أعلن يا قلم بشموخ واعتزاز
هنادي محمد
في كُـلّ مرةٍ أحمل فيها قلمي لأكتُبَ عن الشّهداء العظماء تستوقفني الكثيرُ من العبرات وأجدُ نفسي حائرةً لا أدرِي أين نقطة البدء وأين منتهى الخِتام؛ لأَنَّني أقفُ في مقامِ الأتقياء الأنقياء فكيف لأحرفي أن تنصفَهم وتعطيَهم ولو قدرًا بسيطًا من مكانتهم في نفسي؟!، إلّا أنني وفي الذكرى السَّنويّة لهذا العام آخذةٌ لقلمي وقلبي بقوةٍ وببأسٍ شديد، وسأكتب بمداد حبري مُعلنةً للعالم أجمعَ بكلِ فخرٍ واعتزاز وشموخ أنّي حزت لقب ”زوجة شهيد“، والشكر لله أولًا على فضلهِ ونعمته ولروح شهيدي الذي صارع الموتَ واستثمرَهُ ليحظَى بالحياةِ الأبدية جوارَ أخيه وجوار الأنبياء والصديقين، الشّهيد المجاهد الرّائد / ماجد علي الحوري ”سجاد“، أبت نفسُه إلّا أن يكونَ ضمن القافلة، وعزم الرحيل قبل إبحار السفينة ليخلّدَ ذكرَه في قاموس الأحياء.
لربما أنني كنتُ أجهلُ حجمَ العشق الإلهي النابع من أفئدة هؤلاء الأبطال إلّا أن إرادَةَ الله وتوفيقَه شاءت أن أعرفَ وأُعايشَ روحًا من تلك الأرواح الطّاهرة وأغوصَ إلى مكنون نفوسهم الإيمانية الخالصة الصّافية من شوائبِ الكفر والفسق والنفاق والرياء والعُجب وما شاكلها من بذور سوداءَ..؛ لنسطّرَ حكاياهم للشعب، للأُمَّـة، للتاريخ.
في هذه الذكرى التي تعتبر بالنسبةِ لي المحطةَ الأولى أتقدم بأحر التهاني لجميع أسر الشُّهداء الأفاضل، وأسألُ من الله العلي القدير أن يعظّم لهم الأجرَ والثّوابَ وأن يثبّتنا على طريق الحق ومسيرة الأنبياء والأولياء بقيادة الأعلام الأبرار؛ لنصلَ إلى المنال المنشود، صالحين مجاهدين مقبولين بإذن المولى جل شأنُه، كما أوجه رسالةً من منبر صحيفة المسيرة لعشّاق الحياة، دُعاةِ السفور والفجور، البُغاة المعتدون أقول لكم:
(واللهِ لو تعلمون كميةَ الطاقة الإيمانية التي يخرُجُ بها مجاهدونا شوقًا لمواجهتكم تاركين ديارَهم وأبناءَهم وأموالَهم لله الواحد الجبار لفهمتم السرَّ وراءَ وقوفهم أمام صواريخكم وعتادكم لا يهابون المَنيّةَ، بل يسعون لتحقيقِ أُمنية النعيم الأبدي من خلال التلذذ بقتالكم، وواللهِ إن كُـلَّ شهيد ارتقى -تأكّـدوا- أنه ترك خلفَه أُمَّـةً مؤمنةً واعية محصّنة لا يخالجُ صدرَها يأسٌ أَو انكسارٌ هدفُها الأولُ هو التنكيلُ بكم بكل ما أوتيَتْ من جهد، واعلموا أننا أُمَّـةٌ لا تنسى شهداءَها بل تعيشُ على ذكراهم ومنهجهم ومبادئهم الحقّة التي تركونا عليها؛ لتتكرّر البطولة تلو البطولة، فلا يكون لكم متسع إلّا للهزيمة، فبقدر إجرامكم وسفككم للدماء وتغطرسكم المستمر بقدر تمسُّكِنا بقضيتنا العادلة، وإيماننا بحجم مظلوميتنا، وأنّه لا خيارَ أمامنا إلّا الصمود ولا مخرج لكم سوى الاستسلام).
والعاقبـةُ للمتّقيـن.