كل ما يجري من حولك

إعلان الانفصال ومشاريع التفتيت التي يرعاها التحالفُ في الجنوب

577

تبرز العديد من التساؤلات حول الهدف والمغزى من بيان المجلس الانتقالي الجنوبي الأخير، والذي اعتبر بمثابة إعلان رسمي للانفصال وبرعاية مباشرة من السعودية والإمارات معا.

من أبو ظبي أطل عيدروس الزبيدي، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتيا ببيان إعلان ما أسماه الإدارة الذاتية للجنوب، عبر فرض سلطة مجلسه على المحافظات التي يسيطر عليها، منذ أغسطس من العام الماضي، بعد انقلابه على حكومة هادي التي اتخذت من عدن عاصمة مؤقتة لها، وتقويض وجود هذه الحكومة في عدن والمحافظات المجاورة لها كالضالع ولحج وأجزاء من أبين مسقط رأس الرئيس هادي.

البيان الذي أعلنه المجلس الانتقالي الجنوبي واعتبر انقلابا ثانيا على حكومة هادي وعلى اتفاق الرياض الموقع من قبل الطرفين في الخامس من نوفمبر من العام الماضي، جاء ليعمق الأزمة الجنوبية، ويعقد الأوضاع بصورة غير مسبوقة،خلافا للسيناريوهات التي كانت متوقعة، حسب التحركات الميدانية والسياسية، سواء من قبل طرفي الصراع الجنوبي ممثلين بحكومة هادي التي تضم خليطا من المكونات الشمالية والجنوبية متعددة الولاءات وعلى رأسها حزب الإصلاح المدعوم من قطر وتركيا،  والمجلس الانتقالي الجنوبي الذي يدين بالولاء لأبوظبي صاحبة الفضل الأول والأخير عليه، أو من قبل السعودية التي قدمت نفسها كراع للتسوية بين الطرفين، وضامن لإنجازها.

تفاوتت السيناريوهات التي سبقت إعلان الانتقالي الانفصال، أو ما أسماه الحكم الذاتي للجنوب، فبالنظر إلى التحشيدات الميدانية من قبل طرفي الصراع، كانت المؤشرات تتجه نحو معركة تم التحضير لها جيدا من قبل الطرفين لتكون الحاسمة، فجاء التدخل السعودي ليحرف البوصلة نحو إنجاز للتسوية بما يضمن استمرار السيطرة السعودية على الجنوب عموما عبر قواتها المتواجدة على الأرض، فيما تظل حكومة هادي والانتقالي رهن القرار السعودي، ومجرد بيادق يتم تحريكها على رقعة الشطرنج، دون تمكينها حتى من اختيار مواقعها على الخارطة.

لم يكن الانتقالي يمتلك من القرار ومن الجرأة ما يمكنه من الإقدام على إصدار بيانه الأخير، سيما بعد تآكل شعبيته مؤخرا جراء انكشاف حقيقة تغنيه بالقضية الجنوبية التي لم تكن سوى نوعا من المزايدة السياسية من أجل مكاسب سلطوية لا أكثر، ومقابل حالة الضعف التي يمر بها الانتقالي، كانت الوساطة السعودية في الظاهر تقف حائلا بينه وبين الخطوة التي أقدم عليها، والتي اعتبرتها حكومة هادي نسفا لكل ما تم الاتفاق عليه، وهو الأمر الذي اعتبره مراقبون دليلا على أن الانتقالي أصدر بيانه بضوء أخضر من التحالف، وبتوافق ودعم من كل من أبو ظبي والرياض على السواء، بدليل الصمت السعودي وعدم تحريك ساكن تجاه بيان الانتقالي الآنف الذكر.

وفي ضوء الافتراض المطروح بدعم السعودية والإمارات بإعلان الانتقالي الانفصال، فإن القراءة الأقرب لأهداف التحالف السعودي الإماراتي، وراء دفع الانتقالي إلى هذا المنزلق الخطير، هي في المقام الأول إتاحة المجال أمام التوجهات التفتيتية في الجنوب، والقضاء على ما تبقى من لُحمته، وبما يقود إلى فتح صراعات جديدة من منطلقات مناطقية وسياسية وفئوية، سيما في ظل الانقسامات الحاصلة في النسيج الجنوبي واتساع نطاق المشاريع المتضاربة حتى ما بين محافظاته التي لم تعد مستعدة للقبول بتسلط منطقة أو جماعة كما حدث في فترات حكم سابقة سواء قبل الوحدة أو بعدها.ِ. وبذلك تكون السعودية والإمارات قد غملتا على نقل الصراع الجنوبي إلى أطوار متقدمة تضمن لهما استثمار هذا الصراع في تحقيق اجنداتهما ومخططاتهما.

YNP-تقرير/ عبدالله محيي الدين

اعلان الانفصال ومشاريع التفتيت التي يرعاها التحالف في الجنوب

You might also like