كل ما يجري من حولك

المجلّة: إسرائيل والحوثيون… مناورات أم عود على بدء..!

171

متابعات..|

نشرت مجلة المجلة السعودية، تحليلاً مطولاً تناول المسارات التي ترى مستقبل الصراع بين جماعة انصار الله “الحوثيين” وإسرائيل وهذا نصه:

لم تكد جماعة الحوثيين في اليمن تفرغ من محاولتها، بعد حرب غزة من تغيير اتجاه بوصلتها نحو الدعوة للعودة إلى “مسار السلام” حتى هرع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إلى إعادة تشغيل اسطوانته المشروخة للسجال والتهديد والوعيد للجماعة…

إذن .. الأمر لم ينته بعد، والحساب لا يزال مفتوحا بصرف النظر عما يحدث في غزة، ومرهون بمدى تطور النزاع بين إيران والولايات المتحدة وإسرائيل ومعهما القوى الغربية الأخرى، وإن كان يتمثل في جانب منه بتصفية ذلك الحساب مع الحوثيين من قبل إسرائيل.

 

“نتنياهو” أكد أن جماعة الحوثيين رغم الضربات الجوية الماحقة التي تلقتها لا تزال “تشكل تهديدا كبيرا لإسرائيل” متهما الجماعة بأنها لا تزال منهمكة في إنتاج الصواريخ البالستية وأسلحة أخرى، وهذ أمر قابل للتطور في إطار “خطة لتدمير إسرائيل”.

 

وتعهد نتنياهو في حديث متلفز خلال اجتماع للحكومة الإسرائيلية ببذل ما بوسع بلاده بهدف “القضاء على هذا التهديد”.

 

بدوره توعد وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس الحوثيين منذ أيام بأن إسرائيل “لم تحسم أمرها مع اليمن بعد” وأن “الحوثيين سوف يدفعون ثمنا باهظا” على حد قوله.

 

وقد جاءت هذه التصريحات، في ضوء عجز ميناء ايلات الإسرائيلي عن استئناف نشاطه جراء الحصار الذي تفرضه جماعة الحوثيين على حرية الملاحة الإسرائيلية في البحر الأحمر وخليج عدن وبحر العرب، برغم مساعي إدارة الميناء في التواصل مع الولايات المتحدة ودول إقليمية أخرى لممارسة ضغط على الحوثيين لرفع هذا الخصار.

 

ماذا وراء دعوة الحوثيين للسلام؟

 

من وجهة نظر تحليلية اتفق خبراء وباحثون في إسرائيل والمنطقة العربية على حد سواء على أن الدعوة الحوثية للسلام لا تعدو أن تكون مجرد تكتيك مرحلي أو هروب للأمام يخفي وراءه انشغال الحوثيين، بشكل حثيث، بالعمل على تطوير قدراتهم العسكرية اعتمادا على قدراتهم الذاتية، خصوصا بعد أن تكبدوا خسائر مادية كبيرة خلال المواجهات السابقة مع الولايات المتحدة وإسرائيل، وبعد أن تقطعت تقريبا كل سبل الإمداد المالي وطرق تهريب الأسلحة من إيران.

 

‏قطعا، لا نعلم الكثير عن مجموع سلاح الحوثيين الذي كان في الأصل مزيجا من السلاح الذي تم نهبه والاستيلاء عليه من مخازن ومستودعات الجيش اليمني السابق إضافة إلى ما تراكم لدى الجماعة من السلاح الإيراني المهرب أو المصنع لاحقا داخل الأراضي اليمنية.

 

‏ولا ندري كذلك ما الذي بقي من هذا السلاح بعد أن تم استهدافه خلال الغارات الأميركية والإسرائيلية على المواقع التي يعتقد بوجود ذلك السلاح بداخلها، لكن الأرجح أن الأميركيين ومعهم الإسرائيليون يعرفون الكثير عن ذلك، وأن الجميع لا يعرف حتما ما بقي من ذلك السلاح وماذا تم أو يجري تطويره من أسلحة جديدة.

 

‏من المعروف أن عمليات تهريب السلاح أو تخزينه والاحتفاظ به في مواقع مجهولة داخل الأراضي اليمنية اعتمد على برامج عالية السرية يجهلها حتى كثير من القيادة الوسطى للجماعة، وسار الأمر على هذا النحو حتى اليوم وربما زاد قليلا بعد الاختراقات الأمنية الخطيرة التي تمكنت منها قوات الجيش الأميركي وأجهزة الاستخبارات الإسرائيلية، من تدمير جزء كبير من الأسلحة.

 

ما من مرة لجأت فيها جماعة الحوثيين إلى اتباع طرق التمويه والتخفي من أجل التغطية على عمل آخر تقوم به إلا ونجحت في الأمرين معا.

