كل ما يجري من حولك

“حجُّ الغريبة” في تونس .. موسمٌ ديني أم فرصةٌ للتطبيع؟

“حجُّ الغريبة” في تونس .. موسمٌ ديني أم فرصةٌ للتطبيع؟

305

متابعات| تقرير*:

تحول موسم “الحج” إلى كنيس “الغريبة” اليهودي في تونس إلى فرصة للتطبيع، في ظل الحديث عن زيارة مئات الإسرائيليين هذا العام، فضلا عن مشاركة شخصيات معروفة بمواقفها المؤيدة للتطبيع مع الاحتلال الاسرائيلي، إضافة إلى الاهتمام الكبير الذي أبدته السلطات بهذه المناسبة التي عادة ما تتم بشكل طبيعي ودون ضجة إعلامية.

وأثار الإعلامي الإسرائيلي، إيدي كوهين، جدلا كبيرا على موقع تويتر بعد حديث عن سماح الرئيس التونسي قيس سعيّد لمئات الإسرائيليين بزيارة بلاده للمشاركة في موسم الغريبة في جزيرة جربة.

ودوّن كوهين، وهو مستشار في مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو، على حسابه في موقع تويتر “تحية لفخامة الرئيس قيس سعيد. شكرا للسماح لمئات من الإسرائيليين السفر إلى تونس. نحن يهمنا الأفعال وليس الأقوال وخاصة قبل استلام الرئاسة. معذور فخامته. نحن نتفهم الوضع. نحبك يا فخامة الرئيس”.

وتعرضت رئيسة الحكومة التونسية، نجلاء بودن، لانتقادات واسعة بسبب صورة لها مع الإمام الفرنسي التونسي حسن الشلغومي المعروف بـ”شيخ التطبيع”.

وعادة ما يثير الشلغومي، المولود في تونس لأب جزائري وأم تونسية، الجدل بسبب مواقفه، فقد دعا مرارا إلى “الحوار” مع إسرائيل، كما “عانق” عدداً من جنود الاحتلال الإسرائيلي، ودعا لهم بـ”النصر” على الفلسطينيين.

ونشرت صفحات اجتماعية صورا قالت إنها لمستوطنين إسرائيليين يزورون الغريبة، حيث اعتبر نشطاء أن السماح بزيارتهم وتوفير حماية أمنية كبيرة لهم يتناقض مع خطابات الرئيس قيس سعيد والتي يؤكد فيها دوما أن “التطبيع خيانة عظمى”، كما أنه يناقض مع موقف الدولة التونسية والتي أدانت جريمة اغتيال الإعلامية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة برصاص قوات الاحتلال.

وأثارت فيديوهات وصور تداولتها صفحات اجتماعية لزوار كنيس الغريبة وهم يحتسون المشروبات الكحولية، جدلا كبيرا، وخاصة أن بعضها يظهر مشاركة عدد من الأطفال في ذلك.

ودونت “الحملة التونسية لمقاطعة التطبيع”: “المستوطن الصهيوني شارلي بيريز (المتواجد حاليا في تونس والذي لقي ترحيبا من السلطات وبعض الإعلاميين) يحتفي بكلّ وقاحة بقدوم صهاينة آخرين من فلسطين المحتلة وبلدان أخرى (منهم الصهيوني المسلم حسن الشلغومي من فرنسا) إلى تونس بذريعة “حجّ الغريبة”، في جزيرة جربة التي تشهد حسب شهادات متواترة حملة أمنية واسعة ومضايقات للمواطنين. أين رئاسة الجمهورية التونسية وخطاب قيس سعيّد عن أنّ “التطبيع خيانة عظمى”؟”.

واستنكر حزب التيار الشعبي تحوّل موسم الغريبة إلى “مناسبة سنوية لتعميق التطبيع مع كيان العدوّ وإلى فرصة لتدخل أخطر عناصره الإرهابية لبلادنا، إضافة إلى تواجد عناصر تونسية من المتعاونين مع العدوّ الصهيوني في تمرير أخطر مشاريعه حاليا وهو ما يسمى مشروع “الإبراهيمية” (اتفاقيات التطبيع بين إسرائيل وبعض الدول العربية) على غرار المدعو حسن الشلغومي وغيره”.

ودعا إلى محاسبة “من تساهل في دخول عناصر من الكيان الصهيوني إلى بلادنا تحت شعارات زائفة تتعلق بحرية المعتقد”، كما طالب بإقرار قانون يجرّم التطبيع مع دولة الاحتلال.

واستنكر حزب العمال ما سمّاه ” تواصل الخطوات العملية لتكريس التطبيع مع العدو الصهيوني”.

