كل ما يجري من حولك

حكايتي مع السيد

800

بقلم الشيخ عبدالمنان السُّنبلي

لم أعد أتذكر بالضبط أهي (الديار) أم صحيفةٌ أخرى تلك التي كنت أتصفحها عندما وقعت عيناي فجأةً وبالصدفة ذات يوم على حوارٍ خاص مع السيد عبد الملك الحوثي وأظنه كان أول حوارٍ له يجريه مع صحيفة.

كما إنني لا أتذكر بالضبط أيضاً تاريخ إجراء ذلك الحوار سوى أنه أتى على أغلب الظن بُعَيد الحرب السادسة بقليل.

بصراحة لقد وجدت حينها في قراءة ذلك الحوار فرصةً مناسبةً للتعرف على شخصية الرجل والذي قيل عنه ما لم يقله مالك في الخمر وذلك من خلال تحليل إجاباته طبعاً على الأسئلة المطروحة وطريقة تعاطيه مع الأحداث وإلى أي مدىً تنسجم هذه الشخصية مع تلك الشخصية التي ظل يرسمها ويصورها لنا الإعلام له على مدى سنوات.

وفجأةً وبينما أنا أغوص في ثنايا ذلك الحوار استوقفني هذا السؤال وهذه الإجابة المفاجِئة:

س / وأنتم تواجهون ولأول مرةٍ الجيش السعودي (والحديث طبعاً عن التدخل السعودي في الحرب السادسة 2009)، أخبرنا كيف وجدتموهم ؟!

ج / وجدناهم جبناء لا خبرة ولا علم لهم بقتال.

س / وماذا عن الجيش اليمني ؟

ج / وجدناهم مقاتلين شجعان لكنهم غير مقتنعين بالقتال.

أعدت مرةً ومرتين وثلاث مراتٍ بصراحة قراءة هذه الجزئية من الحوار والتي وجدتها قد اختزلت في ثناياها شخصية الرجل وقدمته لي بصورة مغايرة تماماً عن تلك الصورة التي رُسمت له في أذهان وعقول كثيرٍ من الناس.

عرفت حينها أنني لست أمام شخصية عادية، فمثل هذا الكلام في الحقيقة لا يمكن أن يقوله إنسانٌ عاديٌ أو (متمرد) !

أنا أمام رجلٍ استثنائيٍ وغير عادي أبت عليه نفسه اليمنية الأصيلة أن يحط من قدر ذلك الجيش الذي ظل يحاربه لسنوات أو يقلل من شأنه وكفاءته وخبرته لا لشيءٍ إلا لأنه يرى في ذلك انتقاصاً من وطنيته وبخساً بحق وطنه.

أمام رجلٍ وطنيٍ غيورٍ لا ينبغي له ولمثله أن يكون (عبداً) لإيران كما ظل ولازال يقال عنه أو غير إيران أو يقبل بأن يجعل من نفسه مطيةً لأي أجنبيٍ يريد الوصول أو النيل من وطنه.

أمام رجلٍ رأى في أمريكا وإسرائيل وأزلامهم أنهم سر شقاءنا وبلاءنا فدعا إلى رفض ومقاومة كل شيءٍ يقودنا إلى الانبطاح عند أقدامهم أو الانصياع لسياساتهم وأوامرهم !

أمام رجلٍ يرى في تحرير فلسطين والمسجد الأقصى هدفاً سامياً لا حياد عنه وفي التطبيع أو السلام مع الكيان الصهيوني تآمراً وخيانة !

أمام رجلٍ كل ذنبه أنه حمل على كاهله مشروعاً تنويرياً مقاوماً لأعداء الأمة وكل أذيالهم وأذنابهم من بني جلدتنا، مشروعاً اجتهد وناضل من أجله وأجل أمته !

أمام رجلٍ حرٍ وشجاعٍ وشامخٍ ومتسامحٍ، رجلٍ (ثائرٍ) وليس (متمرد) !

هكذا وببعض كلماتٍ معدوداتٍ تضمنها ذلكم الحوار عرفت حقيقة الرجل وفهمت شخصيته التي لو تم فهمها وإعطاؤها حجمها وقدرها لكان أوفر كلفةً لأولئك الذين ظلوا ومازالوا يلقون عليه التهم جزافاً ويخلعون عليه الأوصاف الزائفة يمنةً ويسرةً فقط لمجرد التوهم والظن أو الحقد غير المبرر على الرجل وبدون أي دليلٍ أو شاهد إثبات.

أعلم جيداً ومسبقاً من أنني لن أسلم من غمزات ولمزات البعض بتهمةٍ أو بأخرى، ولهم أقول: اطمئنوا.. لست مطبلاً ولا متزلفاً ولا متملقا ولا أرجو من وراء ذلك شكراً ولا تقديراً ولا أي شيءٍ من هذا القبيل سوى أنني حاولت أن أنقل إليكم موقفاً مشرفاً استنبطته ذات يومٍ من تلقاء نفسي عن شخصية هذا الرجل.

فإذا كان السيد عبد الملك بالنسبة لكم هو المشكلة، فهذا هو السيد وهذه هي شخصيته، ليست كما تتوهمون وتتصورون أو كما ظل يصورها لكم أعداءكم وأعداءنا جميعاً لحاجاتٍ أو غاياتٍ في نفوسهم، وبالتالي فلا أدري بصراحة ما الذي يمنعكم من أن تتنازلوا قليلاً وتتقاربوا مع هذا الرجل وتمدوا إليه أيديكم كما ظلت يداه ومازالت ممدودةً إليكم ؟!

ما الذي يمنعكم من أن تلتقوا على كل ما فيه خير وسلامة اليمن بدلاً من التنطع على أبواب بن سلمان وبن زايد وغيرهم أملاً فيما قد يجودان به عليكم من وعودٍ عرقوبيةٍ طالما اعتقدتموها مواقف وهي في الأصل كما علمتم مؤامراتٌ وأفخاخٌ الهدف منها الإيقاع بكم والنيل منكم في آخر الأمر خاصةً وأن لكم تجارب مريرة سابقة وأخرى لازالت (طرية) أو حديثة العهد معهم ؟!

فالرجال وكما ألمحت لكم مسبقاً تعرف بالمواقف وليس بصرف الوعود والأماني، فهلا التقمتم الرسالة ؟!

 

You might also like