كل ما يجري من حولك

محاولات ألمانية للبحث عن دور في “الأزمة” اليمنية

547

متابعات | تقارير | البديل المصرية

معادلات جديدة تفرضها ظروف المرحلة على التحركات الألمانية تجاه ملفات المنطقة، والاهتمام الألماني بالملف اليمني ليس بعيدًا عن هذه المتغيرات، المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، تعلم أن معطيات الخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي ستمنحها هامشًا أكبر على التحرك بفاعلية، خاصة أن برلين تمثل حاليًّا الدولة الأهم والأكبر نفوذًا داخل النادي الأوروبي، ولا يغيب عن ميركل الانتخابات في الداخل الألماني، الأمر الذي سيضيف لرصيدها الإنساني في حالة استطاعتها إيجاد حلول لوقف الحرب اليمنية.

ميركل.. اليمن

أكدت ميركل، الاثنين الماضي، أنه لا يمكن حل النزاع اليمني عسكريًّا، مضيفة أن ما يبعث على السرور هو مراهنة السعودية أيضًا على العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة على حد قولها. تصريحات ميركل جاءت أثناء جولتها الخليجية التي شملت السعودية والإمارات.

وذكرت المستشارة الألمانية أنها تحدثت عن النزاع اليمني بصورة مكثفة الأحد في جدة مع وزيري الدفاع والداخلية السعوديين، وقالت إن “ألمانيا عرضت دعم عملية الأمم المتحدة بإمكانياتها الدبلوماسية الخاصة، وسنقوم الآن بالترتيبات اللازمة مع الأمين العام للأمم المتحدة”، وأوضحت أنها أجرت قبل جولتها مشاورات مع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش حول الوضع في اليمن.

تصريحات ميركل تحاول من خلالها أن تحدث اختراقًا في محاولة التسوية السياسية المتعثرة في اليمن، فعلى خط الأزمة اليمنية المتصاعدة عرضت المستشارة ألمانية وساطة لإنهاء الصراع المتفاقم منذ أكثر من عامين، وأعربت ميركل عن رغبتها في استثمار علاقة ألمانيا مع جميع الأطراف اليمنية للوصول إلى حل سياسي.

ألمانيا ما زالت تحافظ على قنوات اتصال مع جميع الأطراف، سواء حكومة عدن والمتمثلة في الرئيس المنتهي ولايته، عبد ربه منصور هادي، أو حكومة صنعاء والمتمثلة في حركة أنصار الله والرئيس السابق علي عبد الله صالح، وهو الأمر الذي تم استثماره بالفعل من الألمان، حيث قالت وزارة الخارجية الألمانية إن ممثلين وصفتهم برفيعي المستوى لأطراف النزاع في اليمن التقوا الشهر الماضي في برلين؛ بهدف تحريك عملية السلام المتعثرة.

ويبدو أن ألمانيا تعتمد في تحركاتها الأخيرة تجاه الملف اليمني على العلاقات التي تربطها بالأطراف غير المباشرة في الصراع اليمني، كالرياض وطهران، إلا أن ميركل تحاول إيجاد توافقات مع أطراف عالمية بدأت بتشكيل في صمات لها في الملف اليمني، ولا تبدو زيارة ميركل للرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بعيدة عن هذا السياق، فالعديد من المراقبين وجدوا في زيارة ميركل لروسيا أنها ذات طابع ودي، حيث حرصت ميركل على الابتعاد عن حالة الاستقطاب الأوروبي الروسي التي ساهمت فيها واشنطن بشكل كبير عبر جزيرة القرم والعقوبات المفروضة على روسيا، والوضع في أوكرانيا، حيث اتفق الجانبان الروسي والألماني على ضرورة الدفع مجددًا من قبل الجهات الراعية لاتفاقيات مينسك؛ بغية تنفيذ القرارات المتخذة الرامية لحل النزاع وتسوية الأزمة في أوكرانيا.

التوافقات الألمانية الروسية قد تكون لها تداعياتها على الملف اليمني، فبرلين الباحثة عن دور سياسي لها في المنطقة، تتقاطع مع روسيا بالنسبة للحلول السياسية للأزمة اليمنية، فكلاهما تطرح نفسها كوسيط للحل، وكلاهما تشدد على أن الحل في اليمن يجب أن يكون سياسيًّا، فطالما أكدت روسيا على أهمية الوقف الفوري للقتال في اليمن، وبالأمس أعربت المستشارة الألمانية عن تأييدها لوقف الغارات الجوية السعودية في اليمن، وأضافت ميركل أنه يجب الحيلولة دون تعرض المزيد من الأشخاص في اليمن الفقير للعيش “في وضع إنساني سيئ للغاية”، ولفتت إلى أن السعودية ليست اللاعب الوحيد المضطر لقبول حلول توافقية.

التحرك الألماني تجاه الملف اليمني يأتي من منطلق رغبتها في فتح باب للمساومة، فألمانيا تدرك أنها جاءت متأخرة إلى المنطقة، وأن صفقات التسليح قد اقتنصتها كل من بريطانيا وأمريكا، والضغوط الألمانية الجديدة على الرياض، سواء بإيقاف عدوانها على اليمن، أو الحديث عن ملف الحريات في المملكة غير مجدية، حيث أعربت المستشارة الألمانية عن اعتقادها بحدوث تقدم في العلاقات العسكرية بين بلادها والسعودية، لكنها انتقدت وضع حقوق الإنسان في المملكة، ففي أعقاب لقائها مع العاهل السعودي، الملك سلمان بن عبد العزيز، قالت ميركل إنه فيما يتعلق بأمور مثل عقوبة الإعدام أو موقف المدون المسجون رائف بدوي أو آخرين عديدين، “فإننا سنثقب بطبيعة الحال في اللوح السميك لحقوق الإنسان”، وأضافت ميركل أن ثمة أوجه قصور كبيرة في هذا المجال.

لكن ميركل عادت لتقول إن هناك رسالة مهمة صادرة اليوم هي أن برلين والرياض تستطيعان التعاون اقتصاديًّا بشكل جيد، دون “الإخلال” باللوائح الألمانية الصارمة الخاصة بصادرات صفقات التسليح، وكان “مجلس الأمن الاتحادي”، الذي يختص بإقرار صفقات التسليح في ألمانيا، قد أعطى موافقته على صفقة عسكرية بين الرياض وبرلين تشمل 48 زورقاً بحريًّا.

You might also like