كل ما يجري من حولك

 السعودية تبحث عن سوّاق

716

عباس السيد

تكثفُ السعودية جهودها حَالياً للبحث عن سواق مناسِبٍ بعد فشل عَبدربه هادي في القيام بمهمة صالح، وهي مهمة مزدوجة – أَن يكون رئيساً للـيَـمَـنيين، ومؤتمناً على المصالح السعودية في الـيَـمَـن – وقد نفّذها صالح بحنكة، وخُصُوْصاً في العقد الأخير من فترة حكمه.

لم يكن هادي أقل حنكة في إدَارَة الداخل من صالح، ولا في وفائه وإخلاصه للخارج، فقد كان فشله عائداً للظروف والمناخات السياسية العاصفة التي شهدها الـيَـمَـن والمنطقة العربية.

السفينة التي قادها هادي ثلاث سنوات كادت تغرق. لكنه بدل أَن يرسوَ بها في شواطئ الـيَـمَـن، غامر بحياته وحياة ركاب السفينة وقادها وهي تترنح إِلَـى الشاطئ السعودي.

لا تهتم المملكة لمصير السفينة أَوْ ركابها، ولا يهمها سوى مصالحها التي على متنها، وهي تساوي تقريباً نصف إجمالي حمولة السفينة، والبعض يقدرها بأَكْثَر.

وعلى الرغم من ثقة المملكة بإخلاص هادي “الذي سلّمها الجمل بما حمل، أَوْ كما قال البردوني: أتيناك نجُرُّ الشعبَ على اعتاب اعتابك” إلا أنها لا يمكن أن تغامر بإعادته خلف دفة السفينة، إذَا لا يمكن لركابها أن يقبلوا به رباناً بعد سقوط عشرات الآلاف الضحايا منهم خلال مغامرته الأخيرة.

وهي أَيْـضاً غير قادرة في الوقت الحاضر على تنفيذ خطتها بتوزيع مصالحها مع ركاب السفينة في ستة قوارب، تتلاءم مع الزيادة المضطردة في الركاب، ومع تنوع رغباتهم وأذواقهم وأمزجتهمم.. في راكب يشتي يدخن، وآخر يشتي يتبردق، واحد يشتي يحبب، واحد يشتي يشرب واين، وهذا يشتي يزلقح بول بعير.. واحد يشتي يخزن، والثاني يلعص تمبل، هذا يشتي يحلي برمان، وهذا يشتي تمر، وهكذا في بقية العادات.

لا تريد السعودية في هذه المرحلة الاستغناءَ عن السواق السابق، صالح،. هو متمرد شويه، ويكثر من التنباع، وأحياناً يبهرر بعيون حمر، لكن قلبه أخضر.

فشل هادي، سيدفع بالسعودية للاحتفاظ بالسواق السابق “ضمن أَي طاقم جديد”، ومع أنه عانى وتحمّل الكثير من المحن والمصائب في 2011، لكن يبدو أنه لا يزال يحن للسواقة. وما شاء الله في شلة كبيرة بالسبعين ما يشتوا يركبوا إلا معه.

تستطيع السعودية ترميم العلاقة بين الحُمر كلهم، تقدر تضرب لهم رنج جديد لو تشتي وتردهم كلهم خُضر. فهم “بالنسبة لها” أفضل من ساقوا السفينة الـيَـمَـنية. لكن، تبقى المشكلة في الركاب اللي يشتوا يطلعوا مع الحوثي، وعددهم زاد وتضاعف مرات.

لن تسمح السعودية للحوثيين بالسواقة أَوْ المشاركة فيها.. ستتذرع بتهورهم، ستقول: نزلوا بطوني، وعادهم فوق الشاصات، مرة يصدموني في الخوبة، ومرة في الربوعة، ومرة ينبعوا لاااا خميس مشيط، ومرة يفحطوا في جيزان. لكن ذلك في الحقيقة لم يكن تهورا، صبروا أربعين يوماً، وكانوا مثل نور الشريف في النصف الأول من فيلم “الوحش”.

تحتاج السعودية إِلَـى وقت كي تقتنع بتخفيف حمولتها على السفينة الـيَـمَـنية، وفي هذه الحالة لن تهتم بمن يتولى السواقة في الـيَـمَـن. كما يحتاج الحوثيون إِلَـى وقت كي تطمئن لهم السعودية، أَوْ على الأقل، تلتزم بمعايير الشحن والحمولات، فهي تعرف أنهم إن ساقوا السفينة، لن يقبلوا بأن يكون وزن المصالح السعودية أكبرَ من وزن الركاب أَوْ مساوياً لهم. هذا هو جوهر المشكلة الحقيقية في توجس السعودية من الحوثيين.

حتى الآن جمعت السعودية معظم طاقم قيادة السفينة، ولم يبقَ سوى الربان، الكابتن أَوْ السواق. يبدو أنها قد وجدته بالفعل. وهي تعمل الآن بمساعدة خبراء متخصصين لتدريب خالد بحاح على ترديد “الصرخة”.

فالحملةُ التي تُشَنُّ عليه، ابتداءً من ديباجة قرار إقالته، واتهامه بخذلان “المقاومة” وما تلاها، من اتهاماتٍ، وشماتات، وصولاً إِلَـى حملات التضامن معه، كُلّ ذلك يصب في اتجاه “تحويث بحاح”، والهدف النهائي: إقناع الركاب الحوثيين بالقبول به كسواق للسفينة.

You might also like