خيارات عديدة قد يلجأ الحوثيون إلى أحدها بحسب ما تقتضيه احتمالات عودة المواجهة العسكرية بين إيران وإسرائيل ومعها الولايات المتحدة، أو في حال تعثرت جهود سلطنة عمان لاحتواء التصعيد الحوثي في كل الاتجاهات

ما هي خيارات الجماعة؟

 

أحد هذه الخيارات هي العودة للاقتتال مع خصومها في الداخل، الحكومة اليمنية الشرعية وحلفائها الكثر، القبليون وغيرهم، حيث لم تكف الجماعة يوما عن استحداث مواقع قتالية جديدة على مختلف خطوط التماس مع هؤلاء الخصوم، سيما في محافظات تعز وسط البلاد ومأرب والجوف إلى الشمال الشرقي منها، كما لم تتوقف الاشتباكات المتقطعة في خرق سافر للهدنة الهشة القائمة.

وهنا يحذر مراقبون من مغبة أي مخاطرة كهذه على الجماعة قبل غيرها، خصوصا بعد الضربات الأميركية والإسرائيلية العنيفة التي أفقدتها الكثير من مصادر دخلها وتمويل مجهودها الحربي.

 

ثاني هذه الخيارات، أن يعود الحوثيون إلى التصعيد مع الغرب تحت أي ذريعة، إذ شدد زعيم الجماعة، عبد الملك الحوثي، في أكثر من مناسبة على الاستعداد لجولات قادمة من الصراع مع إسرائيل، مؤكدا استمرار تطوير القدرات العسكرية للجماعة التي تتخذ من معاداة الغرب “عقيدة” راسخة كما يعبر عن ذلك شعارها “الموت لأميركا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود”.

وهنا لا يهم الحوثيين أي كلفة لهذه المواجهة، فهم لا يدفعون أصلا هذه الكلفة بل يتحملها اليمنيون المدنيون العاديون من مقدراتهم وأصول بنيتهم المدنية التحتية.

 

أما الخيار الثالث وهو الأضعف أو الأقل احتمالا، فهو أن تعود جماعة الحوثيين إلى التحرش بالدول المجاورة مما يترك باب الرد العنيف مفتوحا.

 

أساليب التمويه والتخفي

 

‏ما من مرة لجأت فيها جماعة الحوثيين إلى اتباع طرق التمويه والتخفي من أجل التغطية على عمل آخر تقوم به إلا ونجحت في الأمرين معا، وذلك منذ تحول تمردها وحروبها ضد الدولة من “مظلومية” أقر بها واعتذر عنها الجميع لاحقا، تفاديا للمزيد من سفك الدماء، إلى تمرد صريح مدعوم وممول من جارة الجيران البعيدة إيران، فيما اعتبر الجوار ذلك شيئا ثنائيا بين صنعاء وطهران.

 

أمام اليمن المترامي الأطراف وشعبه الفقير المتنامي المتزايد الحاجات ربما لم يجد الرئيس الراحل صالح خيارا أفضل للتعامل مع محافظة صعدة، معقل الحوثيين، من تسييرها لا تطويرها

 

ولطالما كانت عوامل الجدة والغرابة والابتكار هي أهم عناصر ذلك المشروع التمويهي المستلهم أصلا من تجربة الثورة الإيرانية وحرسها الثوري، حيث تم في البدء تجنيد المئات من الشباب اليمنيين واستقدامهم إلى محافظة صعدة شمال البلاد ضمن برامج تأهيلية وتعبوية ومن ثم إلحاق النابهين في تلك البرامج بمشاريع تدريبية في الضاحية الجنوبية للعاصمة اللبنانية بيروت قبل أن يتحول الأمر إلى ميدان عمل علني بين إيران والحوثيين، بدت فيه الجماعة نسخة أخرى من “حزب الله”، شمل مجالات تدريب غير عسكرية، تنظيمية ومعلوماتية وسياسية وإعلامية ضمت معها معارضين جنوبيين لعلي عبدالله صالح.

 

يبدي اليوم الكثير من سكان العاصمة (المختطفة) صنعاء الكثير من الدهشة كيف أنهم لم يدركوا أن شبانا من جيرانهم القادمين من بعض محافظات الشمال الغربي كانوا خلايا وقادة في الجماعة الحوثية إلا بعد استهدافهم والإعلان من قبل الحوثيين عن “ارتقائهم” في معركة “الفتح الموعود” مع أعداء الإسلام داخل العاصمة صنعاء وخارجها، ويستبد الخوف اليوم بأغلب سكان المدينة خشية من تجدد المواجهة بين إسرائيل والجماعة.

 

المصدر: “المجلّة” السعودية

You might also like