كل ما يجري من حولك

السيد عبدالملك الحوثي في محاضرته الرَّمْضَـانَية الحادية والعشرين: كُـلُّ نِعمِ الله تترتب عليها مسؤوليات ليست عبثية.. تتحَـرّك بما أعطاك فيما فيه مصلحةٌ للأمّـة

816

 

المسؤوليات كلها نكون فيها بموقع الخدمة للآخرين وليس للاستعلاء التكبر والغطرسة عليهم

سلوك الإنْسَـان تعبيرٌ عن نفسيته، فإذَا كانت نفسيتك صالحة زكية تكون تصرفاتك صالحة، إذَا كانت نفسك مدنسة وتجذر فيها الخبث واللؤم يمتد ذلك إلى واقعك السلوكي إلى تصرفاتك وأعمالك

 

أَعُـوْذُ بِاللهِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيْمِ

بِـسْـــمِ اللهِ الرَّحْـمَـنِ الرَّحِـيْـمِ

الحَمْدُ لله رَبِّ العالمين، وأَشهَـدُ أنْ لَا إلهَ إلَّا اللهُ المَـلِكُ الحَـقُّ المُبِيْن، وأشهَدُ أن سَيِّـدَنا مُحَمَّــدًا عَبْـدُه ورَسُــوْلُه خَاتَمُ النبيين.

اللّهم صَلِّ على مُحَمَّــدٍ وعلى آلِ مُحَمَّــدٍ وبارِكْ على مُحَمَّــدٍ وعلى آلِ مُحَمَّــدٍ، كما صَلَّيْتَ وبارَكْتَ على إِبْـرَاهِيْمَ وَعَلَى آلِ إِبْـرَاهِيْمَ إنك حميدٌ مجيدٌ، وارضَ اللَّهُم برِضَاك عن أَصْحَابِهِ الأَخْيَارِ المنتجَبين وعَنْ سَائِرِ عِبَادِك الصالحين.

أَيُّهَا الإِخْوَةُ والأخواتُ.. السَّـلَامُ عَلَـيْكُمْ وَرَحْـمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُه.

بدايةً وقبلَ أن ندخُـلَ في موضوع المحاضرة نبارك لشعبنا اليمني المسلم العزيز التوفيق الإلهي العظيم في يوم الجمعة بالأمس في الخروج والحضور الفاعل والواسع والمشرف في مناسبة يوم القدس العالمي، وقد عبّر شعبُنا العزيز بهذا الحضورِ الفاعل الكبير عن رصيده الإيْمَـاني، عن هُويته عن انتمائه، وعن أصالة هذا الانتماء، يمن الإيْمَـان الذي يتحَـرَّكُ بدافع الإيْمَـان، اليمنُ الذي ينطلِقُ الأحرارُ فيه والحرائرُ فيه بدافع الإيْمَـان وبمكارم الأَخْـلَاق، الأَخْـلَاق الإيْمَـانية، العِزّة والإباء والحرية والكرامة والوفاء، تلك المعاني العظيمة التي بات يفتقدُها الكثيرُ في عالَمِ اليوم، فنحمدُ اللهَ سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَـى على هذا التوفيق، وَنَسْأَلُهُ سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَـى أن يكتبَ أجرَكم وأن يباركَ فيكم، وأن يكتبَ لكم ذلك في خير ما يكتبه لكم من الأَعْمَـال الصالحة في هذا الشهر المبارك، وَنَسْأَلُهُ أَنْ يُوَفِّــقَنا وإيَّاكم على الدوام، الإنْسَـانُ دَائماً بحاجة إلى توفيق الله سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَـى، وإلى ألطافه وإلى هدايته وإلى رعايته.

 

