بشرية. ولأول مرة تم توجيه الصواريخ صوب مناطق فارغة وقريبة من الأحياء السكنية .
نشطاء وحقوقيون وأهالي منطقتي الوضيع ومودية رفعوا رسائل استنكار إلى حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي، وطالبوا المنظمات الحقوقية المحلية والدولية برصد انتهاكات القانون الدولي، وحماية المدنيين من “جحيم الغارات الجنونية” للطيران الأمريكي.
وبحسب شهود عيان من المنطقتين، تحدثوا إلى “العربي”، فإن الغارات تسببت في نزوح العشرات من الأسر، وأحدثت أضراراً بالغة في عدد من المناطق الزراعية، وتسببت بإحداث حفر دائرية في الأرض بعمق ثلاثة أمتار وبقطر عشرة أمتار، إضافة الى خوف وهلع القاطنين في تلك المناطق.

تسببت الغارات بإحداث حفر دائرية في الأرض بعمق ثلاثة أمتار وبقطر عشرة أمتار

مصدر قبلي، رفض الإفصاح عن اسمه، أكد، لـ”العربي”، أن “عناصر قليلة من القاعدة، لا يتجاوز عددها أصابع اليد، تتواجد في منطقتي الوضيع ومودية، وهناك مساع لتقديم مبادرة لإخراجها من المدن”. وطالب المصدر حكومة هادي بأن “لا تعطي مبرراً للتواجد الأمريكي في المنطقة”، محذراً إياها من “إعطاء أي معلومات مغلوطة قد تنتج عنها مجازر بحق المدنيين كمجزرة المعجلة أواخر العام 2009، التي راح ضحيتها العشرات من النساء والأطفال، وقصف مقر شرطة الوضيع في يوليو من العام 2011، الذي راح ضحيته عدد من المدنيين”. كما حذر المصدر من “إعطاء إحداثيات قد تستهدف قيادات مناوئة لسلطات هادي”.
من جهتهم، اجتمع مشائخ وأعيان وقيادات حزبية وممثلو منظمات مجتمع مدني في المناطق التي طالها القصف الأمريكي. وخرج المجتمعون ببيان أكدوا فيه “رفض العمليات العسكرية الأمريكية في المنطقة، ورفض تواجد أي من عناصر تنظيمي القاعدة وداعش”. وطالب البيان “سلطات الشرعية بالقيام بواجبها في تحقيق الأمن، والقيام بدورها في تطبيع الحياة وحماية المواطنين وتفعيل الأجهزة الأمنية والعسكرية”.
واعتبر مراقبون الغارات الأمريكية مؤشراً إلى بدايات تدخل مباشر وعمليات إنزال، قد تستهدف عناصر يُشتبه بانتمائها إلى تنظيمي “الدولة الإسلامية” و”القاعدة”. كما قرأوا فيها رسائل تحذيرية لقاطني المدينتين، وإشعاراً بضرورة النزوح قبل تنفيذ غارات قد تدمر أحياء واسعة من مناطقهم. يُذكر أن قوات “الحزام الأمني” – المدعومة بقوات إماراتية – نفذت أواخر العام الماضي مداهمات طالت عناصر مشتبه فيها في منطقتي الوضيع ومودية.