متابعات| تقرير*:

دفعت السعودية، خلال الأيام الماضية، بالمزيد من تشكيلات «درع الوطن» السلفية المنشَأة حديثاً والموالية لها، إلى البوّابة الغربية لمضيق باب المندب، في ما يبدو محاولة من قِبَلها لتثبيت مساحة نفوذ لها غربيّ المضيق الدولي. وأثارت هذه الخطوة قلق الميليشيات الموالية للإمارات والمسيطِرة على منطقة المخا والساحل الغربي، خصوصاً أنها جاءت في أعقاب حملة استقطاب نشطة قادتْها الرياض في أوساط قبائل الصبيحة في محافظة لحج، بالتوازي مع حملات أخرى مماثلة في أبين وشرقي عدن، حيث تعمل المملكة على إضعاف سيطرة «المجلس الانتقالي الجنوبي». وعلى العكس من رفْض قبائل الصبيحة إعادة انتشار قوّات تابعة لـ«الانتقالي» في مناطق واسعة من المضاربة ورأس العارة الساحلية أواخر العام الماضي، لم يَصدر عن القبائل أيّ موقف مناهض للتعزيزات الكبيرة التي دفعت بها الرياض أخيراً إلى مرتفعات جبال خرز ومناطق حسّاسة قريبة من باب المندب، وهو ما تُرجعه مصادر قبَلية في لحج، في حديث إلى «الأخبار»، إلى أن معظم منتسِبي وقيادات «درع الوطن» ينحدرون من مختلف مناطق الصبيحة، وأن تحرّكاتهم تتمّ بالتنسيق مع وجهاء القبائل المتواجدة على امتداد الشريط الساحلي الرابط بين تعز ولحج وعدن، والتي لطالما اشتكت من ممارسات الجماعات المسلّحة المنتشرة في مناطقها خلال العامَين الماضيَين.

من جهتها، تَقرأ مصادر أمنية في صنعاء، قيام السعودية بنشر الآلاف من العناصر السلفية في المنطقة المعروفة بـ«المثلّث الاستراتيجي» المحاذي لمضيق باب المندب، بعد أسابيع من طرْد ميليشيات «الانتقالي» منها وتسليمها مؤقّتاً لتشكيلات تابعة لعضو «المجلس الرئاسي» طارق صالح، محاولة للسيطرة على كل المواقع المُتاخمة للمضيق الدولي. وتَلفت المصادر إلى أن المملكة تُجري تدريبات للآلاف من أبناء لحج وأبين في معسكرات تابعة لها في جيزان والوديعة (حضرموت)، تمهيداً لإرسالهم إلى المضاربة ورأس العارة، ومن ثمّ توسيع انتشارهم نحو سواحل منطقة ذوباب وجبال كهبوب، الأقرب إلى جزيرة ميون الاستراتيجية. وتُدرج ذلك في إطار تَوجّه السعودية إلى تقليص نفوذ القوّات الموالية للإمارات في الساحل الغربي وباب المندب، بما لن يستثني، في الفترة المقبلة، القوّات التي يقودها طارق صالح. وفي الاتّجاه نفسه، يرى المتحدّث الرسمي باسم «المجلس الأعلى للحراك الثوري الجنوبي»، محمد النعماني، أن التحرّك السعودي الأخير «يأتي امتداداً لصراع النفوذ المحتدم منذ سنوات بين الرياض وأبو ظبي»، معتبراً أن الرياض تستهدف تطويق مدينة عدن من الاتّجاهات كافة، وإنهاء حضور «الانتقالي» في المناطق الاستراتيجية الواقعة على الساحلَين الغربي والشرقي، سواءً الخطّ الممتدّ من جنوب الحديدة مروراً بمدينة المخا غربي تعز وصولاً حتى منطقتَي رأس عمران والبريقة في مدينة عدن، أو الشامل سواحل أبين وشبوة وحضرموت وصولاً إلى المهرة.

يترافق التوجّه السعودي لتقليم أظافر الجناح العسكري لـ«الانتقالي»، مع مساعٍ لتذويب كيانه السياسي

ويترافق التوجّه السعودي إلى تقليم أظافر الجناح العسكري لـ«الانتقالي»، مع مساعٍ لتذويب كيانه السياسي، الذي استطاعت الرياض اختراقه من الداخل عبر قيادات مُوالية لها تدْفع حالياً في اتّجاه إعادة هيكلته. ولعلّ هذا هو ما يفسّر رفْض «الانتقالي»، الذي كان سلّم معظم مواقعه العسكرية في مدينة عدن لقيادة «التحالف»، طلبات سعودية جديدة بإجلاء قياداته و«قوّات مكافحة الإرهاب» التي تُعتبر أحد أهمّ تشكيلاته من المدينة. وهاجمت وسائل الإعلام التابعة لـ«الانتقالي» السعودية بشدّة خلال اليومَين الماضيَين، معتبرةً وجود «مكافحة الإرهاب»، التي يقودها القيادي في المجلس شلال شائع، في عدن «خطاً أحمر» لدورها في «تأمين المدينة»، متّهِمةً المملكة ضمناً بالسعي إلى إزاحة قوّات «الانتقالي» من المحافظات الجنوبية كافة. وعلى رغم ذلك الرفض، إلّا أن السعودية واصلت تحرّكاتها لإسقاط آخر معاقل «الانتقالي» شرق عدن؛ إذ أفيدَ عن سلسلة اجتماعات عَقدها قائد قوات «التحالف» مع قيادات عسكرية من أبناء أبين، ناقشت انتشار «درع الوطن» في المناطق الساحلية للمحافظة كمرحلة أولى، وفتْح معسكرات تدريب جديدة لها تمهيداً لإرسالها إلى عدد من المديريات كمرحلة ثانية. وكانت الرياض قد دفعت بمجاميع مناهضة لـ«الانتقالي» إلى مدينة شقرة خلال الأيام الفائتة، في محاولة منها لسحب البساط من تحت الفصائل التابعة له، والتهيئة لتمكين جماعاتها من فرْض سيطرتها الكاملة هناك.

* الأخبار اللبنانية
«درع الوطن» إلى الساحل الغربي: «الانتقالي» تحت مقصلة الرياض