صفاتُ عباد الرحمن

نستمرُّ في محاضرة اليوم ونحن نتأمَّـلُ الآيات القُـرْآنية المباركة وهي تقـدّم لنا النموذج الإسْـلَامي الراقي، النموذج الذي يجب أن يحرص كُـلّ مسلم أن ينطبق على واقعه في هذه الحياة؛ لأنَّ للإسْـلَام نموذجَه المتميز، الإسْـلَام يقـدِّمُ للبشرية كيف ينبغي أن تكونَ هي من خلال ما يقـدّمه ويفترضه في الإنْسَـان المسلم الذي يتجه إلى الالتزام بكتاب الله وبالاقتداء برسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، يقولُ اللهُ سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَـى: (وَعِبَادُ الرَّحْمَٰنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا)، آيات مباركة في سورة الفُرقان، يقـدّم فيها القُـرْآن الكريم مجموعةً من المواصفات المهمة والالتزامات لهذه الفئة المؤمنة الراقية التي تجسّدت في واقع حياتها وتجلت في سلوكياتها وأَعْمَـالها وتصرفاتها أَخْـلَاق هذا الدين، تعاليم هذا الدين توجيهات الله سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَـى، وهذا دورٌ أساسي للإنْسَـان المسلم، لصلاح حياته ولصلاح حياة المجتمع الإسْـلَامي بكله، وليكونَ واقعاً جذاباً أمام بقية البشر، ليعرفوا من خلاله قيمة هذا الدين وأثر هذا الدين في نفسية الإنْسَـان في سلوكه، في تصرفاته في أَعْمَـاله، في التزاماته، وَ(عِبَادُ الرَّحْمَنِ)، يتحدث القُـرْآن دَائماً عن الفئة المؤمنة الصادقة بتعبيرات متعددة يصفهم وكلها تنطبق عليها باعتبار معيّن، فهم المؤمنون مثلما تقـدّم، (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ)، والذين إلى آخر الآيات، وهذا باعتبارِ الإيْمَـان، وهم المتقون، مثلما يأتي الحديث عنهم كَثيراً تحت هذا العنوان وبهذه الصفة؛ لأنَّ التقوى هي ثمرة الإيْمَـان وهي لازمة للإيْمَـان وهي في نفس الوقت صفة مهمة وعظيمة وجذابة ونتاج مهم للإيْمَـان، أثرها على حياة الإنْسَـان ولصالح الإنْسَـان في الدنيا والآخرة، هنا يتحدث عنهم بهذه الصفة العظيمة والمميزة، (وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ)، أولياؤه المختصون بتعبيد أنفسهم له، الذين التزموا بهديه وتعليماته، يتصفون بمواصفات معينة، وكما قلنا في كُـلّ عرض قُـرْآني يقـدّم نماذجَ رئيسيةً تَدُلُّ على ما وراءها، ويلزم من الالتزام بها تحقيق بقية الصفات، لكن لإبراز أهميّة الصفات في عرض معين مَـثَـلاً في سورة المؤمنون يقـدّم عرضاً لصفات رئيسية ليبرزَها وهي تَدُلُّ على ما وراءها ولا تتحقّـق إلا ويكتمل معها بقية الصفات، في أول سورة البقرة يعرض كذلك نماذج رئيسية معينة من الصفات المهمة جِـدًّا، وأَحْيَاناً في كُـلّ عرض يعني له أَيْـضاً سياق، له دلالة بارزة بأَكْثَـرَ من السياق الآخر، تجدُ في صفات المتقين في أول سورة البقرة أن السمةَ البارزة هي طبيعة علاقتهم بالقُـرْآن الكريم بهدى الله، بالكتاب الإلهي، وهي صفات إيْمَـانية وصفات تقوى، وفي سورة المؤمنون صفات تعبر بشكل رئيسي جِـدًّا عن الحالة الإيْمَـانية التي يعيشونها، نجد هنا في هذه المواصفات ما يعبر عن تعبيد أنفسهم لله سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَـى فيما هم عليه من هذا الشعور وهذا الإحساس الذي تجلى وظهر في سلوكهم وفي أَعْمَـالهم وفي تصرفاتهم.. أنا عندي مشكلة في الجيوب الأنفية وأثناء شهر رمضان تزداد هذه المشكلة مع جو الصيام.

 

