متابعات| تقارير*:

في الوقت الذي ازداد فيه اشتعال البحر الأحمر مع إصابة سفينة تجارية أميركية بصاروخ قبالة سواحل عدن، في هجوم شنّته القوات البحرية اليمنية، وأدى، بحسب مصادر أميركية، إلى إصابة بعض أفراد طاقم السفينة بحروق وفقدان آخرين، كثّفت صنعاء عملياتها البحرية ضد السفن العسكرية الأميركية والبريطانية، رداً على العدوان الأميركي – البريطاني على عدد من المحافظات اليمنية، مع التلويح بإغراق بوارج عسكرية أميركية وبريطانية عما قريب. والتزاماً بتعهدها منع عبور السفن المتّجهة إلى إسرائيل وتلك الأميركية والبريطانية، من البحر الأحمر وخليج عدن، حتى فك الحصار عن قطاع غزة، أعلن الناطق باسم القوات المسلحة اليمنية، العميد يحيى سريع، استهداف سفينة «ترو كونفيدانس» الأميركية في خليج عدن، بعدد من الصواريخ البحرية المناسبة، وإصابتها إصابة دقيقة، ما أدى إلى نشوب حريق فيها، وذلك بعد رفض طاقمها الرسائل التحذيرية.وقبل ذلك، قالت هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية إنها تلقّت بلاغاً عن «اعتراض سفينة تجارية عبر أجهزة اتصالات لاسلكية، من قبل جهة تصف نفسها بأنها البحرية اليمنية، وتأمرها بتغيير مسارها». وأضافت أنّ «السفينة تلقّت نداءات عبر موجات لاسلكية عالية التردّد، لمدة 30 دقيقة تقريباً، أثناء إبحارها على بعد نحو 50 ميلاً بحرياً جنوب غرب عدن». كذلك، قالت شركة «أمبري» البريطانية للأمن البحري إنها تلقت بلاغاً عن وقوع انفجار بالقرب من السفينة التي ترفع علم «بربادوس»، قبالة ميناء عدن. من جهته، نقل مسؤول أميركي كبير عن أحد أفراد الطاقم القول إن الصاروخ ألحق أضراراً كبيرة بالسفينة، وأسفر عن مقتل شخصين وجرح ستة ممن كانوا على متنها، فيما هجرها الباقون، وفق «رويترز». وأعلنت الشركة المالكة للسفينة «ترو كونفيدانس شيبينغ» المسجّلة في ليبيريا، والشركة المشغلة «ثيرد جانيواري ماريتايم المحدودة» ومقرها اليونان، بدورهما، في بيان مشترك، أن «السفينة تنحرف عن مسارها وما زالت النيران مشتعلة فيها». وأضافتا أنه «لا يوجد معلومات متاحة عن طاقمها المكون من 20 شخصاً أو حراس الأمن المسلحين الثلاثة على متنها».
وبعد توعّد واشنطن بمحاسبة «أنصار الله» على الهجوم، شنّت طائرات أميركية وبريطانية غارات على مطار الحديدة اليمني.
من جهة ثانية، نبّهت مصادر عسكرية مطلعة في صنعاء، لـ«الأخبار»، إلى أن الهجمات التي نفّذتها قواتها البحرية ضد سفن عسكرية أميركية في البحر الأحمر حتى الآن، جرت بأسلحة تقليدية كالطائرات المسيّرة والصواريخ البحرية، والتي سبق استخدامها ضد أكثر من 50 سفينة تجارية متّجهة نحو الموانئ المحتلة، وسفن بريطانية وأميركية تجارية في البحر الأحمر وخليج عدن. وعلى رغم الإعلان عن دخول الغواصات المسيّرة كسلاح نوعي في إطار المعركة أواخر شباط الماضي، إلا أن هذا السلاح الذي تمتلك صنعاء عدة أجيال منه، لم يُستخدم بعد في المعركة مع البوارج الأميركية والبريطانية. وكانت بيانات القيادة المركزية الأميركية قد تحدّثت مراراً عن استخدام القوات اليمنية في هجماتها زوارق مسيّرة، فيما أكد وزير دفاع صنعاء، اللواء محمد العاطفي، أخيراً، أن قواته «تحتفظ بأسلحة أخرى حديثة تم تطويرها بما يتناسب مع المعركة في البحر الأحمر».

