على وَقْعِ تصاعد الانتقادات الدوليّة تجاه انتهاكات حقوق الإنسان في المملكة العربية السعودية، وكذا المطالب الدولية بإجراء تحقيقات شفّافة في نتائج العمليات العسكرية والضربات الجوية التي ينفذها «التحالف» بقيادة السعودية في اليمن منذ مارس 2015م، تسعى السلطات السعودية والإماراتية لتعزيز شرعية عمليّاتهم العسكرية، والتي بالمقابل يتزايد تعداد ضحاياها من المدنيين وخاصة في أوساط الأطفال، 
وفي هذا السياق، عاد الرئيس عبدربه منصور هادي ، من العاصمة المصرية القاهرة، الى الرياض، بعد زيارة رتّب لها السفير الامريكي لدى اليمن ماثيو تولر ، التقى خلالها الرئيس هادي عدداً من أعضاء الكتلة البرلمانية لحزب «المؤتمر الشعبي العام»، في مقدمتهم رئيس الكتلة الشيخ سلطان البركاني، والذي يشغل أيضاً منصب الأمين العام المساعد في الحزب.

وئام مؤتمري وتوافق سياسي يمني
مصادر سياسية رفيعة في العاصمة المصرية القاهرة، كشفت لـ«العربي» نجاح الرئيس هادي في خلق نوع من الوئام بين معظم نواب «المؤتمر»، الذي يمتلك أغلبية مقاعد مجلس النواب، على أمل عقد جلسة برلمانية لمجلس النواب اليمني في القاهرة، بعد تعذّر انعقادها في عدن، بذرائع ما وصف بالانفلات الأمني هناك. وتحدّثت المصادر عن توافق سياسي بين الكتل البرلمانية للأحزاب (الاصلاح، الناصري، الاشتراكي، المؤتمر) على رئاسة النائب سلطان البركاني للجلسة المؤمّل انعقادها خلال العام الجاري 2018م.

تسّرب برلماني من سلطات صنعاء
وحول قضيّة النّصاب القانوني لصحّة اجتماعات مجلس النواب، الذي يشترط لذلك حضور أكثر من نصف أعضائه، توقّعت المصادر اكتمال النّصاب القانوني لعقد اجتماعات مجلس النواب خارج اليمن، وذلك بتسرّب عشرات النّواب في الآونة الأخيرة من المحافظات الواقعة تحت سلطات حكومة «الإنقاذ الوطني» في صنعاء الى عدن، ومن ثمّ نقلهم إلى القاهرة، منوهةً إلى وصول 10 نواب دفعةً واحدة أواخر يوليو الماضي.

تشكيك قانوني
وقال نائب في كتلة «المؤتمر» طلب التّحفظ على هويته لـ«العربي»، إنه «إذا ما استبعدنا المقاعد الخالية بسبب الوفاة يكون النصاب القانوني لعقد جلسات المجلس قد أوشك على الاكتمال، شريطة حضور جميع النواب المتواجدين خارج اليمن الجلسة». وشكّكت مصادر قانونية في شرعية عقد أي جلسة للبرلمان اليمني خارج الأراضي اليمنية، مشيرةً في هذا الصدد الى أنّ الدّستور اليمني يحدّد العاصمة صنعاء مقراً لمجلس النواب وعقد جلساته، و«تحدّد اللائحـة الداخلية الحالات والظروف التي يجوز فيها للمجلس عقد اجتماعاتـه خارج العاصمة»، أي في محافظات أخرى وليس خارج اليمن!

سابقة تاريخية!
وكان لافتاً خلال زيارة الرئيس عبدربه منصور هادي للقاهرة، حرص السّلطات المصرية على تنظيم زيارة للرئيس هادي والوفد البرلماني المرافق له، لمقرّ مجلس النّواب المصري، وذلك بمعيّة رئيس مجلس النواب المصري، علي عبدالعال، وعدد من اعضاء مجلس النواب المصري.

