كل ما يجري من حولك

يا ليت قومي يعلمون

594

 

أم الحسن أبوطالب

وكأحسن ختام يختمُ به الإنسانُ حياتَه وينهي ما تبقى له فيها من عمرٍ ويستثمر موته الذي لا بُـدَّ من أن ينتهي إليه يفوز الشهداء فوزاً عظيماً فيرحلون عن الدنيا أعزاءً كرماءَ، ويرتقون إلى الآخرة بأعلى وسام ألا وهو وسام الشهادة.

الشهداءُ العظماء أفضل الناس أثراً في الدنيا وأجلُّهم قدراً في الآخرة..

بين عطائهم وتضحياتهم واستبسالهم نجد أنفسنا في عالم من القيم والمثاليات والثبات والصدق والوفاء، وكأنهم أصحاب مدرسة في كُـلّ الصفات الخيرة والمُثل العليا.

دماؤهم الزكية التي سالت على أرضهم دفاعاً عنها أنبتت عزة وكرامة ومهدت لفجر نصر قريب آتٍ لا محالة، نصرٌ مباركٌ ببركة تلك الدماء، نصرٌ عظيمٌ بعظمتها، فمهما طال أمد الظلم وزادت سطوة الظالمين، لا بُـدَّ لسنة الله في الكون أن تكون، ويُأخذ بثأر دماء الشهداء وتنتصر قضيتهم العادلة ويحق الله الحق ويُزهِق الباطل.

وكأحسن جزاء لمن باعوا من الله دنياهم وعظُمت في ما عنده رغبتهم تتزين الجنة شوقاً إليهم وتبتهج بقدومهم إليها فهم من أعظم الخلق مقاماً فيها وأسبقهم وُصُـولاً إليها، فما يلبث الشهيد أن يفارق دنياه حتى يلاقي جزاء صدقه بما عاهد الله عليه جنات تجري من تحتها الأنهار خالداً مخلداً فيها.

ويبقى جسدُ الشهيد ليُزف إلى روضة من رياض الخالدين كمستقر لختام رحلته، ومنبر يشع النورُ منه إلى جميع الناس، فيتعلمون من سيرته الجهادية كيف يكون العطاء وكيف يكون السير على نهج الأولياء وأعلام الهدى وأن النفس لا تساوي شيئاً إن لم يكن ثمنها الجنة.

وعن جزائه ونعيمه المقيم فيه يترك بين أيديهم آياتٍ بينات من كتاب الله العظيم تُخبْرهم عن حاله بعد استشهاده وكأن لسان حاله يقول «يا ليت قومي يعلمون»، فيعلمون يقيناً أن الشهداء أحياءٌ يُرزقون وما عليهم إلا السير على نهجهم وخطاهم للحاق بهم والفوز بما فازوا به.

سلام الله على شهدائنا العظماء وعلى آبائهم وأُمهاتهم وعلى أبنائهم وعلى أسرهم ومن سار على خُطاهم، وجعلنا الله من جنوده المدافعين عن دينه والمعلين لكلمته المقاتلين في سبيله المذلين لأعدائه الفائزين بما أعد لعباده المتقين.

You might also like