ارتباطُ الأعمال والسلوك بالحالة النفسية

(وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأرْضِ هَوْنًا)، هذا الجانبُ من صفات المؤمنين من صفات المتقين، من صفات عباد الله الأولياء الأتقياء هو جانب رئيسي جِـدًّا، وهو يتصل بحركتهم في الحياة أنها سليمة من كُـلّ أشكال التكبر والخيلاء، وهذا جانبٌ مهم يحتاجُ المجتمع المسلم إلى هذه التربية، هو في أمسِّ الحاجة إلى هذه التربية، في حركتنا في الحياة، ونحن نذهب ونحن نجيء ونحن نمشي ونحن نتحَـرَّكُ بين أوساط الناس، بين أوساط المجتمع، كيف ينبغي أن تكون حركتك هذه؟ حتى هذا الجانب السلوكي يركز عليه القُـرْآن الكريم تركيزاً كَبيراً، كُـلُّ حركات الإنْسَـان هي تعبيرٌ عن نفسيته، كُـلّ حركات الإنْسَـان، سلوكك يعبر عن نفسيتك، إذَا كانت هذه النفسية نفسية صالحة زكية تكون تصرفاتك وأَعْمَـالك زكية صالحة، إذَا كانت نفسك مدنسة وتجذر فيها الخبث واللؤم يمتد ذلك إلى واقعك السلوكي إلى تصرفاتك إلى أَعْمَـالك والعياذ بالله، والله سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَـى في هذه السورة سورة الفُرقان، وفي سور أُخْـرَى مثلما ورد في سورة الإسراء، ومثلما ورد أَيْـضاً في سورة لقمان، ومثلما ورد في سور أُخْـرَى من القُـرْآن الكريم، سور متعددة، ركز على ضبط الحالة النفسية أوَّلاً، الحالة النفسية أن تكون مشاعرك أنت كإنْسَـان نقية، نظيفة سليمة من مشاعر التكبر والغرور والعجب بالنفس، والخيلاء، وهذا يتصل بمعالجته، أَوْ يتجه إلى معالجته كثير من النصوص القُـرْآنية التي تعلم الإنْسَـان حقيقته، أنك مخلوق ضعيف عاجز، جاهل، وأنك تحتاج دَائماً إلى رعاية الله إلى لطف الله إلى توفيق الله وهداية الله، وأنه لا حول لك ولا قُـوَّة إلا بالله، وأنه لا توفيق لك إلا بالله، الذي عندك هو العجز، مخلوق عاجز، لا حول لك ولا قُـوَّة إلا بالله، ولا قدرة لك إلا بقدر ما يعطيك الله من القدرة، وما يهيئه لك وما يمكنك فيه، وأنك جاهل، أخرجك من بطن أمك لا تعلم شيئا على الإطلاق، (وَاللَّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا)، ثم لا تكسب من المعرفة في هذه الحياة وبالذات المعارف الحقيقية إلا بقدر ما يهيئ لك، ينعم عليك يمكنك، وإلا فقد تبقى جاهلاً جهلاً إما جهلاً بسيطاً، يعني جهل مباشر بالأمور ما عندك معرفة أَصْـلاً، وإما جهلاً مركَّباً، والجهلُ المركَّبُ أخطرُ من الجهل البسيط؛ لأنَّ الجهلَ المركَّب هو جهلٌ بالشيء، وجهلٌ بأنك تجهَلُ به، فأنت تتصوّر أنك تعرفه من خلال معلومات مغلوطة ونظرة مغلوطة، تتصور الشيء على خلاف ما هو عليه، عندك عقيدة في مسألة معينة أنها كذا وكذا وكذا، وليست كذلك، فها هنا جهلان، جهل بأصل الشيء وجهل أَيْـضاً بأنك تجهلُ؛ لأنَّك تتصوّرُ أنك تعرف، وهذا جهل الطبقة المثقفة والجهل لدى العلماء، بعض العلماء يعني، والجهل لدى المثقفين، هو الجهل المركب، يقول الشاعر معلقاً على ذلك:

