كل ما يجري من حولك

مصيرٌ مُظلِمٌ ينتظرُ “إسرائيل”.. هل تؤيّده الوقائع؟

مصيرٌ مُظلِمٌ ينتظرُ “إسرائيل”.. هل تؤيّده الوقائع؟

1٬135

متابعات| تقرير*:

مصير مجهول تسير نحوه الدولة اليهوديّة المزعومة، هذا ما حذر منه وزير الحرب الإسرائيلي بيني غانتس ، معتبراً أنّ “إسرائيل” تمضي في الطريق لتحاصر ما بين “الجديرة والخضيرة” وهي مدن في الداخل الفلسطينيّ المسلوب، في وقت يكثر فيه الحديث من قبل الإسرائيليين قبل غيرهم عن نهاية “إسرائيل”، إضافة إلى حديث مستشرقين صهاينة مختصين بما يُسمى “الصراع العربيّ – الإسرائيليّ” أن الكيان الذي اعتمد عدداً من الاستراتيجيات، فشل في تحقيق وتجسيد الحلم الصهيونيّ على أرض فلسطين المحتلة، وأنّ الدولة اللقيطة تواصل السير في طريق فقدان هذا المشروع، والذي سيؤدي تطبيقه حتماً إلى عمليات تطهير عرقيّ وتهجير قسريّ إضافية للسكان الأصليين أي الفلسطينيين، كتلك التي حدثت مع قيام الكيان الباغي.

بلاغ تهديديّ

برمج وزير الحرب الإسرائيليّ جدول أعماله العام وفقاً لمسيرة الأعلام الفلسطينية، والوضع في المجتمع العربي بالداخل، وكذا السيطرة الديمغرافية في الشمال والجنوب، فيما صحيفة “إسرائيل اليوم” إلى أنه “في القسم المغلق من جلسة كتلة حزب “أزرق-أبيض” الأسبوع المنصرم، تلا غانتس بلاغا نشر عبر تطبيق “واتس أب” وتناقلته المواقع الإخباريّة العبريّة، وفيه تهديدات من محافل عربية مجهولة للسيطرة على “إسرائيل”، ولم تكن لغانتس بشائر طيبة، بل العكس، وعلى حد زعمه، من كتب البلاغ محق، ومستقبل الدولة اليهوديّة من شأنه أن ينتهي بين الجديرة والخضيرة بالداخل الفلسطيني المحتل.

وينص البلاغ المزعوم الذي نشره وزير الحرب الإسرائيليّ، على أنّه “لا أمل لكم، رويدا رويدا نحن نقضم لكم الدولة، لدينا مساحة في النقب بحجم  منطقة غوش دان” وهي من المناطق الحضرية التي تحتلها “إسرائيل”، وتطل على البحر الأبيض المتوسط، يقدر عدد سكانها بنحو 4 ملايين نسمة، 95% منهم من اليهود، وهي موطن لنحو 45% من سكان الأراضي الفلسطينيّة التي يسيطر عليها العدو، ويضيف البلاغ: ” إنّ المنطقة مليئة بالأكواخ مع أطفال، ماذا ستفعلون؟ توجد أرض فلسطينية عمليّاً، وحينما تأتي الجرافات للهدم، سنبعث بالأطفال والشبان لرشق الحجارة والتمترس في المكان إلى أن تفروا كالفئران من المنطقة”.

وفي الوقت الذي يرى الإسرائيليون أنّ التهديد السكاني هو التهديد الأول لـ”إسرائيل”، وخاصة مع تزايد عدد السكان الفلسطينيين داخل أراضي عام 1948، ما يمثل تهديدًا ديموغرافيًا فعليًا يمكن أن يهدد بقاء الكيان الصهيونيّ وبنيته الطائفيّة (اليهودية)، واصل غانتس تلاوة البلاغ المنشور: “محافظة الجليل لنا قريباً، منذ اليوم نحن 85 % من سكان المدينة ونسيطر بوتيرة سريعة، نبني البيوت في كل زاوية، من سيمنعنا؟، اليهود الذين يسكنون في الجليل يهربون لمركز البلاد، الحكم يقول لكم الجليل والنقب يهوديّ، وأنا أقول لكم هذه أرض فلسطينيّة”، حيث تشير تقديرات إسرائيلية إلى أن عدد الفلسطينيين عام 2050 سيصل إلى ما لا يقل عن 10 ملايين بالضفة وغزة، وتتحدث أنّ عدد المهاجرين اليهود سيصل إلى ما يقارب 10.6 ملايين يهودي في الأراضي الفلسطينيّة المسلوبة و3.2 ملايين عربي بالعام ذاته، وهذا ما يدفع الإسرائيليين ومحلليهم للقلق بشأن التفوق الديمغرافي الفلسطينيّ في المنطقة ما بين البحر الأبيض المتوسط ونهر الأردن (أرض فلسطين التاريخية) في ظل غياب أيّ رغبة إسرائيليّة للحل السياسيّ، حيث إن التزايد السكاني للعرب يفزع الإسرائيليين بالفعل، وإنّ تعويل تل أبيب على استقدام المهاجرين وارتفاع اعداد المتدينين مع توقعات انخفاض معدل الخصوبة بين الفلسطينيين لا يبدو أنّه جاء بنتيجة في هذه القضية.

