يعتقد البعض أن جنوح «حزب الإصلاح» كثيراً بتأييده لموقف دولة قطر في أزمتها السياسية الساخنة التي تعصف بعلاقتها بالدول الخليجية الأخرى، واشتداد حملته – أي «حزب الإصلاح» – السياسية والإعلامية ضد دولة الإمارات وقواتها بالجنوب وبالساحل الغربي اليمني، واعتباره لهذا الوجود العسكري احتلالاً صريحاً للأراضي اليمنية قد يكون عامل تعجيل بوقف الحرب، وأن هذا الموقف الإصلاحي قد يعمل على تفكيك وخلخلة «التحالف العربي» باليمن، خصوصاً وأن هذا الحزب هو العمود الفقري للسلطة الشرعية المعترف بها دولياً بقيادة الرئيس عبد ربه منصور هادي، وهي عملياً السلطة الشرعية بحكم هيمنتها على مؤسسة الرئاسة اليمنية وحجم وجودها ورضاء السعودية عنها، على الأقل بالوقت الراهن، وهذا الاعتقاد في تقديري غير صحيح بجزء كبير منه لعدة اعتبارات، منها:
– إن هذا الموقف الإصلاحي ترى فيه الإمارات توجهاً خطيراً نحوها، ليس فقط في بُعده السياسي أو ببُعده الإنساني والأخلاقي حيال الضحايا بهذه الحرب (كثير من المنظمات الحقوقية بالآونة الأخيرة كثفت من تقاريرها عن عدد الضحايا الذين يسقطون جراء القصف الجوي وحالات السجون التي يقال إنها تحت إشراف الإمارات بالجنوب، وأن فيها حالات انتهاكات إنسانية كثيرة، برغم نفي عدد من الجهات المحلية لتلك المزاعم)، بل خطراً عسكرياً مباشراً على قواتها مستقبلاً، في حال أن انتهت الحرب على هذا النحو بأية تسوية كانت، وبقي «الإصلاح» المسلح بذخيرة دينية وقبلية وعسكرية عند موقفه المعادي لها على هذا النحو. 

– من المنطقي أن تتوجس الإمارات من هذا الموقف العدائي الذي يبديه «حزب الإصلاح» تجاهها وتجاه قواتها، فإن كان موقف «حزب الإصلاح» على هذه الشاكلة وهو ما زال يتموضع معها – أي الإمارات – في خندقٍ واحد، فكيف سيكون موقفه في ما إذا حدثت تسوية سياسية و«الإصلاح» ما زال يحتفظ بهذا الموقف؟ بل كيف سيكون الحال الإماراتي في حال أن الحتم موقف «الإصلاح» المناوئ لها مع موقفَي جماعة الحوثيين (أنصار الله) وحزب الرئيس السابق صالح، الذين يخوضان حرباً ضد «التحالف» وضد الإمارات بالطبع، وينظران لها من ذات الزاوية التي ينظر منها «حزب الإصلاح» وهذا متوقع جدياً؟ بالتأكيد سيكون موقف الأطراف اليمنية (الحوثيين وصالح والإصلاح) المعادي للإمارات هو الجامع والموحد بينهما ولو مرحلياً، خصوصاً وأن «الإصلاح» بدأ على لسان كثير من قادته وعناصره ووسائل إعلامه المختلفة يشعر بأنه استدرِجَ تحت الحاجة للانتقام من الخصوم الداخليين إلى هذه الحرب استدراجاً، وأن كل آماله من «التحالف»، ومن الإمارات بالذات، في استعادة السلطة والقضاء على الانقلاييين أضحت آمالاً تذروها الرياح يوماً بعد يوم.
ويشعر أنه (الإصلاح) قد شارك باستبدال احتلال داخلي بآخر خارجي له مطامع لا حدود لها بالبر والجزر والبر، في ظل ما يعتبره هذا الحزب انشغالاً سعودياً داخلياً. يوم الخميس الماضي مساءً كانت قناة «الجزيرة» القطرية تعرض تقريراً عن النشاط الإماراتي بالجنوب وفي محافظة المهرة تحديداً. هذا التقرير الذي احتفى به كثير من إعلاميي «حزب الإصلاح» ونشطائه، صبَّ مزيداً من الملح على الجُرج الغائر بالعلاقات بين البلدين (قطر والإمارات)، حيث قال التقرير من جملة ما قاله: «إن الامارات توسع من أطماعها باليمن تحت غطاء الهلال الأحمر الإماراتي، مع تسارع، حيث طلبت الإمارات كشوفات عن قوات الجيش والأمن بالمحافظة، ووزعت عبر وجهاء المحافظات عدداً من السيارات لاستقطاب مزيد من الشخصيات، وأسندت هذه المهمة لشخصية مهرية (الشيخ العوبثاني الذي وفقاً لذلك التقرير يملك الجنسية الإماراتية)».
– ففي ظل استمرار التدخلات القطرية باليمن، وغموض الهدف الحقيقي السعودي بهذه الحرب،علاوة على عدم اكتمال تمكن الأمير محمد بن سلمان من الاستحواذ على مقاليد الأمور بالمملكة، والتخوفات الإماراتية من «إخوان» اليمن كما أسلفنا، وموقف الجماعة النفعية الجنوبية المحيطة بالرئيس هادي التي ترى بأية تسوية سياسية، بصرف النظر عن شكلها ومضمونها، بأنها ستقضي على ما تتمتع به من امتيازات ومكاسب. كل هذه العوامل وغيرها تجعل التكهن بتسوية سياسية شاملة وحقيقة باليمن ضرباً من ضروب التمني والرجاء، حتى أن المبعوث الدولي لليمن إسماعيل ولد الشيخ، يبدو أنه قد فطن لعدم قناعة هذه الأطراف بأية تسوية سياسية شاملة بالوقت المنظور، وذهب بدلاً من أن يتحدث عن التسوية السياسية باليمن تحدث أمام مجلس الأمن قبل أيام عن التسوية السياسية بمدينة الحديدة الساحلية. وإن حصل هناك تسوية تحت عوامل الضغوط الدولية من بوابة الجانب الإنساني والصحي المتدهور، فستكون تسوية هشة ومهددة من كل هذه الأطراف.