كل ما يجري من حولك

التقريرُ الأسبوعي عن اليمن والخليج في مراكز الدراسات الغربية: تغيُّر مفاجئ في خطابات صالح.. ضرورة الحل السياسي وهذا مقتاح الحل.. قريباً الملك محمد بن سلمان

588

عمر أحمد:

المياه مفتاح الحل
تناول «أتلانتك كاونسل» للدراسات الإستراتيجية في واشنطن مشكلة نقص المياه في اليمن، وعواقبها المحتملة على السكان في خضم الحرب الأهلية الدائرة في البلاد، مبيناً أن ذلك يدفعها إلى التحول من قلق إقليمي إلى أمن دولي؛ بسبب تأثير الموارد على الصراع باعتبارها أداة استفادة للأطراف المتحاربة والجماعات المتطرفة، حيث يحاول كل طرف استخدام ندرة المياه لصالحه، الأمر الذي يزيد من المعاناة الإنسانية ويقلل من فرص إيجاد حل للنزاع.
وأكد أن نقص المياه، إضافة إلى أن له عواقب إنسانية، فإنه يعتبر سبباً رئيساً من أسباب الصراع الداخلي وتحديداً في المناطق الريفية، حيث أن من 70 إلى 80 في المائة من جميع الصراعات الريفية متأصلة في مشاكل المياه. وتقدر وزارة الداخلية اليمنية أن حوالي أربعة آلاف يمني يموتون كل عام في نزاعات عنيفة حول الموارد.
وأضاف أن ما يزيد من تفاقم هذه التوترات نزوح السكان من المراكز الريفية إلى المراكز الحضرية. ومع تجفیف مصادر المیاه من المرجح أن تؤدي المنافسة المتزايدة على الفرص الشحيحة في المدن إلى إثارة العداوات الحالية بين الحضر والريف، مثل كيفية اندلاع العنف في مناطق مثل تعز وأبين، بالإضافة إلى أن انعدام القانون وانتشار الأسلحة الخفيفة في الحرب الأهلية سيزيدان من حدة هذه المصادمات ونطاقها.
وأشار إلى أن المياه قد أصبحت سلاحاً آخر في ترسانات المسلحين، قائلاً إن كلاً من الحوثيين وتنظيم «القاعدة في شبه الجزيرة العربية» قد بدأ في استخدام استراتيجية «العصا والجرزة» مع الموارد النادرة على نحو متزايد، لإخضاع السكان غير المنضبطين، وتجيير الصراع لصالحه. كما أن الحكومة الشرعية التي يقودها هادي أبعد ما تكون عن الفاعل البريء في الأزمة الجارية. وعلى الرغم من استعادتها مدينة عدن الجنوبية في عام 2015، لا يزال السكان يعانون من نقص حاد في الكهرباء والمياه؛ كون القادة المحليين الذين يمكن أن يساعدوا في بناء البنية التحتية الضرورية في الجنوب يعفون من مناصبهم من قبل الرئيس هادي، وفي الوقت نفسه يُزعم أن حليفي الإئتلاف الحكومي، وهما السعودية والإمارات، يضربان أهدافاً مدنية في جميع أنحاء البلاد، مما يضر بالبنية التحتية اللازمة مثل محطات تعبئة المياه.
ورأى «أتلانتك» أنه إذا أريد للولايات المتحدة أن تحقق السلام المستدام، فيجب عليها إجراء تحسين حقيقي للبنية التحتية للمياه، وأن تركز جهودها على توجيه مبيعات الأسلحة، وأكثر من ذلك على إصلاح الإطار التفاوضي الذي يعتبر ميتاً عملياً، محذراً من أنه إذا لم يقم المجتمع الدولي بإصلاح إطار التفاوض، فلن تكون هناك فرصة للسلم اللازم لبدء حل أزمة المياه حقاً.
