كل ما يجري من حولك

لماذا تشعُرُ “إسرائيل” بالصّدمة من اكتِشاف أن 88% من المغاربة يُعارضون التّطبيع؟

 هل رأى كوشنر مُهندس “سلام أبراهام” هذه الحقائق أثناء تواجده مع عائلته في الدوحة؟ وهل بدأت الهِجرة المُعاكسة تزداد قُوّةً ولماذا؟

1٬198

متابعات| رصد*:

راهن الإسرائيليّون على أن مونديال قطر الذي أُقيم في الدوحة مُنذ شهر تقريبًا سيكون مونديال حصاد ثمرة اتّفاقات “سلام أبراهام” مع بعض الدّول الخليجيّة والمغرب والسودان، وتتويجًا للتّطبيع العربي الإسرائيلي في صُورته “الكوشنريّة النّتنياهويّة” البرّاقة، والانطِلاق من المونديال لإكمال هذا التوجّه، وتوقيع اتّفافات جديدة لهذا السّلام، لما تبقّى من دُوَلٍ عربيّةٍ، وخاصَّةً المملكة العربيّة السعوديّة “دُرّة” التّاج الخليجي والعربي، ولكن جاءت النّتائج حتّى الآن، وبالصّوت والصّورة، مُختَلِفَةً تمامًا.

فاجأتنا صحيفة “معاريف” الإسرائيليّة قبل يومين بالكشف عن تشكيل جمعيّة يهوديّة جديدة اسمها “نُغادر البِلاد سَوِيًّا” وتهدف إلى جمع 10 آلاف إسرائيلي وتسهيل هجرتهم إلى أمريكا، وتلقّت هذه الجمعيّة عشَرات الطّلبات في الأيّام الأولى من إعلان تأسيسها ومُعظم أصحابها يُريدون نقل شركاتهم الإلكترونيّة وأعمالهم إلى نيويورك وفرانكفورت أو سان فرانسيسكو إيثارًا للسّلامة.

مجلّة “ذا انترسيبت” الإلكترونيّة المعروفة نشرت تقريرًا مُطوّلًا في عددها الأخير عن الرّفض العربي الحاسِم للتّطبيع مع الدولة العبريّة، وقالت إن إسرائيل مَرفوضةٌ ومَكروهةٌ في مُحيطها العربيّ بعد تظاهر الغالبيّة السّاحقة من المُشجّعين دعمًا للفِلسطينيين ورفع أعلامهم في الملاعب ورفضوا الاعتِراف بوجودِ كيانٍ اسمه إسرائيل.

أخطر ما في هذا التّقرير وأهم، نشر نتائج استِطلاعات تقول إن 88 بالمِئة من المغاربة ضدّ التّطبيع والاعتِراف بإسرائيل، وفي تونس حواليّ 89 بالمِئة من التّوانسة أيضًا، والشّيء نفسه في قطر، ومن المُفارقة أن جاريد كوشنر مُستشار الرئيس السّابق دونالد ترامب وصِهره ومُهندس اتّفاقات سلام أبراهام وزوجته إيفانكا وأطفالهما الثّلاثة، كانوا يتواجدون في الدوحة وسط الجماهير الكرويّة المُتابعة، ولا نعرف إذا كان قد لمس هذه الحقائق بنفسه وبأُمِّ عينه أم لا؟

بنيامين نتنياهو أُستاذ ومُعلّم كوشنر قال في العام الماضي “إنه سيجتهد من أجل أن تحتفل إسرائيل بعيدها المئوي، ولكنّه غير مُتأكّد من تحقيقِ هذا الحُلُم، لأنّ التّاريخ يقول إنّه لم تُعَمّر دولة لليهود أكثر من ثمانين عامًا”.

“إسرائيل” أصبحت دولةً ديكتاتوريّةً عُنصريّةً دينيّة مُتطرّفةً ومُنقسمةً على نفسها، وهذا الانقِسام سيتطوّر إلى فوضى، وانعِدامٍ أمنيّ، وعدم استِقرار، وربّما حربٍ أهليّةٍ، وهِجراتٍ جماعيّةٍ مُعاكسةٍ بالتّالي.

