كل ما يجري من حولك

“الوهّابية” باقية وتتمدد .. متشددو تعز ينسِفون ضريحاً جديداً 

635
 
 * تداعيات تفجير الأضرحة أشعلت موجةَ انتقادات ومخاوف لدى سكان المناطق الخاضعة لسيطرة “المقاومة” الشعبية في المدينة


 

 متابعات| العربي:
فرضت الحرب الدائرة في مدينة تعز منذ قرابة عامين أجندات وتحالفات في صفوف “المقاومة” الشعبية، المتعددة الفصائل، أفرزت واقعاً معقداً. تفجير الأضرحة واحدة من نتائج التحالفات والأجندات المتضاربة، داخل فصائل “المقاومة” الشعبية ف تعز، والتي تبرهن بما لا يدع مجالاً للشك أن الجماعات المتشددة فرضت توسعاً كبيراً في المناطق الخاضعة لسيطرتها، بل وأصبحت تنفذ أجندتها بقوة السلاح.
تداعيات تفجير الأضرحة الدينية أشعلت موجة انتقادات ومخاوف لدى سكان المناطق الخاضعة لسيطرة “المقاومة” الشعبية في المدينة، وسط مشاعر غضب عبر عنها كثيرون حيال إقدام مسلحي الجماعات المتشددة على تفجير الأضرحة الدينية؛ بذريعة أنها تعبد من دون الله.
تزايدت وتيرة الغضب ومشاعر السخط اليوم وبحدة عالية، حيال تكرار التنظيمات المتشددة لهدم الجوامع التاريخية وأضرحة الأولياء. وشهدت مدينة تعز، أمس، مشهداً متكرراً لجرائم الجماعات المتشددة في تفجير الجوامع والأضرحة الدينية، بعدما أقدم مسلحون ملثمون يتبعون جماعات متشددة، في فصائل “المقاومة” الشعبية، على زرع عبوات ناسفة في ضريح السيد علي بن أحمد الرميمة، ثم قاموا بتفجير الضريح و القبة التي تعلو سطح المسجد الذي يقع فيه الضريح بالكامل؛ بذريعة أنه من مظاهر الشرك، في مشهد أعاد إلى الأذهان مسلك التنظيمات الإرهابية الوهابية المدعومة من السعودية، والتي برزت في السنوات الماضية في عدة دول عربية وأجنبية من خلال تدميرها المزارات الدينية كما هو الحال في سوريا وليبيا والعراق ومالي وغيرها.

وتقول المعلومات التاريخية إن بناء الضريح يعود إلى القرن السادس الهجري، و يعتبر ثاني أكبر ضريح في محافظة تعز بعد مقام الشيخ أحمد ابن علوان في يفرس مركز مديرية جبل حبشي.
ويعد السيد الرميمة من أبرز أئمة الصوفية في محافظة تعز، وتوفي في العام 662 هـ.
وكانت محتويات ضريح السيد الرميمة الأثرية قد تعرضت للنهب من قبل عناصر مسلحة تعمل ضمن فصائل “المقاومة” في يناير 2017.
لم تكن جريمة تفجير ضريح الرميمة في مديرية مشرعة وحدنان هي الأولى، فقد سبق أن فجرت هذه العناصر المتشددة عدداً من القباب والأضرحة في تعز، وغيرها من المحافظات الواقعة تحت سيطرة القوات الموالية للرئيس هادي، و التي يعود عمرها إلى مئات السنين.
أستاذ مادة التاريخ في مجمع عمر المختار الثانوي، إبراهيم عبد الله، أكد، في حديث إلى “العربي”، أن “الأضرحة الدينية في مدينة تعز تعرضت لعدد من العمليات الإرهابية من قبل الجماعات الوهابية المتطرفة المدعومة من السعودية”.
وأضاف أن “هذه الجماعات المتشددة دمرت قبة الولي مدافع في حي صينة، وقبة الولي الحويج في حبيل سلمان، كما نبشوا أضرحة العديد من علماء الدين من آل الرميمة في مديرية صبر الموادم، وأضرحة أخرى في ارياف المدينة، كان آخرها ضريح السيد عبد الله محمد الرميمة”.
ويرجع مراقبون إقدام هذه الجماعات المتشددة على تفجير المزارات والأضرحة الدينية في محافظة تعز، إلى تعاليم تأتيها من مرجعيات وهابية، تشدد على تدمير المزارات الدينية المرتبطة بشخصيات دينية، بغرض تعبيد الطريق للثقافة الوهابية التي تسفه المذاهب الدينية وتتهم المخالفين لها بالشرك.
الباحث في الفكر الإسلامي المعاصر، محمد الفرحاني، أوضح، في حديث إلى “العربي”، أن “طريقة المرجعيات الوهابية برزت إلى الواجهة مع بدء سيطرة التنظيمات المتشددة على بعض أحياء المدينة وبعض المناطق الريفية في الشهور الماضية، حيث أفرزت صورة واضحة لهذه المرجعيات الوهابية، والفكر الحقيقي لتنظيم القاعدة، الذي يقف وراء تدمير العديد من القباب والمزارات الدينية والأضرحة التاريخية في محافظة تعز”.
ورأى أن “هذه الأعمال تهدف إلى زعزعة ثقة أبناء هذه المناطق بسلامة عقيدتهم، أملاً في أن يكون ذلك وسيلة لحشر المئات من الشباب والمغرر بهم ضمن كتائب التنظيمات المتشددة في هذه المناطق لتعزيز نفوذها المسلح فيها”.
قد تبدو مشاهد تدمير الأضرحة الدينية أمراً غريباً وصادماً بالنسبة للمغيبين عن حقيقة الوضع الراهن في محافظة تعز، بيد أنه يختزل الكثير من سردية الوقائع المحاطة بسحابة من الغموض لحجب الكشف عن سر “ولاية تعز”.

You might also like