كل ما يجري من حولك

الدبلوماسي الأمريكي الأشهر، كسينجر: أميركا فقدت القدرة على التكيف مع مستجدات الشرق الأوسط الذي انهارت فيه كل التوازنات

771

 

متابعات../

وجّه وزير الخارجية الأميركي السابق هنري كيسنجر رسالةً إلى الرئيس الأميركي باراك أوباما عبر صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية، دعاه فيها إلى إقامة نظام عالمي جديد، وتحديد أهداف أميركا الكبرى، وفي طليعتها تدمير تنظيم داعش، قبل التفكير في مصير بشار الأسد في سوريا.

وقال الدبلوماسي الأميركي الشهير للرئيس أوباما في رسالته، إن الولايات المتحدة تحتاج نظاماً عالمياً جديداً، يُمكن بفضله للقوى الكبرى، استعادة الحوار بينها واعتماد مبدأ التوافقات الضرورية.

وبتعرّضه للأزمة السورية، قال كيسينجر، إن “الولايات المتحدة تحتاج، استراتيجيةً جديدةً، خاصة في الشرق الأوسط، الذي انهارت فيه كل التوازنات الجيو– سياسية، ما أفقدنا القدرة على التكيف مع المستجدات والأحداث“.

واكد بعد استعراضه مختلف التحديات التي تواجهها المنطقة من سوريا إلى العراق ومن اليمن إلى ليبيا، ومن الهجرة واللجوء، إلى الإرهاب والطائفية، والجريمة المنظمة والتحديات الكثيرة الأخرى التي تعجّ بها، أكد على ضرورة أن تختار الولايات المتحدة الدور الذي تريد أن تلعبه في منطقة الشرق، علماً أن الشرق الأوسط، سيكون الاختبار العاجل الذي يجب عليها أن تخوضه، وربما يكون الاختبار أو التحدي الأصعب“.

وتابع أن الرد على السؤال لن يكون بتسخير أقوى الأسلحة الأميركية، ولكن حتماً بتصميم الولايات المتحدة وقدرتها على الوصول إلى تفاهمات العالم الجديد“.

 

تغيير استراتيجيات

رأى هنري كيسنجر، الذي شغل منصب مستشار الأمن القومي ووزير الخارجية الأميركي في عهدي الرئيسيْن نيكسون وفورد، في مقال نشرته صحيفة “وول ستريت جورنال” أنه بوجود روسيا في سوريا، صار الهيكل الجغرافي السياسي، الذي دام أربعة عقود من الزمن، في حالة من الفوضى التامة، مؤكداً أن أمريكا باتت بحاجة إلى استراتيجية وأولويات جديدة.

وقال كيسنجر في مستهل مقاله إنه لم يكد يبدأ النقاش حول ما إذا كانت خطة العمل الشاملة المشتركة مع إيران بخصوص برنامجها النووي ثبّتت إطار الشرق الأوسط الاستراتيجي حتى انهيار إطاره الجغرافي السياسي، معتبراً أن العمل العسكري الأحادي، الذي قامت به روسيا في سوريا، أحدث عرَض من أعراض انهيار الدور الأميركي في تثبيت نظام الشرق الأوسط، الذي خرج إلى الوجود من رحم الحرب العربية الإسرائيلية سنة 1973.

وأوضح أنه في أعقاب ذلك الصراع، تخلت مصر عن علاقاتها العسكرية مع الاتحاد السوفيتي، وانضمت إلى عملية تفاوض تدعمها الولايات المتحدة، تمخضت عن اتفاقيات سلام بين إسرائيل ومصر، وإسرائيل والأردن، واتفاقية فض اشتباك تشرف عليها الأمم المتحدة بين إسرائيل وسوريا، حظيت بالامتثال على مدى أكثر من أربعة عقود من الزمن (حتى من قبل أطراف الحرب الأهلية السورية)، ومساندة دولية لسلامة أراضي لبنان وسيادته. وفي ما بعد ذلك، مني صدام حسين بالهزيمة في الحرب التي شنها لضم الكويت إلى العراق على أيدي ائتلاف دولي تحت قيادة الولايات المتحدة.

 

فقدان القدرة على تشكيل الأحداث

وأوضح الكاتب أن السياسة الأميركية سعت إلى التظاهر بتأييد دوافع كل الأطراف ومن ثم فهي على شفا فقدان قدرتها على تشكيل الأحداث. فالولايات المتحدة تتخذ الآن موقفاً معارضاً لكل الأطراف في المنطقة، أو إن شئت قل: في خلاف معها بصورة أو بأخرى. فهي في خلاف مع مصر بشأن حقوق الإنسان، ومع كل طرف من الأطراف السورية بشأن مختلف الأهداف. وتجاهر الولايات المتحدة بإصرارها على رحيل الأسد عن منصبه، لكنها ظلت غير راغبة في ممارسة التأثير الفعال، سياسيّاً كان أم عسكريّاً، لتحقيق ذلك الهدف. كما لم تطرح الولايات المتحدة هيكلاً سياسيّاً بديلاً للحلول محل الأسد في حالة ما إذا تحقق رحيله بطريقة أو بأخرى.

ويتابع الكاتب بقوله: انتقلت السياسة الأميركية تجاه إيران إلى صميم السياسة الشرق أوسطية، حيث أصرت الإدارة على أنها ستتخذ موقفاً ضد المخططات الجهادية والإمبريالية التي تدبرها إيران، وأنها ستتعامل بصرامة مع انتهاكات الاتفاقية النووية. لكنها تبدو أيضاً، بحسب كيسنجر، ملتزمة التزاماً عميقاً بإنهاء البعد العدواني العدائي الذي تتسم به السياسة الإيرانية من خلال تطور تأريخي يعززه التفاوض.

 

الكارثة أمر شبه حتمي

لكن الأزمة الراهنة تجري في عالم قوامه التكنولوجيا النووية والإلكترونية غير التقليدية، على حد وصف كسينجر. وفيما تناضل القوى الإقليمية المتنافسة على الوصول إلى قدرات عتبة نووية متماثلة، قد يتداعى نظام منع الانتشار النووي في الشرق الأوسط. “ولو صارت الأسلحة النووية واقعاً مستقراً، سيصير حدوث محصلة كارثية أمراً شبه حتمي. فاستراتيجية الاستباق متأصلة في التكنولوجيا النووية. ويجب أن تكون الولايات المتحدة عاقدة العزم على الحيلولة دون هذه المحصلة وتطبيق مبدأ عدم الانتشار على كل الطامحين النوويين في المنطقة“.

You might also like