وعلى هذا الأساس، تشجع القوانين التابعة للعدو هجرة اليهود من أنحاء العالم إلى الأراضي الفلسطينيّ التي نهبوها ولكنه يرفض عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ممتلكاتهم وعقاراتهم التي هُجروا منها، في ظل انخفاض في نسبة اليهود في الميزان نتيجة الزيادة الطبيعية الأسرع بين السكان الفلسطينيين، ويجدون أنّ هذا الأمر أيّ النمو السكاني يجب أن يلقى اهتمامًا خاصًا، مع وجود دراسات تتحدث أنّ “التحدي الديموغرافي السياسيّ” كان أحد الاعتبارات التي أقنعت رئيس وزراء العدو السابق إسحاق رابين بالتوقيع على اتفاقيات “أوسلو”، فيما كان الاعتبار الديمغرافيّ أيضًا ذا أهمية خاصة في قرار شارون بالانسحاب من جانب واحد من قطاع غزة عام 2005.

وينظر الإعلام العبريّ إلى أنّ ما قاله وزير الحرب الإسرائيليّ مقلق للغاية، رغم أنه يدرك أن هذا بلاغ فيروسيّ ويُجهل من كتبه، حيث أكد غانتس أن من “كتب البلاغ لم يخطئ”، فما كتب ليس بعيدا عن الواقع، وقد قدر أنه في غضون بضع سنوات سيكون الإسرائيليون في وضع تكون فيه دولة استعمارهم الطائفيّة بين الجديرة والخضيرة، والإسرائيليون على مسافة بضع سنوات عن هذا، وإنّ تشديد غانتس خلال الجلسة المغلقة على ضرورة أن يتم النظر عدة مرات إلى الكيان الإسرائيليّ من منظور عقود إلى الأمام، وإقامة سلطة القرن حيث يستعد الصهاينة لأن يكون نصف سكان كيانهم يسكنون في النقب والجليل، هناك أهمية عليا للحفاظ على القانون والنظام في الجنوب والشمال، إعطاء معاملة متساوية وتنمية كل السكان في مراكز التشغيل، وتحسين البنى التحتية والتعليم والصحة.

ومن غير المعروف ما إذا كان وزير الحرب التابع للعدو قد اخترع ذلك البلاغ ليعطي للصهاينة حق سلب وطرد الفلسطينيين من ديارهم، فقد تعودنا من السياسة الإسرائيليّة على الخبث والدهاء، وإنّ العدو الذي يؤمن بنهايته المؤكّدة يستثمر أيّ يشيء ليثبت أركانه المتزعزعة على التراب الفلسطينيّ، والتي سنتحدث عنها باختصار كما جاءت على لسان الإسرائيليين أنفسهم.

أخطار على “إسرائيل”

بعيداً عن الناحية الديمغرافيّة، يتجسد الخطر على الكيان في تقلص قبضته على السلطة في أراضي الداخل المحتل، وقد بات هذا الخطر أكثر وضوحا منذ عام 2021، ويتجلى بشكل ملحوظ على مستويين باعتقاده، الأول هو زيادة الأعمال (المعادية للصهيونية) من قبل فلسطينيين الـ 1948 وخاصة عقب معركة “سيف القدس”، حيث شاهدنا جميعا كيف أعادت عمليات “الداخل الفلسطيني المحتل” رسم خارطة المقاومة الفلسطينية، كما جاءت مفاجئة العمليات الفدائية الفلسطينية الأخيرة التي ضربت “عمق الكيان”، لتشهد أجواء الأراضي المحتلة عموماً حالة غير مسبوقة من التوتر المتصاعد، ولاسيما في الفترة الماضية، أما المستوى الآخر فهو التسلح بين فئات هذا المجتمع لردع الجنايات والجرائم الإسرائيلية التي لا تتوقف.

