كل ما يجري من حولك

عادوا إلى حضن الوطن.. ويبقى الفراقُ خيرَ دليلٍ

262

 

إكرام المحاقري

بعد فراقٍ طال أمدُه عدّة أعوام، عاد عددٌ لا بأسَ به من الأسرى الأحرار إلى حضن الوطن الدافئ ليعود الأملُ لمن أفتقد عزيزَه من أهاليهم، ولمن تبقّى خلفَ قضبان سجون العدوان، وليبقَ الحَـقُّ مرفرفاً رأيته على مرِّ التاريخ بأنَّ اليمنَ بشعبه الصامد سيبقى شوكةً في حلق العدوّ، وها هو الأسير اليمني يسجد لله حمداً وشكراً على نعمتين، أولهما نعمةُ الاصطفاء، وثانيهما نعمةُ النصر والتمكين والفرج الذي هو نتيجةَ الصبر والثبات..

من هنا فليبدأ مشوارُ الكفاح من جديدٍ لمن ذاقوا أنواعَ الموت وتجرّعوا علقمَ التعذيب، ولنسمع القصص بتمعن؛ لنعيَ ما سيقوله الأبطالُ وهم يقصون علينا حكايا صبرهم وحقارةَ العدوّ المتصهين، وسيتجلّى للعالم الفرقُ في من نحن ومن هم، وكيف نحنُ نعامل أسرَاهم وكيف هم يعاملون أسرانا، وماذا عن الصليب الأحمر عندما يشهد بنفسه حقارةَ سياسة السجون القابعة تحت سيطرة قوى الإجرام العدوانية؟!، هل هناك من سيقول لهم كفوا أيديكم؟!..

نعم عاد الأسرى، لكنَّ لحظات عودتهم امتزجت الأفراحُ بالأحزان، فمنهم من لم يستطع الوقوفَ على قدميه، ومنهم من أصبح ظهرُه محفوراً بسياط التعذيب، ومنهم من فقد عينه، ومنهم من بدأ يفقد عقلَه، وجميعهم دخلوا صفحات التاريخ بصبرهم الذي يُعتبر ثورةً مجيدةً في وجه الظلم، ويبقى الوطنُ مديناً لهم بحريته واستقلاله..

وها هم أسرى العدوان يَنْعمون بالخير ويتمتعون بالعافية وكأنهم في رحلةٍ سياحيةٍ أَو دورةٍ ثقافيةٍ كحال المجاهدين في بداية انطلاقتهم، فذاك الأسير السعوديُّ الذي ألمَّ به داءُ فيروس الكبد قد رحل من اليمن وهو يلوح بكلتا يديه مودّعاً اليمنَ ورجالَها الأبطالَ، أما أسرانا قد رحلوا من أرضِ نجد وحجاز وهم يقولون: ألا لعنةُ الله على الظالمين، وغيرهم يقول: نحنُ اليومَ في الجنة وقد أخرجنا اللهُ من جهنم سجون أذناب أمريكا وإسرائيل، نعم يوجد فوارق كثيرةٌ ويبقى الدينُ الصحيحُ هو نهجَ اليمنيين في جميع ساحات المواجهة مع العدوِّ سواءً السياسيّة والعسكريّة وغيرها..

عودةٌ محمودةٌ أيها الأبطالُ، نفوسنا لكم الفداء، فالوطنُ اليومَ مبتهجٌ بعودة أبنائه الصادقين ومنتظرٌ الفرجَ العاجلَ لمن تبقّى من الأسرى في سجون العدوان المعلن عنها والسرية، فلكم العزةُ والكرامةُ والسموُّ أيها الأحرار، وللعدوان النكالُ، ولا نامت أعينُ الجبناء.

You might also like