في تعليقه على مساعي عقد جلسة للبرلمان اليمني في القاهرة، يرى المحامي القانوني، جمال الجعبي، أنه «في حال وقع ذلك… فهذا معناه أنّ الحوثيين والانتقالي يمتلكون الأرض… شمالا وجنوبا، وهادي يدير شرعية المنفى في المنفى ومن المنفى…»، مضيفاً «طبعاً هذا لا يؤثر على حقيقة أن انعقاد المجلس فى مصر يعني أن هادي جاء بما لم تستطعه الأوائل… وحقق سابقة تاريخية لم نسمع بها من قبل ولن نسمع بها من بعد»…

اشتراطات البركاني
وفي الشّأن الدّاخلي والتنظيمي لحزب «المؤتمر الشعبي العام»، تقول مصادر سياسية حضرت لقاء القاهرة، إنّ «وساطات تمهيدية قادها القياديان في حزب المؤتمر، رشاد العليمي وحمود خالد الصوفي، بين الرئيس هادي والشيخ سلطان البركاني بطلب من السفير الامريكي لدى اليمن، انتهت إلى تحقيق تفاهمات لعقد اللقاء في العاصمة المصرية القاهرة»، وبحسب المصادر فقد اشترط أمين عام مساعد «المؤتمر» الشيخ سلطان البركاني، أن يقدّم الرئيس هادي طلباً خطيّاً لمجلس الأمن برفع اليمن من تحت الفصل السابع، ورفع اسم نجل الرئيس السابق، احمد على عبدالله صالح من العقوبات المنصوصة في القرار الاممي 2216 بشأن اليمن، كما اشترط البركاني لانعقاد اللقاء أن يقتصر حضور الرئيس هادي على صفته الرسمية كرئيس للجمهورية، واستبعاد أي صفة تنظيمية له داخل حزب «المؤتمر»، الأمر الذي كان لافتاً بوضوح من خلال شعار اللقاء الذي جاء تحت يافطة «اللقاء الموسع للقيادات المؤتمرية برئاسة فخامة رئيس الجمهورية، عبدربه منصور هادي»!

تفهّم هادي
وقالت مصادر سياسية مطّلعة في كتلة المؤتمر البرلمانية لـ«العربي»، إنّ الرئيس هادي تفهّم اشتراطات البركاني في ما يتعلق بصفته التنظيمية داخل الحزب، في ظل وجود قرار تنظيمي بفصله مع 4 آخرين من قيادات «المؤتمر»، على خلفية «تأييدهم العدوان والغزو والإحتلال» وتفريطهم بسيادة الوطن واستقلاله، ومخالفتهم «نصوص الميثاق الوطني وبرنامج العمل السياسي والنظام الداخلي واللوائح المنظمة لعمل المؤتمر الشعبي العام وتكويناته». وبالنسبة للشرط الأول اكتفت المصادر بالإشارة إلى أنّ هادي ألقى بالكرة في ملعب السفير الامريكي، مشيرة إلى أن «الرئيس هادي يبدو انه اكتفى في هذه المرحلة بانتزاع اعتراف بشرعيته الدستورية كرئيس للجمهورية، وليس رئيساً منتهية ولايته او مستقيل، كما يجري توصيفه عند بعض نواب المؤتمر». 

رئاسة «المؤتمر» إلى مرحلة لاحقة!
وأثار لقاء هادي – البركاني في القاهرة موجة اتهامات تخوينية للطرفين على شبكات التواصل الاجتماعي، تضمّنت سخرية لاذعة على شاكلة «إمّا أن يكون هادي بدأ هيكلة المؤتمر، أو أنّ البركاني بدأ تصفير العدّاد لهادي»، كعبارات سياسية شهيرة باتت لصيقة بالرّجلين في سجالات المنتديات السياسية وأحاديث المجالس العامة..!