كل ما يجري من حولك

الآثار اليمنية: مَن يوقف النهب والتدمير؟!

898

متابعات:

تعرضت آثار اليمن طيلة حكم الرئيس الراحل علي صالح للتدمير والنهب والسرقة والتهريب بشكل منظم ومدروس، خصوصا الآثار التي لم تكن مقيدة أو مؤشرة في سجلات الآثار اليمنية أو المكتشفة حديثا، وقد كانت تطفو على السطح أخبار من هذا القبيل بين فينة وأخرى، بيد أنها لا تلبث أن تتلاشى. لكن عمليات النهب والتدمير قد تزايدت منذ العام 2011، واشتدت منذ العام 2015م، ولم يتوقف الأمر عند ذلك فحسب، بل أصبحت الآثار والمناطق الأثرية عرضة للقصف والتدمير نتيجة للحرب الدائرة في البلد منذ أكثر من ثلاث سنوات على التوالي.

الآثار المسجلة ونهب المتاحف

لقد تعرضت المتاحف اليمنية على مدار السنوات الأخيرة للنهب، وبالمقابل لم تتمكن أجهزة الدولة من القيام بواجبها حيال ذلك، فقد تعرض متحف السلطان القعيطي في المكلا للنهب في العام 2013، ولم يتمكن أحد من استعادتها آثاره، وبالمقابل تعرض متحف صنعاء الوطني في العام 2013 لنهب مخطوطاته وسيوفه الأثرية، وأثيرت ضجة إزاء ذلك وكانت خيوط الجريمة قد بدأت تتكشف، غير أن ثمة أياد خفية أوقفتها.

كما تعرض متحف زنجبار في أبين للنهب والتدمير مع دخول تنظيم «القاعدة» إلى المدينة، ومتاحف أخرى كمتحف تعز وبيحان في شبوة والضالع، وقد تعرض متحف ذمار لقصف الطيران في العام 2015، وتدمرت على إثر ذلك معظم قطعه الأثرية واختفت أخرى.

ليست المتاحف وحدها التي تعرضت للسطو والتدمير فحسب، بل والأماكن الأثرية أيضا، إذ تم تدمير قلعة القاهرة في مدينة تعز جراء القصف، وتقف مدينة زبيد تحت خط التهديد، كما أن مقاتلين محسوبين على جهات متطرفة قاموا بتدمير معظم الأماكن الأثرية والأضرحة والقباب في كل من تعز والمخا والمكلا، التي تعود إلى حقب تاريخية متعددة.

وفي ذلك يقول الباحث في الآثار طاهر سليمان في حديث خاص مع «العربي»: «لقد باتت آثارنا معرضة للتدمير والنهب بشكل منظم من قبل جهات تعمل في التحالف، أو تعمل في القوى المدعومة من قبله، لا سيما دولة الإمارات التي تنمي دور القوى السلفية المعادية للآثار والمناطق الأثرية بحجة أنها محرمة، ولا يجوز أن يبقى منها شيء في بلدنا»، ويؤكد سليمان أن هذه القوى التي يصفها بالمتطرفة «لا تفقه في القيمة الحضارية للشعوب وتاريخها»، ويطالب التحالف بـ«سرعة وقف عملياته العسكرية في المناطق الأثرية التي تمثل هوية الشعب والبلد».

تجارة دبلوماسية

تؤكد مصادر مطلعة لـ«العربي» أنه إبان حكم علي صالح كانت سفارات بعض الدول تعمل على شراء الآثار والمخطوطات اليمنية من «تجار ومهربين محميين دبلوماسيا»، وأن الأجهزة المختصة في الدولة كانت «على اطلاع مباشر على عمليات السطو والتهريب، لكنها لم تكن تحرك ساكنا بل كانت تتواطأ مع المهربين والباعة والدبلوماسيين بمقابل مادي».

هذه المعلومات يؤكدها المتخصص في الآثار محمد أحمد، الذي ذكر «أن الملحق الثقافي الإماراتي كان يقوم بشراء المخطوطات والآثار اليمنية وتهريبها إلى الإمارات وغيرها، ابتداء من العام 2004 حتى العام 2011»، ويضيف «أن العام 2006، و2007م يعد العهد الذهبي بالنسبة إلى الملحقية الثقافية الإماراتية في هذا الموضوع».

وفي سؤال له عن ما إذا كانت الإمارات أو بعض دول «التحالف» تقوم بالفعل نفسه الآن، أجاب أحمد أن «الموضوع سالك الآن للإمارات أكثر، فلم يعد هناك ما يكبح جماحها بعد أن باتت هي المسيطر على معظم المداخل والمخارج لليمن»، ويضيف «لقد سمعنا كيف تقوم بتهريب مقدرات ومقومات البلد وحضارته في عدن وحضرموت والمهرة وسقطرى»، ويشدد على «أن حكومة بن دغر وعبد ربه هادي هم المسؤولون بشكل مباشر على ما يحدث من نهب وتجريف للآثار اليمنية»، ويطالبهم بـ«تحمل المسئولية وإلا فإن التاريخ لن يسامحهم وسيعتبرون شركاء في كل ما يحدث».

تهريب منظم

لم يقتصر تهريب آثار اليمن على الدبلوماسيين فحسب، بل قام بتهريبها يمنيون كجنرالات صالح، وقد كشفت كاميرا قنوات يمنية ما تم العثور عليه في منزل الجنرال مهدي مقولة، قريب صالح وأحد أذرعته، بالإضافة إلى ما قام بتهريبه اليهود إلى إسرائيل من مخطوطات قيمة، وأهمها أقدم مخطوطة للتوراة والتي يعود تاريخها إلى 500 سنة، وقد ظهر اليهود بمعيتها في صورة مباشرة مع رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو.

إن المتابع لما يحصل للآثار اليمنية من تجريف، يدرك أن قوى متعددة معادية للأرض والإنسان ومقدرات البلد من داخله وخارجه قد تضافرت في عمليات النهب والتدمير، وقد بات من الملح مناشدة المنظمات العالمية لتسليط الضوء على ما يحدث لآثار هذا البلد، وأن تحاول أن تجيب عن السؤال الذي يطرح نفسه، وهو هل يستطيع اليمن مستقبلا استعادة ما تم تهريبه إلى الخارج وإعادته إلى منبته الأصلي؟

(العربي)

You might also like