ترامب.. خلال مئة يوم أضحكت العالم!
ليس مستبعداً أن يُفَاجِئ، دونالد ترامب، الذي يبيت الليلة، لليوم المئة في البيت الأبيض، العالم، بقرارات صادمة كعادته.
بيد أن الرئيس الخامس والأربعين “للولايات المتحدة المفككة”، على حد وصف كبريات الصحف الأميركية؛ لن يكترث لما يكتب وما يقال، فقد استهلك، جل خزين تعابير الدهشة والتعليقات الساخرة، وصار مادة للتندر، ومحط إعجاب الباحثين عن الفريد والغريب والمبهر.
لم يأت ترامب، بجديد في منصب الرئاسة، بل واصل نمط العيش، والسلوك، وطريقة التعامل مع الآخر، كما كان في حياته العملية الممتدة لخمسة عقود، مقاولا، وتاجر عقارات، ومتعهد حفلات ومباريات مصارعة، ومزواجا، ينتقي شريكات حياته، عابرات ومستديمات من الجميلات، وخاصة من العرق السلافي المطعم بجاذبية فريدة، رسمت ملامح شعوب مختلطة مثل باقات الزهور.
ولم يحرم ترامب نفسه، من المتع ومن مغامرات الأفكار، وصولا إلى البيت الأبيض الذي يبدو كوخا أمام القصور الفخمة والقلاع المهيبة التي سكنها مع من يهوى ويعشق قبل أن يصبح ” فقيرا” بلا مرتب، بصفته رئيسا لدولة عظمى، قال بعض مفكريها إنها بلغت السلم الأخير من الانحطاط، باختيارها ” الكهل المعجزة” دونالد ترامب متحكما بسلاحها النووي، وبمشاعر شعبها.
لكن عين الحسود بيها عود! فالرئيس العابر للسبعين بعام، بز الجميع، بقدرته العجيبة على مخاطبة المشاعر البسيطة للمواطن العادي، الذي لا ينظر أبعد من أنفه، ولا يخوض في السياسة. وهذا ديدن غالبية الأميركيين.
وخلافا لمنافسيه، فقد، كان ترامب متعهد مسابقات ملكات الجمال، جريئا مقحاما، في التعبير عن مكنونات نفسة، تماما كما يفعل المهرج في السيرك.
فعلى نسق، عروض السيرك المبهرة التي تحبس الأنفاس، قذف ترامب تهديداته، كطلق الرشاش، ضد إيران وكوريا الشمالية، وداعش، والسعودية، وروسيا وسوريا والمسلمين، واللاتينيين، والمكسيك، وضد كل من يرى فيه عدوا حتى لو كان مدرجا في قائمة الأصدقاء التقليديين للولايات المتحدة. بل لم يسلم من لسانه حلف شمال الأطلسي، وزعماء الغرب. ولم يتوان عن إطلاق نعوت، ما كان العالم يتصور أن زعيما لدولة عظمى يتفوه بها، ولو في الكوابيس.
ولم ينزعج أنصار ترامب من تصرفاته، بل وجدوها ممتعة، أما الخصوم فقد كانوا ينتظرون زلاته، لتثبيت مقولة إنه لا يصلح لقيادة الأمة، وأن وصوله إلى سدة الحكم، وصمة عار لأميركا.
يستيقظ ترامب، وربما قبل أن يتناول قهوة الصباح، يدون في تويتر، أفكارا وتعليقات، تتدفق بعفوية، ويأخذها العالم على أنها تصريحات وبلاغات رسمية، يبني عليها المحللون، مواقف وآراء، لن تصمد طويلاً، وربما لن تدوم إلا لبضع ساعات، ومع أول تغريدة جديدة للرئيس الغاضب على صحافة بلاده. ويتهمها بالكذب والتلفيق. تتهاوى التحليلات كورق يابس في مهب تغريدات ترامب العاصفة.
لم يجرؤ على ضرب كوريا الشمالية، وإن استعرض أسطوله في وجه زعيمها الذي لا يقل رعونة عنه، مع زيادة أن كيم جونغ أون يرى في نفسه إلها..
ولم تظهر مرجلة وتهديدات ترامب خلال مئة يوم إلا على مطار الشعيرات السوري، الذي انهال عليه بتسع وخمسين توماهوك. هجوم كلف البنتاغون زهاء المئة مليون دولار، وبنتيجة على الأرض، وصفت بأنها مضحكة. أما الرسالة السياسية للعملية التي يعتقد أنها موجهة لروسيا، فقد نقعها الكرملين وشرب ماءها!
أكثر ما يثير الشفقة، الرهانات الكبيرة التي عقدها كثيرون في العالم العربي على وصول ترامب إلى البيت الأبيض، وكأنه سيقلب المنطقة رأسا على عقب؛ يخرج إيران من العراق، ويقضي على قوتها العسكرية، ومفاعلاتها النووية، ويغرم السعودية ويبتزها ويحولها إلى دولة متسولة تنتظر التقسيم.. ويؤسس “ناتو عربي”.
بل المضحك أن بعض مناهضي الاحتلال، يبتهلون إلى الله بأن يحتل ترامب العراق وليبيا وسوريا واليمن، تحقيقا لأمنيات خاصة بهم.
لم يظهر من ترامب في المئة يوم المنصرمة، من ولايته الأولى، غير الطرائف، والفيديوهات المسلية، والصور المثيرة، تكحلها طلات السيدة الأولى، ميلانيا، والابنة إيفانكا، والإشارات والإيماءات والحركات التي غدت مادة دسمة لخبراء لغة الجسد.
ولعل العنوان العريض للغة جسد ترامب؛.. ألعب بيها على كيفي!!
* سلام مسافر ـ روسيا اليوم