الاحتلال يخسر “الفضاءَ الأزرق”.. وصعود الرواية الفلسطينية يثير قلق المؤسّسة الأمنية الإسرائيلية
متابعات..|
تشهد المؤسّسة الأمنية والإعلامية الإسرائيلية قلقًا متزايدًا من تراجع تأثير الرواية الإسرائيلية على منصات التواصل الاجتماعي، مقابل تنامي الانتشار العالمي للمحتوى الداعم للرواية الفلسطينية، خَاصَّة منذ اندلاع حرب غزة في تشرين الأول/ أُكتوبر 2023، في ظل ما بات يوصف في الأوساط الإسرائيلية بـ”خسارة الفضاء الأزرق”.
وفي تحليل نشرته صحيفة يديعوت أحرونوت، أكّـدت الخبيرة الإسرائيلية في صناعة المحتوى والدعاية الرقمية، إيلا كينان، أن ساحة التأثير على الرأي العام عبر المنصات العالمية، مثل تيك توك وX وإنستغرام وويكيبيديا، باتت جبهة قتالية حقيقية تعمل على مدار العام، وتشكّل وعي مئات الملايين من الشباب حول العالم.
وقالت كينان إن خصوم الاحتلال – من حركات المقاومة وُصُـولًا إلى دول مثل إيران وقطر وروسيا – أدركوا مبكرًا أهميّة هذه الساحة، واستثمروا سنوات في بناء رواية مضادة لكَيان الاحتلال ضمن وسائل الإعلام والمنصات الأكاديمية والاجتماعية، مشيرة إلى أن المحتوى المعادي لم يعد يقتصر على نقد السياسات الإسرائيلية، بل تحول إلى خطاب ينفي شرعية وجود الدولة.
وأضافت أن الاتّهامات الموجهة للاحتلال بارتكاب “إبادة جماعية” في غزة انتشرت خلال 48 ساعة فقط من عملية طوفان الأقصى، ووصلت إلى عشرات ملايين المشاهدات، ما ساهم في إشعال موجات الاحتجاج في الغرب، بينما كانت القوات الإسرائيلية تخوض معارك على أطراف غزة.
وفي السياق ذاته، كشفت كينان أن منصة X بدأت مؤخّرًا بالكشف عن مواقع الحسابات واسعة التأثير، التي يتبين أن العديد منها يقدم نفسه كـ”صحفيين من غزة”، لكنه يعمل فعليًّا من دول مثل تركيا وهولندا وإندونيسيا وجنوب شرق آسيا.
كما تعمل حسابات ضخمة معادية للاحتلال، تقدم نفسها على أنها أميركية أَو أُورُوبية، من دول مثل باكستان وبنغلاديش ونيجيريا، في إطار ما وصفته بـ”عملية تأثير عالمية منظمة”.
من الأمثلة التي ذكرتها الكاتبة حساب Times of Gaza الذي يتابعه نحو مليون شخص، ويُنظر إليه في الغرب كمصدر موثوق للأخبار من داخل القطاع، رغم أنه يعمل من جنوب شرق آسيا.
كما استخدمت هيئة الإذاعة البريطانية (BBC) محتوى حساب آخر تبين أنه يُدار من هولندا، فيما يعيش المؤثر الغزاوي الشهير محمد السميري، رغم محتواه اليومي عن “الوجود في غزة”، في إندونيسيا.
ورغم هذا التفوق العربي والفلسطيني في الفضاء الرقمي، تقول كينان إن (إسرائيل) ما زالت تستخدم أدوات “عفا عليها الزمن”، فيما تواصل الجهات المعادية تطوير أساليب تأثيرها بسرعة هائلة، خَاصَّة بين أوساط جيل Z الذي يشكّل القوة الأَسَاسية الدافعة لتبدل الرؤى تجاه الصراع.
وترى الأوساط الأمنية الإسرائيلية أن مواجهة هذا التراجع تتطلب الاعتراف بأن معركة الرأي العام ليست مُجَـرّد أدَاة دعائية زمن الحرب، بل جزء من الأمن القومي، بما يستدعي وضع سياسة شاملة لمواجهة حملات التأثير المضادة، في ظل ما يعتبره كَيان الاحتلال “انتكاسة كبرى” لروايته مقابل الصعود الواسع للرواية الفلسطينية عالميًّا.
المصدر: صحيفة يديعوت أحرونوت