قال حمارُ الحكيمِ تُومًا

لو أنصَفَ الدهرُ كنتُ أركب

لأنَّني جاهلٌ بسيــــطٌ

وصاحبِي جَاهِـلٌ مُركَّــــــب

 فالإنْسَـانُ عندما يكون جاهلاً وجاهلاً بجهله مشكلة يعني هذه، يتعصب، نظرة مغلوطة وفهم مغلوط عن الأمور، لا تغلط في معرفة حقيقة نفسك، هذا أَكْبَـر الجهل، الإنْسَـان الذي لا يعرف نفسه، إذَا أنت لا تعرف نفسك ولا تعرف حقيقتك، ولا تعرف أصل خلقك وفطرتك، وعندك نظرة مغلوطة تجاه نفسك خرجت بك عن الطور الإنْسَـاني، عن التواضع الإنْسَـاني تصور نفسك مخلوقا رهيباً، جباراً، عظيما، تشعر بالخيلاء والكبر والفخر والغرور والعجب بالنفس وتنسى الله، تنسى نعمته، تنسى فضله تنسى أنك إن حصلت واكتسبت، أَوْ توفر لك شيء من الصفات الحميدة أَوْ من المواصفات الكمالية البشرية فإنّما كان بتوفيق الله، إنما كان بعطاء الله، إنما كان بفضل الله سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَـى، فتتجه إلى الله شاكراً حامداً، تأمَلُ منه المزيدَ من فضله، سواء النعم المعنوية، إذَا أعطاك الله ذكاءً إذَا أعطاك الله معرفةً، إذَا أعطاك الله أي شيء معنوي وهو جانب مهم جِـدًّا، أَوْ الأمور المادية، إذَا مكّنك الله نِعَماً مادية معينة، ثروة، مالاً، إمْكَاناتٍ معينة، أَوْ وجاهة في أوساط الناس وهي تعود إلى الجانب المعنوي تدرك نعمة الله عليك وأنك في أصلك أنت العجز، أنت الضعف أنت الجهل، أنت اللا شيء، إنما بالله سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَـى وبما أعطاك الله لا تغتر بنفسك، لا تتكبر، لا تتكبر، لا تشعر بأنك بت الأَكْبَـر من الآخرين، الأعلى فوق الآخرين، الأعظم من الآخرين، الأهمّ من الآخرين ثم تتجه نظرتك نحو الآخرين بالاحتقار، والاستخفاف، والاستهانة بهم، تفتخر على ذلك الإنْسَـان لماذا؟؛ لأنَّك أثرى منه، هو فقير وأنت غني، هذه جريمة خطيرة جِـدًّا، غناك أَوْ ثروتك لا تمثل قيمة، لا تمثل قيمة لك في الاعتبارات الإلهية، يمكن أن يكون ذلك الفقير أعلى منزلة عند الله منك، أرقى رتبة عند الله منك، أعظم شأناً عند الله منك، أن يكون مستقرُّه في الجنة أعظم منك إنْ لم تكُنْ إلى النار والعياذ بالله.

 

لا قيمة للنسب والغنى في الاعتبارات الإلهية

لا تفتخرْ بنسبك على الآخرين، بأيِّ نسب، أي نسب تنتمي إليه، ربما ذاك الذي ترى في نسبه أنه أدنى من نسبك يكون هو عند الله سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَـى أعلى منزلة وأقرب إلى الله سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَـى وأقرب إلى أنبيائه وأوليائه وربما يكون مستقرُّه في الجنة خير منك إن لم تكن في النار، وربما يمتلك من الرصيد الأَخْـلَاقي والقيمي والمعرفي بأَكْثَـر مما تمتلك أنت، فلا ينفعك نسبك بشيء وأنت مفلس، مفلس في علاقتِك بالله سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَـى، ولا تمتلك ذلك الرصيد الأَخْـلَاقي والقيمي والمعرفي والعملي، قال الإمام علي عليه السلام: “قيمَةُ كُلِّ امرئٍ ما يُحسِنُه”، لن تكون قيمتك في نسبك ولن تكون قيمتك في ثروتك ولن تكون قيمتك بأيٍّ من هذه الاعتبارات إذَا أنت تفتخر على الآخر باعتبار منصبك أن لديك منصباً معيناً إما منصب في الدولة أنت وزير أن رئيس أنت مسؤول أنت مدير أنت بأية صفة أنت ضابط أنت في أي موقع من المواقع المسؤولية لا تتكبر لا تتكبر على الآخرين؛ لأنَّ الذي أنت فيه هو عبارة عن مسؤولية تكون فيها خادماً لأولئك الآخرين هذا هو حقيقة دورك هذا هو حقيقة دورك المسؤوليات كلها في هذه الحياة نكون فيها في موقع الخدمة نقـدّم الخدمة للآخرين وليس للاستعلاء التكبر والغطرسة عليهم حتى المقام الديني المقام الديني لا يسمح الله ولا يأذن الله لأن يكون وسيلة للتكبر على الآخرين أَوْ الغرور والعجب أنت إمام مسجد أنت خطيب أنت إنْسَـان معروف بالتدين والالتزام أنت بصفة عالم ديني أنت بصفة بأية صفة أنت بأية صفة أنت المقام الديني هو مقام خضوع لله وتواضع لعباده وإحسان إلى عباده وتقدير لقيمة الناس أعظم الناس ديناً هو الأَكْثَـر إدراكاً لقيمة المجتمع الإنْسَـاني لقيمة هذا الإنْسَـان هو الأَكْثَـر احتراماً للناس أَكْثَـر اهتماماً بأمر الناس الأحرص على صلاح الناس وعلى عزة الناس وعلى كرامتهم، في المقامات الدينية أرقى مقام أعظم مقام أعلى مقام هو مقام من وهو المستوى الذي وصل إليه من رسول الله محمد صلى الله وسلم عليه وعلى آله هذا أعلى مقام رسول الله محمد بن عبدالله مقام الرسالة الذي هو أعلى مقام في المسؤوليات الدينية والمقامات الدينية وهو خاتم المرسلين وسيد المرسلين ثم هو في أعلى مقام في هذا السلم سلم الرسالة سلم الكمال في موقعه في الرسالة وفي موقعه الإيْمَـاني أعلى مقام وصل إليه البشر في مكارم أَخْـلَاقه في سموه كإنْسَـان في ما يمتلك من قيم وأَخْـلَاق في رصيده العملي وتأثيره في الساحة وتأثيره الإيجابي هو رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في منزلته عند الله في كمالاته أذكى إنْسَـان هو رسول الله محمد أعظم إنْسَـان في شجاعته في قوته في كرمه في كمال نفسه في كُـلّ عناصر السمو وفي كُـلّ مكارم الأَخْـلَاق وكل حميد الصفات هو رسول الله محمد صلوات الله عليه وعلى آله كيف قال الله له {وَاخفِض جَناحَكَ لِلمُؤمِنينَ} [الحجر: 88] اخفض جناحك كن متواضعاَ لهم كُـلّ لين الجانب إليهم هو في نفسه كيف كان يقول الله {فَبِما رَحمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُم ۖ وَلَو كُنتَ فَظًّا غَليظَ القَلبِ لَانفَضّوا مِن حَولِكَ} [آل عمران: 159] لنفضوا من حولك {فَاعفُ عَنهُم وَاستَغفِر لَهُم وَشاوِرهُم فِي الأَمرِ} [آل عمران: 159] ما معنى إذَا أنت مَـثَـلاً بصفة عالم أَوْ متدين تأتي إلى الآخرين مترفعاً عليهم متعاظما عليهم متساميًا فوقهم تسيء إليهم تحتقرهم تعتبر الناس لا شيء أمامك لا، كيف كانت الروحية والسلوك لدى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله تجاه الناس {لَقَد جاءَكُم رَسولٌ مِن أَنفُسِكُم عَزيزٌ عَلَيهِ ما عَنِتُّم حَريصٌ عَلَيكُم بِالمُؤمِنينَ رَءوفٌ رَحيمٌ} [التوبة:128] بالمؤمنين رءوف رحيم الرأفة الرحمة الحنان التواضع يعز عليه ويؤلمه أن يلحق بكم العناء أن تلحق بكم المشقة أن يلحق بكم الضرر.

