كل ما يجري من حولك

مبادرات لفتح ممرات إنسانية : من يحاصر تعز؟!

462

متابعات:

تسبّبت الحرب الدائرة في مدينة تعز، منذ قرابة أربعة أعوام، بإغلاق جميع الطرق والمنافذ الرئيسة المؤدّية من وإلى المدينة، ما جعل المسافرين وسائقي المركبات يسلكون طرقاً جديدة، غالباً ما تكون إلتوائية ووعرة وتستغرق وقتاً طويلاً، بعد أن كانوا يقطعون مسافة 10 كيلومترات عبر منفذ جولة الحوبان الرئيسي شرقاً.

«الحرب قطعت كل شيء»، هكذا يصف السائق محمد الحفيصي حال الطريق إلى تعز. ويقول لـ«العربي»: «180 كيلو قطعتها بثمان ساعات من الحوبان إلى وسط المدينة، بعد أن كنت أقطعها بأقل من ربع ساعة».

جهود حثيثة

وعلى الرغم من الجهود الحثيثة التي بذلتها «اللجنة المجتمعية»، وغيرها من المبادرات والوجهات المجتمعية، لفتح معبر إنساني يخفف من معاناة أهالي المدينة التي تتعرض لأطول أنواع الحصار على مستوى مدن العالم، فإن كل تلك الجهود كانت تتعثر وتصل في كل مرة إلى طريق مسدود. فقبل قرابة عام ونصف العام، قادت «اللجنة المجتمعية»، والتي تضم قيادات سياسية واجتماعية وعسكرية من أبناء تعز ومن جميع الأطراف، مبادرة تقضي بفتح معبر صالة، شرق مدينة تعز.

وتوصلت اللجنة إلى اتفاق مبدئي لفتح مداخل المدينة. ونصت مسودة الإتفاق على البدأ بخطوات تنفيذية لفتح الممرات المتفق عليها من قبل أعضاء «اللجنة المجتمعية»، وبدعم من المبعوث الأممي السابق إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد. وفي سياق المفاوضات لفتح المعابر الإنسانية الآمنة لمدينة تعز، يشار إلى أن عضو المجلس السياسي لحركة «أنصار الله»، سليم مغلس، كان قد أعلن أن «جماعته رتبت لفتح منفذ إلى وسط مدينة تعز».

وأضاف مغلس أن «المعبر الذي سيتم فتحه يمر عبر حي صالة شرقي المدينة، وجاء حرصاً على تخفيف الأعباء التي يعانيها أبناء تعز»، بحسب قوله. كما دعا مغلس إلى التعاون المسؤول من الجميع مع تلك الجهود لأجل مصلحة المواطنين والتخفيف من معاناتهم، ويقصد بذلك طرف «المقاومة الشعبية» الموالية لحكومة عبدربه منصور هادي، إلا أن تلك المبادرة، لم تلق أي استجابة من قبل قيادات المقاومة والقوات الموالية لهادي في تعز.

طريق مسدود

ممثل «اللجنة المجتمعية»، عن حركة «أنصار الله»، القاضي أحمد أمين المساوى، أكد في حديث إلى «العربي»، أن «الإعلان والموافقة كان قد تم من قبلهم عن فتح طريق صالة أبعر، بإتجاه نقيل الإبل.

أعلن أبو العباس في بيان أنه رافض لهذه الخطوة التي طرحها أنصار الله للتخفيف من معاناة أبناء تعز، وتوقفت الأمور في حينها، كون الطريق التي تم اقتراح فتحها يقع جزء كبير منها تحت سيطرته».

وأضاف المساوى، أن «كل الجهود التي تبذل من قبل قوات أنصار الله، لفتح معبر إنساني في تعز، يقومون بعرقتله»، لافتاً الانتباه إلى أن «الإصلاح بعدها نفذوا زحفاً على منطقة أبعر في ذلك الحين، وأفشلوا الفكرة».

من جهتها، أكدت الناشطة الحقوقية، أروى المقطري، في حديث إلى «العربي»، أنها وعدد من الواجهات الاجتماعية، كانت قد شكلت مبادرة للتواصل مع كل الأطراف داخل تعز وخارجها «بهدف فتح معبر انساني آمن يخفف من معاناة أبناء المدينة، ولكن دون جدوى».

وكشفت المقطري أن «المبادرة كانت قد توصلت إلى حلول، لكن المعيق كان من داخل تعز»، موضحة أنه «لا توجد قيادة أمنية داخل المدينة تتحمل مسؤولية فتح معبر، فالجيش في تعز مجرد مليشيا مسلحة يتبع الحزب، ولن يستطيع تأمين المسافرين، وهنا تكمن المشكلة».

وأشارت إلى أنه «يجب المطالبة بقوات حفظ السلام الدولية للإشراف على معبر إنساني لتعز وليس هناك حل أخر غيره».

مبادرة جديدة

اليوم، وبعد كل تلك الجهود التي أخفقت في فتح أي معبر إنساني آمن يخفف من معاناة أبناء تعز، عاد الحديث إلى الواجهة مجدداً. فمنذ قرابة نصف عام، تبذل مبادرة «نساء من أجل الحياة»، والتي تضم مجموعة من القيادات النسوية في المجتمع، واللواتي كن لهن دوراً بارزاً خلال الفترة الماضية سواء على المستوى المحلي أو الوطني في القضايا الإنسانية، والاجتماعية، جهوداً كبيرة لفتح معبر إنساني آمن لمدينة تعز».

