كل ما يجري من حولك

عبر التحركات الأخيرة.. هل تحشد أميركا وإسرائيل لحرب برية في اليمن

237

 

متابعات..|

 

يبدو التقدّم الحاسم والسريع الذي حقّقه «المجلس الانتقالي الجنوبي» الموالي للإمارات في شرق اليمن وجنوبه، وفق تقديرات غربية متقاطعة، جزءاً من مسار استراتيجي أوسع يهدف إلى تطويق شمال اليمن، وإعادة رسم موازين القوى، تمهيداً لمرحلة حسم تختلف جذرياً عن المراحل السابقة.

 

وتشير تقييمات صادرة عن مراكز بحثية أميركية، في مقدّمها مركز «صوفان»، إلى أن السيطرة على محافظة حضرموت تمثّل نقطة تحوّل مركزية، ليس فقط لثقل المحافظة الاقتصادي، بل لكونها العقدة البرّية التي تصل الشمال بعمقه الجغرافي واللوجستي شرقاً.

 

وتبعاً لذلك، فإن إحكام القبضة على حضرموت يعني عملياً قطع طرق الإمداد البرّية، وتجفيف الموارد، وتوفير عمق عملياتي يسمح بممارسة ضغط عسكري مباشر على صنعاء، وذلك في حال فشل المسارات السياسية في احتواء حركة «أنصار الله».

 

أيضاً، لا يمكن فصل هذه التحوّلات البرّية عن التصعيد الأميركي – الإسرائيلي المتواصل في البحر الأحمر وبحر العرب، والذي يُقدَّم رسمياً تحت عنوان «مكافحة تهريب السلاح إلى الحوثيين»، في حين أنه في حقيقته جزء من مسار متكامل يهدف إلى تطويق الشمال اليمني وعزله قبل أي مواجهة برّية محتملة.

 

ويُجمِع خبراء عسكريون غربيون وإسرائيليون على أن خوض حرب برّية ضدّ تنظيم عقائدي مسلّح كحركة «أنصار الله»، من دون قطع خطوط الإمداد وتجفيف مصادر التسليح، يُعدّ مقامرة خاسرة.

 

ومن هنا، يُفهم الانتشار البحري الأميركي الواسع، إلى جانب التنسيق البحري والاستخباراتي مع إسرائيل، والهادفَين إلى شلّ قدرة «أنصار الله» على التعويض العسكري، وليس الاكتفاء بحماية الملاحة الدولية فقط.

 

لا بل تذهب بعض التحليلات الإسرائيلية إلى أبعد من ما تقدّم، معتبرة أن السيطرة البحرية تُستخدم كأداة ضغط على الجغرافيا اليمنية برمّتها، وذلك عبر التحكم بالموانئ والممرات الحيوية التي تمثّل الشريان الاقتصادي والعسكري للشمال، بما يقلّص كلفة أي تصعيد برّي لاحق.

 

هكذا، لم تعُد فكرة الحسم البرّي طرحاً نظرياً، بل باتت تُقدَّم كخيار شبه حتمي، بعدما أثبتت الحملات الجوية فشلها في القضاء على «أنصار الله» التي نجحت في بناء نموذج عسكري – سياسي متماسك.

 

وفي هذا الإطار، تتصاعد الدعوات، في الإعلام الإسرائيلي خصوصاً، إلى اعتماد استراتيجية متعدّدة المراحل تبدأ بتطويق الشمال وقطع طرق السلاح والتمويل عنه، قبل الانتقال إلى مواجهات برّية تقودها قوى يمنية محلية بدعم استخباراتي وجوي إقليمي.

 

وعلى المقلب اليمني، اكتسبت تصريحات القيادي في الحراك الجنوبي، عمر علي سالم البيض، دلالة خاصة، بعدما أقرّ صراحة بأن المرحلة المقبلة مرشّحة للانتقال إلى العمل البري ضد الشمال، موضحاً أن السيطرة على حضرموت والمهرة ليست غاية بحدّ ذاتها، بل شرط بنيوي لأي مواجهة شاملة مقبلة.

 

ويعزّز هذا التوجّهَ ما أعلنه عضو «المجلس الرئاسي»، طارق صالح، الذي وصف ما جرى في الشرق بأنه تهيئة لمسرح العمليات.

 

ويرى مراقبون أن مقايضة الاعتراف الدولي، ولا سيما الغربي والأميركي، بانفصال جنوب اليمن، مقابل مشاركة فصائل «الانتقالي» في هجوم بري على مناطق الشمال، خيار مطروح باستمرار، ويعود اليوم ليكتسب زخماً مع تزايد الدعوات الغربية إلى خنق الشمال اقتصادياً وعسكرياً، قبل فرض وقائع جديدة بالقوة.

 

وفي هذا الإطار، تحدّث كتّاب ونشطاء مقرّبون من «الانتقالي»، عن أن «المنطقة العسكرية الأولى» في حضرموت مُتهَمة بالتراخي في منع التهريب إلى مناطق سيطرة صنعاء، وذلك في محاولة لتصوير القوى المحسوبة على «الشرعية» على أنّها غير مؤهّلة للقيام بدور حاسم في أي اشتباك مقبل مع الشمال؛

 

علماً أن قادة «الانتقالي» دائماً ما يقدّمون أنفسهم كطرف وظيفي قادر على لعب دور في مجالات تمثّل شواغل دولية، من مثل مكافحة التهريب وحماية الأمن في الممرات البحرية.

 

وعلى أي حال، يمثّل بسط «الانتقالي» نفوذه على كامل المحافظات الجنوبية أكبر تغيير ميداني منذ عام 2015، وهو يفتح الباب أمام سيناريوين مترابطين: إمّا إعادة اليمن إلى دولتين، أو الانزلاق نحو مواجهة برّية واسعة النطاق، وفق ما ذهبت إليه أيضاً صحيفة «الغارديان» البريطانية.

 

ولاحظت الصحيفة أن هذا التحوّل ترافق مع تراجع سعودي واضح، تُوّج بانسحاب القوات السعودية من عدن، بما يوحي بأن مركز الثقل في الجنوب انتقل عملياً إلى أبو ظبي وحلفائها، وأن الحسابات الإقليمية دخلت مرحلة إعادة تموضع عميقة.

 

You might also like