«نيو إيسترن آوت لوك»: حتى الرياضة يستغلها الغرب في أعماله القذرة وحروبه الهجينة
متابعات:
من الناحية النظرية، يبدو أن كرة القدم مثل جميع أنواع الأنشطة الرياضية الأخرى هي أكثر الأمور بعداً عن السياسة، ولكن للكاتب الألماني غريت ماوتنر رأي آخر إذ أكد أن كرة القدم أصبحت وسيلة لتعزيز مكانة دولة ما وتأكيد أهميتها على الساحة الدولية.
وقال الكاتب في مقال نشره موقع «نيو إيسترن آوت لوك»: من الصعب تحديد متى أصبحت الرياضة مسألة سياسية بحتة وعنصراً لا غنى عنه في الحرب الهجينة، ولكن هذا الأمر بالتحديد تم التأكيد عليه من الرئيس الأمريكي الأسبق جون كينيدي، الذي أعلن في وقت مبكر من ستينيات القرن الماضي أن «الميداليات الذهبية الأولمبية يمكن اعتبارها نظيراً للرؤوس النووية». وفي الحقيقة، فإن كلاهما يؤثر على مكانة الدولة ويحدد مدى التأثير الذي تتمتع به على المسرح الدولي، ما يسهل الخطوات التي تتخذها أي دولة بهدف معالجة التحديات السياسية الداخلية والخارجية، حيث أصبحت الرياضة سلاحاً للدعاية، إلى جانب أنها بديل للحرب الفعلية، ووسيلة لإشباع الطموحات السياسية. فلا عجب إذاً أن الحرب غير الدموية تتم بكل الوسائل الممكنة.
وتابع الكاتب: وتأكيداً على ذلك، يمكن للمرء أن يتذكر أحداث التاريخ الرياضي الحديث مثل مقاطعة أولمبياد موسكو عام 1980 تحت ذريعة دخول القوات السوفييتية إلى أفغانستان، كما هو الحال بالنسبة لمقاطعة أولمبياد 1984 في لوس أنجلوس من عدد من دول حلف وارسو بسبب تصريح الرئيس الأمريكي آنذاك رونالد ريغان بأن واشنطن لاتستطيع ضمان سلامة الرياضيين السوفييت.
ولفت الكاتب إلى أن المنافسات الرياضية مع روسيا «في وقت سابق مع الاتحاد السوفييتي» كانت ذات أهمية خاصة للنخب السياسية الغربية التي استخدمتها باستمرار لمفاقمة الدعاية المستمرة المناهضة لروسيا من خلال نشر روايات غير صحيحة أو استفزازية أو حتى كاذبة تماماً، على شاكلة التهديدات المستفزة التي نُشرت في وسائل الإعلام الغربية حول نية مقاطعة دورة ألعاب سوتشي الشتوية لعام 2014 بذريعة مزاعم «انتهاك حقوق الأقليات» في روسيا.
ولفت الكاتب إلى أنه في الوقت الذي نشهد فيه المواجهة المريرة بين الغرب وروسيا في مختلف مناطق العالم وعبر الأسواق المالية، كان الغرب يستعد للقيام بدور قذر عشية كأس العالم لكرة القدم «فيفا» 2018، حيث أطلقت بريطانيا حملة دعائية ضد الروس تحت ذريعة «التسمم الكيميائي» المزعوم لسيرغي سكريبال وابنته، وهذه الأمور تزداد توتراً بسبب اتهامات واشنطن لروسيا بشأن الضم المزعوم لشبه جزيرة القرم واتخاذها إجراءات مشكوك فيها في سورية.
وأضاف الكاتب: وفي محاولة لإذكاء الرهاب من روسيا عشية كأس العالم 2018 وجه عدد من السياسيين الغربيين مطالب حول مقاطعة دولهم لهذا الحدث الرياضي، وعلى وجه الخصوص، ناقشت بلدان مثل بريطانيا وأستراليا وآيسلندا بنشاط شديد قرار مقاطعة كأس العالم، في الوقت الذي تنشر فيه كل أنواع الدعاية المرعبة في وسائل الإعلام حول روسيا لمنع جماهيرها من حضور مباريات كأس العالم 2018.
ومع ذلك، ليس من المهم بالنسبة لموسكو سواء حضرت رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي كأس العالم، أم لم تحضر، علماً أنه من المحتمل جداً أن تجد نفسها عاجزة عن القيام بهذه الرحلة من دون الإعراب عن اعتذارات رسمية لموسكو عن الاتهامات العديدة التي لا أساس لها والتي عبرت عنها ضد روسيا.
ورأى الكاتب أنه ينبغي ألا ننسى أن بطولات كرة القدم الكبرى ليست مهمة فقط بالنسبة للسياسيين الذين يسعون إلى استخدام أي حدث دولي لتعزيز روايتهم السياسية، ولكن بالنسبة إلى المشجعين كذلك الأمر الذين يرغبون في حضور حدث مهم كهذا وربما لمرة واحدة في العمر، لكن هذه الإمكانية يمكن أن تزول بسهولة على يد السياسيين الأفراد، ممن يدأبون على محاولة تدمير جميع قنوات التواصل الثقافي التي تربط بين دول معينة وبقية العالم.