آخر تحركاتها تسليم رسالة إلى المستشار السياسي ومسؤول ملف تعز في مكتب المبعوث الأممي إلى اليمن، سامر أبو جباره، في الأردن، تطالب بفتح طرق إنسانية آمنة للمدينة.

لن نغوص في التفاصيل أكثر، ولكننا سنذهب للإجابة عن سؤال واحد، وهو هل ستنجح نساء تعز فيما أخفق به رجالها؟

عضو الفريق، صباح الشرعبي، أوضحت في حديث إلى «العربي»، أن «مبادرة فتح طرق إنسانية في محافظة تعز، أطلق من قبل الفريق في مايو عام 2018، بهدف التخفيف من معاناة المواطنين». وأضافت أن «الفريق وضع خطة عمل تتمثل في عقد لقاءات مع الأطراف المعنية في محافظة تعز، وكذلك منظمات أممية للضغط على أطراف النزاع بفتح الطرق أمام حركة المواطنين والمواد الغذائية والإغاثة الإنسانية».

وتابعت الشرعبي أن «الفريق التقى الأربعاء الماضي بمحافظ تعز أمين محمود، لمناقشة عدد من النقاط، من بينها فتح ممرات إنسانية آمنة»، مشيرة إلى أن «المحافظ أكد أنه ليس لديه أي تحفّظ حول فتح الممرات، وأنه مستعد لإجراء ترتيبات عسكرية على الأرض في ما يتعلق بالمناطق المقرر عبرها فتح تلك المنافذ».

وأفادت الناشطة الحقوقية، وعضو فريق «نساء تعز»، صباح الشرعبي، بأن «الفريق التقى في وقت سابق بمدير مكتب الاوتشا في عدن، وسلمه رسالة رسمية تطالب الاوتشا بالضغط على الأطرف من أجل فتح طرق انسانية، كما سلم الفريق أيضاً رسالة رسمية من محافظ تعز، إلى مكتب المبعوث الأممي إلى اليمن مرتن جريفيث في الأردن، تتضمن دعم المحافظ لكل المبادرات التي تسعى إلى تخفيف المعاناة عن المدنيين وتطالب المبعوث الأممي بالضغط من أجل فتح طرق إنسانية».

ولفتت الشرعبي، إلى أن «الفريق سلم أمس السبت، رسالة، إلى مسؤول ملف تعز في مكتب المبعوث الأممي إلى اليمن، سامر أبو جباره في الأردن، تطالب المبعوث الأممي بالضغط من أجل فتح طريق إنسانية والقيام بالإشراف عليها»، مشيرة إلى أن «هناك تفاهمات إيجابية، ولدينا تفائل كبير بالنجاح كون الفريق لا يمثل أي طرف سياسي، بقدر ما يهدف إلى التخفيف من معاناة المواطنين».

وفي المقابل، أكد ممثل «اللجنة المجتمعية» عن حركة «أنصار الله»، القاضي أحمد أمين المساوى، في حديث، لـ«العربي»، أنه «ليس هناك أي تنسيق معهم أو مساعي حتى الآن من أي طرف، حول فتح معبر إنساني».

وأوضح أنهم سبق وأن قدموا «المبادرات لفتح معابر إنسانية آمنة، ولكنهم كانوا يقفون ضدها في كل مرة».

من يحاصر تعز؟

ويرى سياسيون، أن «عدم الجدية من قبل قوات الشرعية في مهمة فتح الحصار عن تعز عسكرياً، يرتبط باستخدام الحصار كورقة ضغط سياسي على طاولة المفاوضات التي تجري بين الحين والآخر بصدد الوصول إلى تسوية سياسية».

ويشير مراقبون، إلى أنه «وقبل كل محاولة لدفع الأطراف للعودة إلى المفاوضات، تُحرك قيادة التحالف العربي جبهات تعز عسكرياً، ويعود الحديث عن حصار تعز وفتح ممرات إنسانية آمنة».

الكاتب والصحافي، أنس القاضي، أوضح في حديث إلى «العربي»، أن «فشل الدعوات السابقة لفتح معبر إنساني لتعز مرتبط بالتسوية السياسية في ظهران الجنوب والكويت، وبفشل تلك المفاوضات فشلت كل المسارات المرتبطة بها».

وأكد القاضي، أن «الدعوات الحالية لفتح معبر لا يُمكن تحديد طرف واعتباره خلفها، إنما من المهم معرفة أن هذه الدعوة، وبغض النظر عمن يطلقها، فإنها تعكس ضرورات اجتماعية لأبناء تعز بمختلف طبقاتهم الاجتماعية وإنتمائاتهم السياسية، الذين هم بحاجة لفتح معبر لتيسير إشباع مصالحهم واحتياجاتهم اليومية وحقوقهم الانسانية في التنقل».

وأضاف الكاتب والصحافي أن «فتح معبر سيكون موثقاً للوحدة الوطنية التي تمزقها الحدود الوهمية الطارئة الناشئة عن الصراع العسكري المحلي، المنعكس عن التدخل العسكري السعودي – الاماراتي في اليمن».

ويعتقد أنه «إذا كانت هذه اللجان والتحركات الاجتماعية إجتماعية فعلية مرتبطة بالوضع الاجتماعي ومعبرة عنه، وليست مجرد امتداد لتسوية سياسية، ففي هذه الحالة سيكون مصير هذه الدعوات النجاح».

(مفيد الغيلاني – العربي)

You might also like