إحراق اليمن حلمٌ إماراتي!
د. أحمد الصعدي
لم تكنِ الطالبةُ الإماراتيةُ التي حظيت بتكريمِ ولي عهد أبو ظبي، الحاكمِ الفعليِّ المتفردِ لدولة الإمارات لتفوُّقِها في الثانوية العامة، حالةً استثنائيةً كما لم يكن كلامُها زلةَ لسان وهي تعبّر عن تلبية رغبات ابن زايد فتختار السلكَ المدني أَوْ العسكري لحياتها المستقبلية، وتضيفُ استعدادَها لإحراقِ اليمن من غير أن تعنيَ لها هذه الرغبةُ الإجرامية أيةَ مشكلة!.
لم تكنْ هذه الفتاة حالةً استثنائيةً ليس لأن الحاضرين ومعهم محمد زايد صفّقوا لها بحرارة بعد سماعهم منها ما يرغبون أن يسمعوه؛ بل ولأن النزعة الإجرامية التي عبرت عنها الفتاة حالة عصابية مرضية يعانيها مجتمع دولة الإمارات الرسمي، وحمى اجتاحت الإعلام بمختلف وسائله والمدارس ومؤسسات التعليم العالي، وتزداد هذه الحمى شدة كلما تعمق قرصان أبو ظبي في التورط بعدوانه على اليمن وإحساسه بمرارة الخسران في حربه المجنونة وتيقنه أن النتائجَ على الأرض مهما كانت تبعده يوماً إثر يوم عن الصورة التي رسمها خياله الصبياني الجامح عن سهولة اجتياح اليمن والعبث بأرضه وشعبه، واتخاذ الظفر باليمن سُلِّــماً للصعود ليس فقط في تحويل دولة الإمارات العربية المتحدة إلى إمارة واحدة هي ((أبو ظبي)) وتحت حاكم ديكتاتور واحد ووحيد بل وإلى السيطرة على موانئ اليمن من المهرة إلى ميدي والتحول إلى قُرصان بحري كبير يعترفُ له بهذه الأهميّة والمكانة والجدارة القراصنة الكبار (أمريكا وبريطانيا وإسرائيل وفرنسا).
يعاني محمد زايد كما يعاني محمد سلمان وكل حلف العدوان من فشل عدوانهم في تحقيق أهدافه ومن إتيان حربهم على اليمن بنتائجَ كارثيةٍ على اليمن وعلى بلدانهم وشعوبهم أَيْضاً.
وكلما اتسع إدراكُ هذه الحقيقة لديهم ولدى مرتزقتهم في اليمن ولدى العالم احتاجوا إلى المزيدِ من التحشيد للحرب وشحن الغرائز العدوانية لدى اتباعهم، والإفراط في قمع أي هَمْس أَوْ تشكيك في جدوى مغامرتهم العبثية واستمرارهم فيها.
يتفرد بن زايد بإقامة نظام بوليسي إرهابي يُحصِي أنفاسَ وحركات كُـلّ مواطني دولته وكُلّ المقيمين، وشكّل بمعونة من الموساد الإسرائيلي والمخابرات الغربية جهازاً للتجسس وجمع البيانات عن كُـلّ مواطن إماراتي داخل الدولة وخارجها، وعن كُـلّ المقيمين وكل من يهمه هو وأسياده من الموساد من المواطنين العرب، وليس بمعزل عن هذه الغايات تم إنشاء ((عدن نت)).
ويمارِسُ وليُّ عهد أبو ظبي أقذرَ الأساليب في ضمانِ خنوعِ مواطنيه وعملائه اليمنيين والعرب ومنها الاحتفاظ بمقاطع فاضحة لتهديد مَن يخرُجُ عن الولاء والطاعة، وهذا ما ذكره نجل حاكم إمارة الفجيرة الشيخ راشد بن حمد الشرقي الذي لجأ إلى قطر وينتظر إظهار ما لدى المخابرات الإماراتية من أفلام فضائحية عنه، كما سمعنا عبر (قناة المسيرة) أحد عملاء العدوان المضبوطين في الساحل الغربي يذكر سببين لخيانته وطنه هما المال وضغوط مارسها عليه المدعو (الريمي) الذي هدده بنشر صوره الفاضحة عبر الإنترنت كما قال، وهذا الأسلوب المنحط في تجنيد العملاء هو من فضائل وبركات إمارات الخير! ويعاني عملاء بن زايد في اليمن وفي أقطارٍ عربية أخرى من احتجاز عائلاتهم وأموالهم واستثماراتهم في دولة الإمارات لضمان استمرارِ ولائهم لمخابرات الإمارات ومن ورائها الموساد، وللنزوات الإجرامية لمحمد زايد وطغمته.
يدرك ولي عهد أبو ظبي أن ذروةَ أحلامه وغطرسته تتبخَّــرُ وتُدَاسُ بأقدام أبناء الشعب اليمني، ويدركُ أن المزيدَ من الاندفاع في العدوان أَوْ تحقيق أي خرق ميداني هنا أَوْ هناك معناه أن قدمَيه يغوصان أَكْثَرَ فأَكْثَرَ في المستنقع اليمني.
من هُنا يأتي تصويرُ العدوان على اليمن بأنه ضرورةٌ وقدرٌ محتومٌ وقرارٌ مصيريٌّ لدولة الإمارات ومواطنيها ويجري شحنُ عقول الناس هناك بهذه الأوهام ودفعهم إلى الاعتقاد بأن بقاءَ اليمن يعني تهديداً وجودياً لهم.
بهذا المعنى صارت الطالبةُ الإماراتيةُ في استعدادِها لإتلاف اليمن واليمنيين، حَـــرْقاً، معبِّرةً عن الهَـوَس العدواني الذي يهيمنُ على ولي عهد أبو ظبي ومَن يحذو حذوَه من الرسميين والمواطنين في إمارات الخير!