واختتم بقوله إن من شأن التخفيف الفوري من النقص الحالي في المياه، وإطار التفاوض الواقعي للسلام، أن يشكلا خطوة كبيرة إلى الأمام في التخفيف من الآثار الناجمة عن أزمة المياه، وإلا فإن الصراع الحالي على المياه سوف يستمر في زعزعة استقرار البلاد، ويعيق الجهود الأمريكية لمواجهة «القاعدة في شبه الجزيرة العربية» وإيران والحوثيين. وإذا كان التحالف السعودي المدعوم أمريكياً يريد حقاً تحويل تيار الحرب لصالحه، ينبغي أن يكون مصدر قلقه الرئيسي هو المياه وليس الرؤوس الحربية.
تغير خطابات صالح
«أتلانتك كاونسل» تناول، أيضاً، موضوع التغير في خطاب الرئيس السابق، علي عبد الله صالح، تجاه الدول المشاركة في «التحالف العربي»، وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية. واعتبر أن ذلك يكشف عن تغيير في التكتيكات السياسية لصالح، ومحاولة للوصول إلى أعضاء مجلس التعاون الخليجي، وقد يكون ذلك إما لضمان عدم تهميشه من قبل الحوثيين، أو إشارة منه لـ«التحالف» الذي تقوده السعودية بأنه مستعد للتخلي عن حلفائه لتأمين مستقبله السياسي.
وتحدث عن تغيير صالح لخطاباته مؤخراً، في ما يبدو أنه انعكاس في المواقف؛ حيث دعا صالح مجلس التعاون الخليجي إلى تحمل مسؤولية سياسية أكبر للمساعدة في وضع حد للنزاع، وهي المرة الأولى التي يدعو فيها مجلس التعاون الخليجي، علناً، ​​إلى التدخل السياسي منذ عام 2011، في ذروة الإحتجاجات ضد حكمه. وفي 9 مايو، وخلال اجتماع حزب «المؤتمر الشعبي العام»، كرر صالح الدعوة إلى السعودية، وأبدى استعداده للدخول في حوار والوصول معها إلى تفاهمات، على الرغم من أنه قد أظهر تحدياً في مواجهة ضغط «التحالف العربي»، وأعرب عن تصميمه على تحقيق نصر عسكري في فبراير من العام نفسه.
وتابع «أتلانتك كاونسل» أن انفتاح صالح على الحوار قد يكون الغرض منه استهداف أنصاره في اليمن أكثر من السعودية، وذلك بعد تنامي حالة العداء بينهم تجاه دول «التحالف»، والسعودية تحديداً، لإرساء الأساس بينهم لأي تقارب مع السعودية في حالة حدوث مثل هذا الحدث، بعدما أكدت تقارير في مايو الماضي أن ممثلي صالح والمسؤولين السعوديين قد شاركوا بالفعل في اجتماعات غير رسمية في برلين.
وأكد «أتلانتك كاونسل» أن صالح لن يجد صعوبة تذكر في الحفاظ على مؤيديه؛ فقد أظهر الرئيس السابق طول العمر، ولا يزال قوة سياسية لا يستهان بها في اليمن، وقد أثبت عزمه على البقاء في اليمن وتجاهل الضغط الذي يمارسه عليه لمغادرته، مع استمرار حملة القصف التي يقوم بها «التحالف» إلى جانب مؤيديه في صنعاء. ويتجلى هذا الإظهار لطول العمر في الحجة القائلة بأن صالح قد يشعر في قرارة نفسه بأن هذا هو التوقيت المناسب للاستغناء عن حلفائه الحوثيين بعد أن قاموا بتهميشه سابقاً، وباالتالي تقديم نفسه كممثل عقلاني لإنهاء الصراع وصانع السلام في اليمن، الأمر الذي يضمن له في نهاية المطاف أن يكون جزءاً من أي تسوية سياسية في المستقبل. ويمكن أيضاً أن تكون خطوة وقائية تهدف إلى منع أي محاولات من الحوثي لتهميشه.
