عامٌ من العُـدْوَان وبيان الإخْـوَان
عبدُالسلام الوجيه
قال أبو العيناء رأيتُ جاريةً في سوقِ النخاسين -(طبعاً الحادثة من زمان حيث كان الرقيقُ الذي انتهى ولم يبق له أثرٌ في عصرنا الحالي إلا عند آل سعود)-.
نعودُ إلَى أبي العيناء، قال: رأيتُ جاريةً في سوق النخاسين تحلف ألا ترجع إلَى مولاها فقلت: لمه؟ قالت: إنه يا سيدي يواقعُني من قيام، ويصلي من قعود، ويشتمني بإعرابٍ، ويلحنُ في القرآن، ويصومُ الإثنين والخميس، ويفطرُ رمضان، ويصلي الضحى ويترُكُ الفجر.
سيد الجارية هذا لو قسناه بأمثاله من عباد التنظيم الإصلاحي في اليَمَن لقلنا سلام الله عليه؛ لأن ضرره يقتصر على نفسه وإن تعداه فإلى جاريته تلك المسكينة، أما أتباع التنظيم الصنمي الوهابي فقد عم ضررهم اليَمَن بعد أن أثاروا الفتن في مساجدها وأذكوا الأحقاد والضغائن في صدور أبنائها، وعملوا السنواتِ الطوالَ لكي يطمسوا قولَه تعالى: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّـهِ فَلاَ تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَدًا} ويستبدلوها بآية إخْـوَانية وقراءة شاذة لم تتواترْ إلا في جامعة الإيْمَان، ولم يقرها إلا قرنُ الشيطان وهي (إن المساجد للتنظيم فلا تدعوا مع التنظيم أحداً)، سيطروا على المنابر واستخدموها للتكفيرِ والتفسيق والتضليل وإيقاظ الفتنة النائمة بكل السُّــبُل والوسائل، فصارت ما تسمّى بمدارس تحفيظ القرآن مراكز للتدريب على التفجير والتفخيخ واستخدام وسائل القتل والتدمير للآمنين المصلين في بيوت الله، وكان ما كان مما عرفه ويعرفه الشعب اليَمَني من جرائمهم التي يندى لها جبين التأريخ والإنْسَـانية، ثم لم يكتفوا بذلك حتى استدعوا كُلّ أساطين الشر والإجْــرَام، والمكر والغدر والخيانة، والهيمنة والاستبداد، إلَى مهاجَمة الشعب اليَمَني المسالم، المشهود له من رَسُول الله صلى الله عليه وآله وسلم بأنه يمن الإيْمَان والحكمة، واستجلبوا المرتزقةَ من أصقاع الدنيا، منهم السوداني، والاسترالي، والسنغالي، والكمبودي، والإسرائيلي، وكل شُذّاذ الآفاقِ من شياطين البشر ومسوخ «داين كورب» و«بلاك ووتر».
هؤلاءِ أتباعُ التنظيم منهم مَن لفظته اليَمَنُ وكنسته إلَى مذابلِ أسياده وإلى غير رجعة إن شاء الله.
ومنهم – وهو الأخطرُ- من لا يزالُ يربض بيننا ظاهراً ومتخفياً، يحشر نفسه كلما سنحت له الفرصة في كُلّ المجالس ويتصدر المنابر ويوزع التهم والأوصاف والألقاب بكرم وحاتمية لا مثيل لها، على عمرو أَوْ زيد، ويصدر أحكام التفسيق والتكفير والتضليل على أمم لا حصر لها، يحقر العظيم، ويعظّم الحقير، ويفرح بأي انتصار أَوْ تقدم للأعداء، ويحزَنُ لأي نصر أَوْ تقدم للمؤمنين، يرضى ويؤيّد ويبارك قتل وتشريد الأبرياء من النساء والأطفال والشيوخ من أبناءِ بلده، بل ومنهم من يعطي إحداثيات البيوت والمواقع والمصانع للأعداء كي يضربَها الطيران.
يبحث عن الأخطاء وإن لم يجدْها اختلقَها وأشاعها، وروّج لها، لو خالفته الرأيَ لا يقبل بك أخاً، ومنهم مَن لا يثقك بك ولا يطمئن إليك، حتى لو صليت على الماء، وتعلّقت بحبلٍ ممدودٍ إلَى السماء، ينظر إليك شَزَراً وأنت تأتَمُّ به وتصلّي معه، ويلمحك بعيونٍ تلمح فيها أنه يستحلُّ دمك؛ لأنه آمن ويؤمن ويعتقد بأنك لستَ مسلماً ولا موحِّداً في نظره.
مثلُ هؤلاء الموجودين في كثير من مساجدنا ومناطقنا نسألُ اللهَ سبحانه وتعالى أن يكفيَنا شَرَّهم، وأن يرُدَّ عنا مكرَهم، وأن يهديَهم إلَى طريق الصواب، إن عَلِمَ فيهم خيراً، وأن يبصر المخدوعين بهم وبفكرهم التكفيري التدميري إلَى إدراك حقيقتهم وتبيين نواياهم، ومعرفة حِيَلِهم وشِبَاكِهم وأحابيلهم التي ينصبونها لخداع البسطاء من الناس.
++++++++++++++++