 

 كُلُّ نِعَمِ الله تترتب عليها مسؤوليات

فأي مقام أنت فيه وأي نعمة أعطاك الله سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَـى لا ينبغي أن يكون أثرُها في نفسك حالة من الكبرياء والغرور والعجب بالنفس أحرص أوَّلاً أن تدرك إنما هي نعمة من الله وأن ذلك كان بفضل من الله سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَـى وإلا فأنت العجز وأنت الضعف وأنت الجهل وأنت اللا شيء بدون الله أنت لا شيء، ثم لتعيَ جَـيِّـداً أن كُـلّ ما أعطاك الله يترتب عليه مسؤوليات يترتب عليه مسؤوليات أعطاك ذكاءً هذا يترتب عليه مسؤولية أعطاك مالاً هذا يترتب عليه مسؤولية أعطاك وجاهه هذا يترتب عليه مسؤولية أعطاك كذا كُـلّ نعم الله سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَـى هي نعم يترتب عليها مسؤوليات ليست عبثية ما أعطاك كذية من دون شيء بل لتكون مسؤولاً بما أعطاك كيف تتحَـرّك بما أعطاك فيما فيه مصلحة لك فيما فيه خير لك وفيما فيه مصلحة للأُمَّـة من حولك المؤمنين من حولك وتتجه بما أعطاك لتفعله بشكل صحيح وفي الاتجاه الصحيح وليس في معصية الله وليس في التكبر على عباد الله هذه مسألة مهمة جِـدًّا بل في غاية الأهميّة ثم أن تدرك أَيْـضاً نقاطَ ضعفك جوانب القصور لديك؛ لأنَّ البعض لم يعد يلتفت إلى أنه مهما كان مهما امتلك مهما بلغ مهما تحقّـق له لا يزال لدى الإنْسَـان دَائماً ودَائماً ودَائماً نقاط ضعف جوانب قصور جوانب خلل جوانب تقصير ليعرف حقيقة نفسه ومقدار نفسه فلا يتكبّر على الآخرين ثم في حركتك حتى في مشيك في الأرض أسلوب التعامل مع الآخرين والحركة بين الآخرين كيف تكون معبرا عن كريم أَخْـلَاقك عن صفاتك الطيبة والحسنة لا تتكبر على الآخرين مَـثَـلاً الآن زمن السيارات أوَّلاً قبل أن ندخل في مسألة السيارات أسلوبك في المشي لا تتعاظم أسلوبك في التخاطب والتعامل مع الآخرين لا تتعالى عليهم {وَلا تُصَعِّر خَدَّكَ لِلنّاسِ} [لقمان: 18] إذَا أحد بيتحدث معك ويتكلم معك ويتبادل الحديث معك تجي أنت تشيح بوجهك عنه كذا وتلقي له خدك اقبل إليه من يتخاطب معك من يتحدث معك أقبل إليه التفت إليه هذا نهى الله سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَـى في سورة لقمان {وَلا تُصَعِّر خَدَّكَ لِلنّاسِ} [لقمان: 18] الخد شق الوجه هذا خد وهذا خد لا تصعره لا تمله هكذا وتشيح بوجهك عنه حضرتك مسؤول ولا تاجر ولا متضيخم يعني بتقدر أيش قد أنت ما عاد تتنازل بتعتبر الذي يتحدث إليك إنْسَـان مسكين وأنت عسر وضخم إما أنك وإما أنك تفتخر بمقام أَوْ بمنصب أَوْ بأي شيء فلا تلتفت إليه وهو يتحدث معك.