لندن تنوي إعادة المدمّرة «دايموند 45» إلى المعركة، على رغم تعرّضها لهجومين

وتعتبر صنعاء، وفق المصادر نفسها، أن عمليات الاشتباك العسكري البحري التي خاضتها مع البوارج الأميركية والبريطانية في البحر الأحمر ومضيق باب المندب خلال الأشهر الماضية، كانت في إطار الإرباك وتشتيت القدرات، لتنفيذ عمليات أخرى ضد سفن تجارية، واقتصرت الأسلحة المستخدمة فيها على الطائرات المسيّرة، ومن ثم انتقلت، في إطار المسار التصاعدي، إلى مرحلة الردع المباشر. وتؤكد المصادر أن «المعركة البحرية المقبلة ستكون عسكرية بامتياز»، موضحة أن «إحدى المفاجآت» التي تحدّث عنها قائد حركة «أنصار الله»، السيد عبد الملك الحوثي، في خطابه الأخير، «ستكون إغراق سفن عسكرية أميركية، في حال استمرارها في تنفيذ أعمال عدائية».
وقد اعترفت الولايات المتحدة الأميركية بتعرض سفن حربية تابعة لها لهجمات واسعة خلال اليومين الماضيين. وقالت القيادة المركزية الأميركية، في بيان، إن المدمرة «يو إس إس كارني» تعرّضت لهجوم بصاروخ باليسيتي مضاد للسفن وثلاث طائرات مسيّرة في البحر الأحمر، وهو ما تزامن مع هجوم ثانٍ استهدف عدداً من السفن العسكرية الأخرى التي لم تُعرف أسماؤها، بثلاثة صواريخ مضادة للسفن وثلاثة زوارق مسيّرة. في المقابل، كشف مصدر مقرب من حركة «أنصار الله»، في حديث إلى «الأخبار»، أن حكومة صنعاء ستدعو الدول التي تشارك البحرية الأميركية في الأعمال العدائية في البحر الأحمر، إلى سحب قواتها مقابل وقف التصعيد ضد السفن العسكرية والتجارية لتلك الدول، ومنها ألمانيا وإيطاليا اللتان شاركتا في أعمال من هذا النوع، وتعرّضت سفنهما لهجمات يمنية.
يأتي ذلك فيما كشفت مصادر غربية عن نيّة لندن إعادة المدمّرة التابعة لها «دايموند 45» إلى المعركة، بعدما تعرّضت لهجومين من قبل قوات صنعاء البحرية، ما أدى إلى إخراجها من الخدمة. وكانت البحرية البريطانية قد سحبت المدمّرة إلى جبل طارق بعد إجراء صيانة لها قبالة جيبوتي في منتصف كانون الأول الماضي في أعقاب الهجوم الأول، ثم أعيدت إلى الخدمة، وخضعت للصيانة لمدة ثلاثة أسابيع في أعقاب الهجوم الثاني الذي تعرّضت له مطلع شباط الماضي. وأخيراً، وجّهت وزارة الدفاع البريطانية بإعادة تسليح البارجة إثر اكتمال صيانتها، لتعود مرّة أخرى إلى المشاركة في العمليات التي ينفذها تحالف «حارس الازدهار»، وهو ما سيدفع صنعاء إلى مواجهة التعنّت البريطاني هذا بهجمات أوسع على السفن التجارية والعسكرية التابعة للمملكة المتحدة خلال الفترة المقبلة.

* الأخبار اللبنانية