وإنّ ما يرفع الخطر على الإسرائيليين في الداخل المحتل هو منهج الفصل العنصريّ داخل المنطقة الجيوسياسيّة (جيوسياسيّة: السياسة المتعلقة بالسيطرة على الأرض وبسط نفوذ الدولة في أي مكان تستطيع الوصول إليه) التي تحكمها حكومة الكيان الصهيونيّ، وتوصف حتى من قبل منظمات إسرائيليّة بأنّها “أبرتهايد” أي نظام فصل عنصريّ بين النهر والبحر، حيث إن معظم الإسرائيليين لا يعتبرون الجرائم بحق الفلسطينيين ظلماً، ويرفضون وصفهم بمصطلح “أبرتهايد”، لأنهم يؤمنون بالفعل أن التمييز أمر مشروع، وجزء من الدفاع عن النفس، وخاصة أنّ المجتمع اليهوديّ غُذي بسرد تاريخيّ منفصل عن الواقع، وهو أن فلسطين كانت إلى حد كبير صحراء غير مأهولة بالسكان قبل أن يستوطنوها، وهو ما يُطلقون عليه “حرب الاستقلال الإسرائيلية”، وهذا الاصطلاح محضُ دجل لا أكثر، لأنّ الاستقلال هو التحرر من أيّ سلطة أجنبيّة بالوسائل المختلفة، أما الاحتلال فهو استِيلاءُ دولة على بلاد دولة أُخرى أَو جزءٍ منها قَهْراً، وهذا ما تم بالفعل عام 1948 عند نشوء الدولة المزعومة.

أيضاً، يشكل تراجع مستوى جاهزية جيش العدو الإسرائيليّ وهزيمة خططه خطراً وجوديّاَ على العدو، في ظل فشل الجيش الإسرائيلي في التجنيد والحشد من جهة وتآكل وتقلص دور القوات البريّة في الحروب الدائرة من جهة أُخرى، وحسب محللين صهاينة فإن أزمة القوى العاملة تشكل تهديداً كبيراً لجيش الحرب الإسرائيلي في الوقت الحالي، إذ إن نصف الشباب في سن 18 عامًا يترددون حاليًا في الانضمام إلى الجيش، ناهيك عن المعارضة الدينية (الحريديم) للمشاركة في هيكلية قوات العدو.

أما ما يخص التهديد الإلكتروني و الهجمات الإلكترونية، تتعرض “إسرائيل” لهجمات واسعة النطاق ومكثفة من قبل الدول والمنظمات والمتسللين، على الرغم من ادعاء “إسرائيل” بقدرات إلكترونية فائقة واعتبار الكيان الصهيونيّ نفسه لاعباً قويّاً في مجال الحرب الإلكترونيّة التي تشكل جزءاً أساسياً من “قوته الناعمة” ضد الدول الرافضة لاحتلاله، لكن هذه السمعة التي تحاول تل أبيب إلصاقها بنفسها تشوهت بشدة بعد إعلان اختراق شركات ومؤسسات مهمة بعضها يحوي معلومات أمنيّة وعسكريّة سرية.

وإذا تناسينا الشروخات في المجتمع الإسرائيليّ، لا يمكنن تناسي الجملة التي يرددونها دوماً وهي: “إسرائيل تلفظ أنفاسها الأخيرة”، وهذا الموضوع يقُضّ مضاجع صنّاع القرار بالكيان اللقيط الذي قام منذ ولادته بني على مبدأ التطهير العرقيّ والتاريخيّ من خلال المجازر التي ارتكبتها عصابات الصهاينة ضد أصحاب الأرض ومقدساتهم إضافة إلى عمليات بناء المستوطنات على الأراضي الفلسطينية المحتلة كأدلة ثابتة وواضحة على ممارسات الصهيونيّة الاستعماريّة.

 وإنّ الإسرائيليين بالفعل باتوا يدركون بأنّه لا مستقبل لهم في فلسطين، فهي ليست أرضاً بلا شعب، كما كذبوا، بعد أن وافق الصهاينة على إنشاء وطنهم اليهودي على أرض فلسطين العربيّة تاريخيّاً، وزعموا أنّ فلسطين هي “أرض الميعاد” وأنّ اليهود هم “شعب الله المختار”، وأنّ القدس هي “مركز تلك الأرض”، وأنّها “مدينة وعاصمة الآباء والأجداد”، و”مدينة يهوديّة بالكامل”، بهدف الاستيلاء على أكبر مساحة ممكنة من أراضي الفلسطينيين بأقل عدد ممكن منهم، وقد شجعت الحركة الصهيونيّة بشكل كبير جداً، هجرة يهود أوروبا الجماعيّة إلى أرض فلسطين خلال النصف الأول من القرن العشرين.

ولا يخفي المحللون والمتابعون الصهاينة بأنّهم يواجهون أصعب شعب عرفه التاريخ، ولا حلّ معهم سوى الاعتراف بحقوقهم وإنهاء الاحتلال، وهي جملة تشير إلى أنّ الإسرائيليين فهموا بشكل كامل الخداع الذي تحاول الآلة الإعلانية للكيان زرعه في عقولهم، والدليل وجود عدد وإن كان قليلاً من الإسرائيليين يرفضون الروايات الإسرائيليّة، ويطلقون حملات نشطة من أجل تحرير فلسطين من نظام الفصل العنصريّ والمقاطعة العالمية، والتاريخ علم اليهود أنّه لا يمكن لدولةً يهودية أن تستمر لأكثر من ثمانين عاماً، وهذا أشدّ ما يُقللهم مع تلك الوقائع.

* الوقت

مصير مُظلم ينتظر "إسرائيل".. هل تؤيّده الوقائع؟

You might also like