 

المشي الطبيعي لا تكبُّرَ وَغرورَ فيه

أسلوبك في الحركة في المشي لا تجنِّحْ تحاول تفتح يدينك وتطلع صدرك زيادة وتعقر رأسك حتى ما عاد تستضي القاع وأنت متضيخم خليك يا أخي انظر أنظر إلى الأرض أنت من هذه الأرض وأنت في هذه الأرض لا تتحول إلى إنْسَـان في أسلوبه وفي حركته وتتبختر في مشيك حالة من التبختر والخيلاء تعبر فيها عن أنك شيء عجيب في هذه الدنيا لا، هذا غير لائق أبدا تمشي بتواضع بشكل طبيعي، كذلك في حركة السيارات وما إدراك ما حركة السيارات إذَا أنت إما أن معك سيارة ضخمة لا تنخّط بسيارتك الضخمة وفي الآخر موديل ولا التي هي من نوعية فارهة وغالية الثمن وو إلى آخره، أَوْ أنك ذو منصب معين أَوْ مقام معين فتتحَـرّك بشكل يعبر عن حالة من النخيط والتكبر والغرور تدخل السوق ولا الأماكن المزدحمة أَوْ المدينة أَوْ الشارع ازدحم والناس يتطايروا من قدامك لا تصدمهم حضرتك مسرع وبشكل يعني السلوكيات هذه معروفة السلوكيات التي تعبر عن حالة تكبر أَوْ حالة غرور أَوْ حالة ازدهاء في النفس أَوْ بالإمْكَانات لا مبالاة بالناس وعسارة عليهم ومدري أيش هذه حركات سيئة من أيٍّ كانت من أيٍّ كان، لاحظوا نحن نفترض في حركة الإنْسَـان في الحياة سواء في سيارة أَوْ وهو يمشي أن يكون طبيعيًّا في ذلك يمشي بشكل طبيعي أَوْ بحسب ما يقتضيه الحال مَـثَـلاً نتفهم بسرعة الإنْسَـان أسرع؛ لأنَّه معه مريض أَوْ معه جريح وهو بيسعفه حالة طارئة عنده حالة طارئة وبالتالي هو حريص أن يبادر لإسعاف هذا المريض أَوْ هذا المريض أَوْ الجريح ما يشتي له حتى المقصود في النص القُـرْآني ليس المقصود أنك قد با تتبهطل في حركتك وتتمسكن لا الحالة الطبيعية مثلما قال الله تعالى {وَاقصِد في مَشيِكَ} [لقمان: 19] حالة طبيعية امشي بحالة طبيعية؛ لأنَّك تتبختر أَوْ بشكل عنيف أَوْ بشكل يعبر عن غرور أَوْ ازدهاء أَوْ كبرياء أَوْ احتقار للناس ولا أنك بشكل متمسكن ومتبهطل وحالتك حالة من يراك يرحمك ولا يغثاك يقل ويش مال هذا كذا متخيضع زيادة، الحركة الطبيعية التي هي قصد عدل عدل في الأمور وبمقتضى الحال صحيح مَـثَـلاً حالة قصف حالة حرب الذي عليه قصف يضطر يعني يسابق أكيد ما هو سابر يمشي هونا وبسكينة وتأني فتجيله قذيفة وهو وسيارته فالأمور أَوْ ما يقتضيه الحال هذا له حكمه ما يقتضيه الحال حال المرض حال سرعة من أجل مبادرة لإنجاز شيء وليس سرعة جنونية؛ لأنَّ السرعة الجنونية تتسبب بحوادث سير وحوادث مؤلمة ومأساوية وكارثية كم في العالم يحصل من حالة وفيات نتيجة السرعة الجنونية وغير المتزنة والإفراط هذا أثر على الناس، {الَّذينَ يَمشونَ عَلَى الأَرضِ هَونًا} [الفرقان:63] يعني بسكينة وبوقار وبشكل سليم من أشكال التكبر والخيلاء والغرور ونجد في قول الله سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَـى في سورة الإسراء {وَلا تَمشِ فِي الأَرضِ مَرَحًا ۖ إِنَّكَ لَن تَخرِقَ الأَرضَ} [الإسراء: 37] لا تتعيسر وتتضيخم وتتكبر أنت ما أنت خازق للدنيا هذه أيش با تجي عليه لو تدعس بهمة وقُـوَّة من يسبر حتى تكتسر رجلك تكتسر رجلك والدنيا سليمة اعرف حقيقتك اعرف قدرك إنْسَـان مسكين قدراتك محدودة {وَلَن تَبلُغَ الجِبالَ طولًا} [الإسراء: 37] ما أنت جايي مثل الجبل يكون حجمك مثل حجم الجبل تتضيخم وتتعيسر أَحْيَاناً بعض الجبال بيجي عرضها في السكان عدنا في اليمن يقلك جبل رازح جبل كذا جبل 150 ألف نسمة ساكنين في جبل واحد ما قد غطوه عاد فيه مساحات فراغ وكل إنْسَـان كيف بيكون عرض الجبل صغير جِـدًّا الإنْسَـان واهم ومغرور عندما يتعاظم نفسه ينسى