ضرورة الحل السياسي
من جانبها، نشرت مؤسسة «ترانسكونفليكت» البريطانية، والتي تبحث في التحويل الإيجابي للصراعات الدولية، مقالاً للدكتور الإسرائيلي وأستاذ العلاقات الدولية في مركز الشؤون العالمية في جامعة نيويورك، والمناهض لليمين المتطرف، والمعروف عنه دعمه مبادرة السلام العربية، علون بن مائير، أكد من خلاله أن الصراع في اليمن لا يمكن أن ينتهي إلا من خلال حل سياسي، مشدداً على أنه يجب على إدارة ترامب أن تتعاون مع الإتحاد الأوروبي من أجل التوصل إلى اتفاق سلام، وأن تضع حداً للمأساة غير المعقولة التي تلحق بالملايين من الأبرياء.
ورأى أن الصراع يسير من سيء إلى أسوأ، لأن الجهود الدولية للضغط على كلا الجانبين كانت غير كافية على الإطلاق. ومن شأن استمرار القتال أن يزيد من تأجيج الصراع بين السعودية وإيران، وأن يسهم في صراعات إقليمية أخرى. وأشار بن مائير إلى أن حيادية الإتحاد الأوروبي سمحت له بالحفاظ على اتصاله مع جميع الأطراف المتصارعة، وهو في وضع أفضل للبناء على مصداقيته لإقناع الطرفين بالموافقة على وقف إطلاق النار والتوصل إلى تسوية. وأكد أن الإتحاد الأوروبي، عبر كل من فرنسا وبريطانيا، يمكن له أن يقدم مشروع قرار لمجلس الأمن، يركز فيه على وقف إطلاق النار، ومعالجة الأزمة الإنسانية؛ والعمل على حل دائم يأخذ مصلحة الحوثيين في الاعتبار الكامل.
قريباً.. الملك محمد بن سلمان
«معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى» ركز على صعود نجم ولي العهد السعودي الجديد، محمد بن سلمان، متنبئاً بقرب توليه العرش خلفاً لوالده. ولفت المعهد إلى أن القيادة السعودية تجد نفسها في خضم تغيير جذري، وربما قد يكون متنازعاً عليه داخل الأسرة الحاكمة؛ فولي عهد المملكة – التي هي أكبر مصدر للنفط في العالم، والتي تروّج لنفسها بأنها زعيمة العالم الإسلامي والعالم العربي – الأمير محمد بن سلمان، البالغ من العمر 31 عاماً، هو الملك بالفعل في كل شيء وليس في الإسم، ويمكن أن يتولى العرش قريباً، ربما في غضون أيام.
وأشار إلى أن التنازل عن العرش سيكون أمراً جديداً، على الرغم من أنه مسموح به وفقاً للقانون السعودي لأسباب طبية. وعلى الرغم من نفي تلك الإدعاءات، إلا أن الملك سلمان، الذي يبلغ من العمر واحداً وثمانين عاماً، غالباً ما يبدو مرتبكاً ويتمتع بفترة انتباه قصيرة، معتبراً أنه، وعلى المدى القريب، يمكن أن يعين الملك نجله محمد بن سلمان رئيساً للوزراء، ومن المحتمل أيضاً أن تتم إقالة متعب بن عبد الله واستيعاب الحرس الوطني في الجيش السعودي الرئيسي، الذي هو حالياً تحت إمرة محمد بن سلمان، الذي يشغل أيضاً منصب وزير الدفاع.
وختم «معهد واشنطن» بأن ما هو واضح هو استمرار الصعود البالغ السرعة لمحمد بن سلمان، الذي كان حتى الآن بلا رادع. وبينما يواجه ولي العهد السعودي تحديات الحرب في اليمن، والأزمة مع قطر، والمنافسة الإقليمية مع إيران، وخطته الإقتصادية الطموحة، «رؤية 2030» الرامية إلى تحويل اقتصاد المملكة، فإنه يكسر الجمود أيضاً حول الكيفية التي تنظم فيها أسرة آل سعود إجراءات الخلافة. وفي هذا الصدد، يراقب الشعب السعودي وصناع القرار في جميع أنحاء العالم تقدمه باهتمام بالغ.
You might also like