التّهديد الأكبر الذي تُواجهه الدّولة اليهوديّة يأتي من شقّين أساسيين:

  • الأوّل: داخلي يتمثّل في حالة الصّحوة التي يعيشها الشّعب الفِلسطيني تحت الاحتِلال، وتنعكس في أعمال مُقاومة شبابيّة مُتطوّرة جدًّا تتعاظم يومًا بعد يوم حيث تحوّلت الضفّة الغربيّة والمناطق المُحتلّة عام 1948 إلى غابة بنادق، سواءً مُهرّبة عبر مِصر والأردن ومن سورية تحديدًا، أو مُصنّعة محليًّا، ومن غير المُستَبعد أن يتم في القريب العاجِل تهريب تكنولوجيا الصّواريخ ومُكوّناتها، ومدافع الهاون الحديثة الموجودة في غزّة، ويُمكن تهريبها إلى الضفّة.
  • الثاني: خطر حدودي، أو عابر للحُدود، يتمثّل في ترسانة صواريخ “حزب الله” الدّقيقة، خاصَّةً أن اتّفاق ترسيم الحُدود البحريّة مع لبنان لم يُعطِ ثِماره، وما زالت مُعاناة اللّبنانيين وأزماتهم الاقتصاديّة والاجتماعيّة في حالةِ تفاقمٍ مُتصاعد.

معركة “سيف القدس” في أيّار (مايو) قبل الماضي (عام 2021)، وهزيمة الأمريكان وانسِحابهم المُذِلْ من أفغانستان في الفترة الزمنيّة نفسها تقريبًا، كانتا علامةً فارقةً في رَسمِ ملامح الحاضِر والمُستقبل القاتِم للكيان العِبري، ففي الأولى التي استمرّت 11 يومًا جرى عزْل هذا الكيان عن العالم كُلّيًّا ولُجوء ستّة ملايين من مُستوطنيه إلى الملاجئ هُروبًا من الصّواريخ، وفي الثانية انكشفت أُسطورة الحِماية الأمريكيّة الكاذبة لحُلفائها، وظهر واضحًا أن كُل ما يَهُم الإدارات الأمريكيّة هو سلامة جُنودها، وتقليص خسائِرها.

ثلاثة مواقف أو مقالات إسرائيليّة تُجَسِّد وتُؤكّد ما قُلناه سابقًا:

  • الأوّل: عرض أحد أعضاء مجلس إدارة الصّندوق القومي اليهودي فكرة شِراء جُزُر يونانيّة مهجورة وتعميرها لتكون مَلاذًا آمِنًا للإسرائيليين هربًا من الصّواريخ التي يُمكن أن تَهطُل عليهم كالمطَر في حالِ انفِجار الصّراع عسكريًّا، ولن يبقى أمامهم غير البحر يركبونه أو يسبحونه للوصول إلى هذه الجُزُر.
  • الثاني: الكاتب الإسرائيلي آري شبيط الذي نشر مقالًا في صحيفة “هآرتس” قبل بضعة أشهر تحت عُنوان “إسرائيل تَلفُظ أنفاسها الأخيرة”، ورسم صُورةً سوداويّةً لمُستَقبل دولة الاحتِلال عندما قال إنّه من غير المُمكن إنهاء الاحتِلال، ووقف الاستِيطان وتحقيق السّلام، ولهذا آنَ أوانُ الرّحيل إلى برلين أو فرانكفورت أو سان فرانسيسكو.
  • الثالث: تأكيد الصّحافي الإسرائيلي الجريء جدعون ليفي الذي يُغرّد خارج السّرب الصّهيوني مُنذ عِدّة عُقود، أن الإسرائيليين يُواجِهون أصعب شعب عرفه التّاريخ ولا حل إلّا الاعتِراف بحُقوقهم، وإنهاء الاحتِلال لأرضهم.

نختم هذا المقال بنَصيحةِ المُستوطنين اليهود بالانضِمام إلى جمعيّة “نُغادر البِلاد سويًّا” واستِعادة جوازات سفر آبائهم وأجدادهم الأوروبيّة والأمريكيّة، وشدّ الرّحال إلى أوروبا وأمريكا وكندا، وأستراليا، لأنّ الفُقاعة الصّهيونيّة قد انفجرت، وأكاذيبها انفضحت، والمَكْر اليهودي التّاريخي وصل إلى محطّته الأخيرة، ولا فائدة من المُكابرة.

مونديال الدوحة كان “الصّاعق” الصّادم الذي أماطَ اللّثام عن كُلّ الأكاذيب، والقُوّة الخادعة والاستِسلام العربي، ونختم بالقول شُكرًا لكُلّ المُشاركين في هذا المونديال مُشجّعين أو لاعبين أو مُنظّمين، ونُؤكّد أنّ ما بعد المونديال سيكون مُختَلِفًا عمّا قبله.

* رأي اليوم

You might also like