بريطانيا والسعودية.. تجارة السلاح والدم
متابعات:
وقعت الحكومة البريطانية بين نارين، أحدهما شهيتها لبيع السلاح لممالك النفط وعلى رأسها السعودية من ناحية، ومن الأخرى نار الناشطين البريطانيين المطالبين بوقف تسليح السعودية لارتكابها مجازر بحق الشعب اليمني.
نيران قضية تسليح بريطانيا للسعودية أثارتها مؤخراً محكمة بريطانية قضت أنه بإمكان النشطاء -المطالبين بتوقف بريطانيا عن بيع أسلحة للسعودية، نظراً إلى احتمال استخدامها في الحرب على اليمن- الاستئناف على الحكم الذي أصدرته المحكمة العليا العام الماضي برفض دعواهم، وسعت الحملة المناهضة لتجارة السلاح في تموز الماضي إلى استصدار أمر من المحكمة العليا بإلغاء تراخيص تصدير مقاتلات وقنابل وذخائر بريطانية الصنع، يستخدمها «التحالف» الذي تقوده السعودية في الحرب على اليمن.
أحد أعضاء الحملة الشعبية ضد الحكومة البريطانية آندرو سميث قال: إنه يعتقد أن بيع الأسلحة إلى المملكة غير أخلاقي، وإن القصف الذي تقوده السعودية ضد اليمن قتل آلاف الأشخاص وتسبب في واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في العالم. وقتلت ضربات «للتحالف» بقيادة السعودية، آلاف المدنيين في مستشفيات ومدارس وأسواق، وقبل أسبوعين فقط قتلت الضربات الجوية السعودية 20 شخصاً على الأقل في حفل زفاف بقرية في شمال غرب اليمن.
ويستغل الساسة البريطانيون حماقة الحكام السعوديين لإنعاش اقتصادهم، فبريطانيا لم تمانع دعم السعودية في عدوانها على اليمن، بل زودتها بالسلاح، حيث تعدُّ السعودية أكبر زبون لبريطانيا في المجال العسكري، ووصلت قيمة عقود الأسلحة والمعدات العسكرية بين البلدين منذ بدء السعودية عدوانها على اليمن 2015 إلى 3,3 مليارات جنيه إسترليني.
ويعود تاريخ الدعم البريطاني لمملكة بني سعود لعدة عقود, وعندما بدأ العدوان السعودي على اليمن تعهد وزير الخارجية البريطاني حينها فيليب هاموند بدعم السعوديين بكل وسيلة من خلال المشاركة في عملية التدخل القصيرة في الحرب، وللأسف ظلت الحكومة البريطانية «وفية» لهذا التعهد وأحد الطرق الرئيسية التي طبقت بها ذلك التعهد هو بيع الأسلحة، وعلى الرغم من الدمار وسجل السعودية المخيف بشأن حقوق الإنسان، باتت السعودية أكبر مشترٍ للأسلحة البريطانية إلى حد بعيد. ومنذ بدء القصف أصدرت بريطانيا تراخيص لبيع أسلحة تزيد قيمتها على 4,1 مليارات دولار أمريكي، وتشمل تلك المبيعات طائرات «تايفون» المقاتلة التي استخدمت في عمليات القصف والقنابل والصواريخ المحرمة دولياً، حيث أقرت السعودية بأنها استخدمت قنابل عنقودية بريطانية الصنع وهي أحد أكثر القذائف فتكاً.
العلاقات المتينة بين مملكة بني سعود وبريطانيا ليست وليدة اليوم والمشكلة هي بالأصح مؤسسية أكثر من كونها حزبية سياسية، فالحكومات البريطانية المتعاقبة مستمرة منذ عشرات السنين في تقديم كل أنواع الدعم لنظام بني سعود من دون الالتفات إلى ما يرتكبه من جرائم حرب.
بالإضافة إلى الدعم الذي تقدمه بريطانيا للعدوان السعودي على اليمن وتوفير الأسلحة المتطورة للسعودية، فإن بريطانيا تقوم أيضاً بتدريب القوات السعودية ومرتزقتها، ولديها قوات منخرطة معها تساعد في الغارات الجوية.
وتقول الأمم المتحدة إن نقص الغذاء الناجم عن منع الأطراف المتحاربة دخول الإمدادات تسبب في أسوأ أزمة إنسانية في العالم، وشردت الحرب أكثر من مليوني شخص وأدت إلى تفشي مرض الكوليرا وإصابة نحو مليون شخص به، ما يراه الناشطون البريطانيون المعارضون لتسليح بريطانيا للسعودية، تورطاً مباشرة في سفك دماء المدنيين اليمنيين.
*ضياء الصفدي