أثار قرار الرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي، القاضي بتبديل رئيس هيئة الأركان العامة في القوات التابعة له، جدلاً سياسياً واسعاً. وتنوعت الأسباب التي ساقها المراقبون والمحللون والمتابعون لتلك الخطوة، ما بين جمود الجبهات والفساد والمالي والإداري وغيرها من التخمينات.
مصادر مقربة من اللواء محمد علي المقدشي، الرئيس السابق لهيئة الأركان العامة، وصفت، في تصريح لـ«العربي»، الحديث عن أن إقالته عائدة إلى جمود جبهات نهم، واتهامه بإعاقة التقدم في هذه الجبهة، بأنه «سبب ملفق وغير صائب، إذ إن من يتحكم بالمعركة هو التحالف العربي والسعودية وليس المقدشي أو غيره من القيادات»، مضيفة أن «الفشل في جبهة نهم ما هو إلا جزء من منظومة فشل الشرعية والتحالف العربي في جميع أرجاء الوطن».
وذكّرت المصادر بـ«جبهات تعز وجبهات ميدي وجبهات الحدود وغيرها من الجبهات»، متسائلة عن «أسباب انحسار هذه الجبهات وغيرها من جبهات الجوف وما إلى ذلك من معارك جرت وتجري على الأرض، سجلت فيها الشرعية تراجعاً غير مسبوق». وقالت المصادر إنه «إذا كان المقدشي سبباً في عرقلة تقدم الشرعية في نهم وإعاقة معركة صنعاء، فستثبت الأيام ذلك من عدمه، ويثبت رئيس هيئة الأركان العامة الجديد ذلك، ويجعل مدافع الشرعية تعتلي في نهم وتصل إلى صنعاء، إذا كان المقدشي هو فعلاً من أسكتها». 

أما الحديث عن قيام المقدشي بمنح رتب وترقيات مخالفة للقانون ومجافية لطبيعة بناء القوات المسلحة، فإن مثل هذه الممارسة تعمّ معظم قيادات «الجيش الوطني»، وليس المقدشي إلا واحداً من أولئك الذين سخّروا مناصبهم لذلك الغرض. في هذا السياق، تفيد مصادر في «الجيش الوطني» بأن قيادات الألوية وقيادات المناطق وقيادات السلطات المحلية والأحزاب الموجودة بقوة داخل منظومة القوات الموالية لهادي ارتكبت جميعها ممارسات فساد، خصوصاً تيار «الإصلاح» الذي حوّل «الجيش الوطني» إلى ائتلاف حزبي، ويعمل وكأنه ضمن تجمع لأحزاب، كل طرف فيه يريد أن يفشل الآخر ويوقعه. هكذا، أضحى ما يقارب 40% من قوام «الجيش الوطني» وهمياً، وما يقارب 10% خارج الجاهزية، وحوالي 20% مكرراً (مزدوجاً)، وحوالي 23% غير متواجد، وأعضاؤه موظفون ضمن السلك المدني ولديهم عمل وظيفي آخر، طبقاً للمعلومات التي حصل عليها «العربي».
ومن المنطلق المتقدم نفسه، يعمل الجنرال علي محسن الأحمر، الذي يفرض سيطرته على قوات «الشرعية» في مأرب، وعلى هيئة الأركان العامة، بحسب ما تقول مصادر سياسية في الرياض، تؤكد أن قرار تغيير المقدشي جاء بإيعاز من نائب الرئيس، مضيفة أن العقيلي تم ترشيحه من قبل الأحمر وحزب «الإصلاح». وبحسب مراقبين، فقد نجح الجنرال محسن في تعيين أحد أتباعه رئيساً للأركان من خارج التراتبية العسكرية، ما يعني نية الجنرال تحويل «الجيش الشرعي» إلى فرقة أولى مدرع كبيرة.
وإذا كانت الفرقة سابقاً تنتقي ضباطها بعناية من أوساط الأسر النافذة، وفي الأطر القبلية، وكان تؤمن لهم مقاعد في الكليات العسكرية، برفقة الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر، فإن التراتبية القيادية لـ«الجيش الوطني» اليوم تأتي من خارج التراتبية المؤسسية المعمول بها في كل جيوش العالم، والتي تقتضي أن يكون رئيس الأركان قد سبق له أن تولى قيادة القوات البرية، وبما أنه لا قوات برية لدى اليمن، فإن شرط تعيين قائد للأركان يقتضي أن يكون قد شغل قائد منطقة، وهذه التراتبية نراها منعدمة لدى رئيس الأركان الجديد؛ إذ لا يوجد في رصيده القيادي سوى قائد لواء حديثاً، وفي ظرف استثنائي.
من جهة أخرى، وعما إذا كان لقرار تغيير رئيس هيئة الأركان العامة أي تأثيرات على المعسكرات والألوية المتواجدة في الجنوب، قالت مصادر عسكرية في عدن، لـ«العربي»، إنه لن تكون هناك أي تأثيرات على الواقع العسكري في الجنوب سواء من الناحية التنظيمية أو من النواحي الأخرى، لافتة إلى أن الواقع العسكري في الجنوب لا يخضع لا عسكرياً ولا إدارياً لإدارة هيئة الأركان في مأرب.