حقيقته أنه كائنٌ ضعيف محدود الحال في كُـلّ شيء في طاقته في قوته في إدراكه في فهمه في كُـلّ ما فيه ربما البعض إذَا مرض عرف حقيقة نفسه أَوْ في ظروف معينة أَوْ أجواء معينة يقول الله سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَـى أَيْـضاً في سورة لقمان {وَاقصِد في مَشيِكَ وَاغضُض مِن صَوتِكَ ۚ إِنَّ أَنكَرَ الأَصواتِ لَصَوتُ الحَميرِ} [لقمان: 19] كذلك هذا واقصد في مشيك واقصد في مشيك امشي بقصد بعدل بما يقتضيه الحال بما يتناسب وليس بحالة غرور وحالة استكبار ولهذا الجميع معنيون يعني لاحظوا كُـلّ الناس بحاجة إلى هذه التوجيهات في أي عمل في أي مستوى في أي دور أنت في الحياة أَيْـضاً الذين يتحَـرّكون في الأَعْمَـال الأمنية الذين لهم انتساب في العمل العسكري وعادة بيكونوا قد جفوا شوية نشفوا معنيون أَيْـضاً بذلك المسؤول بيقّدر أنه قدهي حالة روتينية للمسؤولين ويتعيسر لا الكل بحاجة إلى هذه التوجيه التواضع {الَّذينَ يَمشونَ عَلَى الأَرضِ هَونًا} [الفرقان: 63] فحركتهم ومعاملتهم متزنة بالسكينة بالوقار خالية من أشكال التكبر والخيلاء والغرور والاحتقار للناس وعدم المبالاة بالناس إلى آخره {وَاغضُض مِن صَوتِكَ} [لقمان: 19] حتى في الصوت حتى في نبرة الصوت وأنت تتبادل الحديث مع الآخرين تتحدث إلى شخص تناقش معه موضوع معين لا تجي ترفع صوتك عيه بحالة من الاستفزاز وفعلا يكون هذا الأسلوب مستفزا إذَا أنت تتحدث مع واحد وقام يرفع صوته عليك ويتكلم بصوت مرتفع ويهزئك ولا يعاشلك ولا هذا الإنْسَـان يستفزك عادة يعني صوتك يبقى طبيعي يعني وكذلك مثلما الحركة الصوت بما يقتضيه المقام والحال يعني المؤذن مطلوب يرفع صوته؛ لأنَّه المقام مقام رفع الصوت أصلاً الخطيب في مقامات معينة ونصوص معينة يريد أن يعطيها صوتا يساعد على إيصالها إلى أذهان الناس ويشتي لا يرقدوا هم وهو خافت صوته وموطّي زيادة يكونوا متنبهين هذا مقام مقام مناسب أَوْ أي مقام يناسب ذلك يعني في المعركة واحد ينادي المقاتلين يحرضهم يرفع معنوياتهم أَوْ يحتاج إلى إيصال الصوت لكن المقام الذي هو مقام تكبر الذي هو مقام تكبر أَوْ بغير مناسبة؛ لأنَّ الحمير ترفع أصواتها لغير مناسبة (إِنَّ أَنْكَرَ الأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ) صوت رفيع جداً ولغير مناسبة شيء مزعج يعني فالإنْسَـان كذلك يكون متنبهاً لهذه السلوكيات (وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا) أسلوبهم في التخاطب مع الآخرين والحديث مع الآخرين مثلاً الجهَلة من الناس غير متزنين في كلامهم في تعبيراتهم قد يتكلم معك بالكلام المستفز بجهالته بانعدام أَخْـلَاقه بانعدام وعيه قد يتخاطب معك بكلام مستفز بكلام سلبي بكلام مُسيء بكلام جارح فهم يترفعون عن الدخول في المهاترات ما هو مشغول بأنه يدخل في مهاترات مع كُـلّ من هب ودب ومن لقيه ولا هبا له كلمة بدلها بعشر ولا أساء إليه بكلام جارح بدله بأجرح وَهكذا لا، هم يتصفون بحالة من التحمل والانضباط وكظم الغيظ والعفو والترفع الترفع بكرامة عن الدخول في مهاترات وسباب وأشياء سيئة ما هو با يريع مثلاً أَوْ يتجه يتجه إلى من تكلم بإسَاءَة إليه بالسب مثلاً فيبادلهُ بالسب ويستخدم مثلما تكلم ذاك يستخدم كلمات بذيئة كلمات تافهة كلمات فاحشة، نزيهون عن ذلك بتخاطبهم نزيهون عن الكلام الفاحش عن الكلام البذيء ومترفعون عن الدخول في مهاترات مع من هب ودب با يتجاهل بعض السفهاء بعض الناس يقول اتركه اتركه هذا ويتكلم بكلام سليم أَوْ كلام فيه نصح أَوْ كلام يلقن ذلك الحجر بدلاً عن أن ينشغلَّ به:

إِذا نَطَقَ السَفيهُ فَلا تُجِبهُ.. فَخَيرٌ مِن إِجابَتِهِ السُكوتُ

سَكَتُّ عن السفيهِ فَظَنَّ أَنِّي.. عييتُ عن الجوابِ وما عييتُ

 الكثيرُ من الناس يعني كم يدخل الإنْسَـان في مشاكلَ يومية لو يبني على أنه حين ما يذهب مثلاً إلى السوق حين ما يذهب إلى الشارع إذَا بقي منشغلاً بأن يتفاعلَ عملياً مع كُـلّ كلمة مع كُـلّ إسَاءَة مع كُـلّ حركة كم يغرق الإنْسَـان.

 نكتفي بهذا المقدارِ في حديثِ اليوم ونكمل إن شاء الله في محاضرة قادمة.

نَسْأَلُ اللهَ سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَـى أَنْ يُوَفِّــقَنا وإيَّاكم لما يُرْضِيْهِ عَنَّـا إلى أن نهتديَ بكتابِه إلى أن نتمَّسَك بكتابه، إلى أن نلتزمَ بتعليماتِه وتوجيهاتِه، إلى أن نُطَبِّقَ في واقعِ حياتِنا هذه التوجيهاتِ وتتحوَّلَ إلى صفاتٍ لازمة مستمرة نعيشُها، ونسألهُ تعالى أَنْ يَنْصُرَنا بِنَصْـرِهِ في مواجهة المعتدين والظالمين المجرمين المستكبرين وَأَنْ يَرْحَمَ شُهْدَاءَنا الأبرارَ، وَأَنْ يَشْفِيَ جَرْحَانَا وأن يُعافيَ مَرْضَانا.. إِنَّهُ سَمِيْـعُ الدُّعَـاء.

وَالسَّـلَامُ عَلَـيْكُمْ وَرَحْـمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُه..

You might also like