محاولة طمس القضية الفلسطينية من الوعي العربي
كفى عبدالمجيد*
تحاوِلُ إسرائيلُ، على مدى السبعة العقود الماضية وهي فترةُ احتلَالِها لفلسطينَ، الاندماجَ في المنطقة العربية والتغلغُــلَ إلى الوعي العربي الجمعي ولكنها عبثاً تحاول.
وقد اتّبعت طُرُقاً وأساليبَ شيطانيةً في ذلك، فقد عَمِـدَت إلى تغييرِ المصطلحات وقَلْبِها رأساً على عقب، وأدلُّ مصطلح نجحت في تثبيته مصطلحُ “الشرق الأوسط” بدلاً عن “الوطن العربي”، وللأسف انساقت نُخَبُنا الفكرية وراءَ هذا المصطلح وتم تعميمُه في وطننا العربي، تسمِّي إسرائيل فلسطينيي 48 باسم “عرب إسرائيل”، وتُطلِقُ على حواجِزِها في الضفة الغربية مصطلحَ “معابر”، فالمعبَرُ يدُلُّ على العبورِ من دولةٍ إلى أُخْــرَى، أمَّـا حواجزُ إسرائيلَ فهي تفصِلُ بين كُـلّ مدينة وقرية في الضفة الغربية المحتلة، ولكن الشعبَ الفلسطينيَّ لم يَنْـسَـقْ وراءَ هذه المصطلحات المصطنعة.
وطريقةٌ أُخْــرَى، تحاوِلُ “إسرائيلُ” الدخولَ إلى الوعي العربي وهو التطبيعُ مع الدول العربية والشعوب العربية وكأنَّها دولة ضمن دولها، وقد بدأ التطبيعُ في سبعينيات القرن الماضي بعد أن عقَدَ معهم الساداتُ اتّفاقيةَ “كامب ديفيد” المشؤومة التي أخرجت مصرَ من الصراع العربي الإسرائيلي، ثم سرت مغبة اتّفاقيات العار من أوسلو إلى وادي غربة وغيرها، ولكن رغم مرور عشرات السنوات على هذه الاتّفاقيات، لكن إسرائيل لم تستطع التطبيعَ مع الشعوب العربية، فهذه الشعوبُ الأبيةُ لا تزالُ تعتبر إسرائيل العدوَّ الأول لها، فالشعبُ المصريُّ يضعُ كُـلَّ مَن يحاولُ التطبيعَ مع الصهاينة على قائمة العار، لم تنجح “إسرائيل” في تطبيعها إلا مع بعضِ شعوبِ الخليج، فهؤلاءِ لا لومَ عليهم؛ لأنهم لا هَــدَفَ لهم في هذه الحياة إلّا إشباع غرائزهم وملء جيوبهم بالأموال.
مهما حاولت “إسرائيلُ” طمْسَ القضية الفلسطينية من الوعي العربي والضمير العربي، فلن تفلحَ ما دام هناك طفلٌ فلسطيني على حدود غزة يحمِلُ عَلَمَ فلسطين ويصرُخُ: (سأعودُ إلى مدينتي حيفا) وما دامَ طفلٌ في صنعاءَ يصيحُ: (الموتُ لإسرائيل).
* كاتبة فلسطينية