وأضاف، في بيان أصدره الأحد “في الوقت الذي يقف فيه كل الأحرار في العالم ضد جرائم دولة الاحتلال وآخرها الإعدام المباشر وعلى الأثير للإعلامية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة وفي الوقت الذي تتكثف فيه الهجمات على مدينة ومخيم جنين وعلى أحياء القدس، تستقبل الدولة التونسية جحافل من الصهاينة أتوا إلى معبد الغريبة بجزيرة جربة تحت اسم “إقامة الشعائر الدينية”، وقد أتى جزء كبير من هؤلاء في إطار رحلات جوية مباشرة من “تل أبيب”، كما أتى رموز للتطبيع وتبييض الكيان الصهيوني من فرنسا ومنهم المرتزق وتاجر الدين إمام جامع باريس الذي لم تتردد السيدة بودن عن استقباله وأخذ الصور التذكارية معه في تحدٍ سافر لمشاعر الشعب التونسي والشعب الفلسطيني الشقيق”.

وأدان الحزب “هذه الخطوة التطبيعية التي تكشف حقيقة قيس سعيد الذي غالط الشعب التونسي في حملته الانتخابية حين اعتبر التطبيع خيانة عظمى”، مستنكرا “حضور رموز التطبيع واستقبالهم من قبل مسؤولي الدولة التونسية بما يعني أنه سياسة دولة انفضحت أمام الشعب وأمام بعض الواهمين أو المصدقين أنّ سعيد جادّ في رفضه للتطبيع وهو الذي كفّ عن حتى مجرد الإشارة للموضوع في خطبه النارية التي يغالط بها شعبنا”.

ودعا التونسيين إلى التجند للتصدي لاعتبار “حج الغريبة” مناسبة لتمرير التطبيع وتكريسه رغم أنف الشعب التونسي إذعانا لإرادة الامبريالية ومؤسساتها المالية وأدواتها من الأنظمة العميلة وعلى رأسها النظام المصري والإماراتي والسعودي التي تتدخل في صياغة القرار في بلادنا”.

ودعا جميع القوى الوطنية والتقدمية إلى “مضاعفة الجهد من أجل إصدار قانون لتجريم التطبيع بكل أشكاله مع العدو الصهيوني”.

وكان الرئيس قيس سعيد عبّر مرارا عن رفضه لاتفاقيات التطبيع مع دولة الاحتلال، معتبرا أن إنكار الحق الفلسطيني هو خيانة عظمى.

وكنيس الغريبة يعتبر من أقدم المعابد اليهودية في شمال أفريقيا، ويحجّ إليه اليهود سنوياً، إذ توجد فيه واحدة من أقدم نسخ التوراة المعروفة، ويعود إلى نحو 2600 عام، ويسكنه حالياً نحو 1300 يهودي، ويُسمى الحارة الصغيرة، وفق بعض الروايات اليهودية.

وبشأن سبب إنشاء المعبد، تذهب روايات إلى أن امرأة قدمت إلى المنطقة، وأسست كنيس الغريبة، وسمّي نسبة إليها، حيث كانت غريبة عن المنطقة.

ورغم إلغاء الحجّ طوال السنتين الماضيتين بسبب جائحة كورونا، فإنّ تحسن الوضع الصحي جعله مُمكناً خلال هذا العام، إذ تتوقع تونس زيارة عدد كبير من اليهود من مختلف أنحاء العالم، قد يتجاوز 3 آلاف زائر، وذلك لممارسة شعائرهم الدينية السنوية.

ويقوم الزوار خلال موسم الزيارة السنوية بالتبرك وإشعال الشموع والكتابة على البيض، وهي من العادات التي تعوّدوا القيام بها سنوياً.

وسجّل اليوم الأول حضور عدة شخصيات تونسية ودولية ووزراء ومنظمات إلى جربة لمواكبة هذا الحدث، من بينهم رئيسة الحكومة التونسية نجلاء بودن.

وتعرف جربة والمنطقة السياحية ومداخل الجزيرة حركية غير معهودة في هذا الموسم، إذ يأتي اليهود من مختلف بلدان العالم لزيارة الغريبة.

وغالبا ما تعتبر السلطات موسم حج الغريبة مؤشرا الى حالة الموسم السياحي في تونس الذي يبلغ ذروته خلال أشهر الصيف، حين يستقطب مئات آلالاف من السياح من كل أصقاع العالم.

لذلك تعوّل تونس بشكل كبير على نجاح موسم “الغريبة” الذي سينعكس بشكل إيجابي على الموسم السياحي في البلاد.

ويُنظم موسم الحج إلى كنيس الغريبة كل عام في اليوم الـ 33 بعد عيد الفصح اليهودي حيث يحرص آلاف اليهود من مختلف دول العالم على زيارة الكنيس، غير أن عددهم تراجع بشكل كبير بعد هجوم بشاحنة مفخخة استهدف الكنيس عام 2002  وأدى آنذاك إلى مقتل 21 شخصا.

* الوقت

"حج الغريبة" في تونس .. موسم ديني أم فرصة للتطبيع؟

You might also like