كل ما يجري من حولك

تحقيق لـ “ذي نيويوركر”: أمريكا تضغط على دول لقبول مهاجرين مُرحَّلين بينهم يمنيون

172

 

المرحَّلون اليمنيون نُقلوا إلى دول لا تربطُهم بها أية صلة وتعتقلُ السلطات في البلدان المستقبِلة عددًا منهم دون محاكمة أَو مسوّغات قانونية.

متابعات..|

حَفِلَ عددُ أمس من مجلة “ذي نيويوركر” بتحقيق مطوّلٍ للصحافية سارة ستيلمان كشفت فيه عن سياسات الترحيل القسري التي تنتهجها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تجاه مهاجرين يعيشون في الولايات المتحدة، وإرسالهم إلى دول ثالثة مثل غانا وجنوب السودان وإيسواتيني، حَيثُ يتعرض بعضهم للاحتجاز لأَجَـلَ غير مسمى، أَو يُعادون إلى أوطان فرّوا منها خشية الاضطهاد أَو العنف.

وبحسب التحقيق، تلقّت المجلة في أيلول/سبتمبر تسجيلًا مصورًا من مجموعة مهاجرين محتجزين داخل معسكر في غانا يُدعى “بوندازي للتدريب”، تحدّثوا فيه عن ظروف اعتقال قاسية ومخاوف من التعذيب. ومن بين المحتجزين شخص يُشار إليه باسم “جيم”، وهو تاجر سيارات من ألاباما ومقيم دائم قانونيًّا في الولايات المتحدة منذ التسعينيات، رُحّل فجأة رغم تمتّعه بحماية قانونية تمنع ترحيله إلى بيئة قد تشكّل خطرًا على حياته.

ووفقًا للمحامية ميريديث يون، التي تتولى الدفاع عن المحتجزين، فإن عددًا من المرحّلين إلى غانا وجنوب السودان وإيسواتيني كانوا يعيشون في الولايات المتحدة منذ سنوات طويلة، وبعضهم حصل على الإقامة الدائمة، فيما كان آخرون قد أكملوا عقوباتِهم الجنائية منذ وقت طويل، وأوضحت يون أن عملَها تغيّر جذريًّا خلال العام الجاري بعد موجة مداهمات نفّذتها دائرة الهجرة والجمارك، استهدفت مهاجرين يتمتعون بوضع قانوني مستقر.

ويشير التحقيق إلى أنّ بعضَ عمليات الترحيل الأولى شملت أشخاصًا من ميانمار، المكسيك، لاووس، وكوبا، وجامايكا، وفيتنام واليمن، نُقلوا إلى دول لا تربطهم بها أية صلة. كما اعتقلت السلطات في الدول المستقبلة عددًا منهم دون محاكمة أَو مسوّغات قانونية واضحة.

وتقول المجلة إنّ إدارة ترامب اختبرت ما يبدو أنه “نموذج جديد للترحيل إلى دول ثالثة”، مستندةً إلى الأمر التنفيذي الذي أصدره ترامب عام توليه منصبه تحت عنوان “تأمين حدودنا”، والذي يتضمن توسيع عمليات الترحيل إلى دول بديلة. وشملت تلك الخطط إرسال مئات المهاجرين إلى بنما وكوستاريكا وأوزبكستان والسلفادور، حَيثُ احتُجز كثير منهم في مراكز عالية الحراسة مثل مركز “سيكوت” سيئ الصيت في السلفادور.

قضائيًّا، سجّل قضاة فيدراليون اعتراضات على هذه السياسات؛ إذ أصدر قاضيان فدراليان حكمًا يمنح المهاجرين فرصة للطعن في قرارات ترحيلهم إلى دول ثالثة، قبل أن تعلّق المحكمة العليا تنفيذ القرار مؤقتًا بعد طعن حكومي.

ويكشف التحقيق أن بعض المرحّلين — ومنهم من عاش في الولايات المتحدة خمسين عامًا — يحملون الجنسية الأمريكية أَو المتزوجين من مواطنين أمريكيين. كما يورد شهادات عن تهديدات تطال حياتهم في البلدان التي رُحّلوا إليها، رغم نصّ الاتّفاقيات على احترام مبدأ “عدم الإعادة القسرية” الذي يحظر تسليم أي شخص إلى بلد قد يتعرض فيه للتعذيب أَو الاضطهاد.

وفي سياق متصل، يشير التحقيق إلى أن الولايات المتحدة استخدمت حوافز مالية سرّية لإقناع بعض الدول بقبول المرحّلين. وتظهر وثائق حصلت عليها الصحيفة أن واشنطن دفعت أكثر من 5 ملايين دولار لإيسواتيني مقابل استقبال ما يصل إلى 160 شخصًا، كما التزمت بدفع 7.5 مليون دولار لرواندا مقابل قبول 250 مهاجرًا. وفي آذار/مارس الماضي، قدّمت إدارة ترامب أكثر من 4 ملايين دولار للسلفادور لاحتجاز مهاجرين غير سلفادوريين.

ويخلص تقرير “ذي نيويوركر” إلى أنّ إدارة ترامب لجأت إلى الضغط الاقتصادي والدبلوماسي — وأحيانًا التهديد — لإقناع دول مختلفة، مثل أوكرانيا وليبيا والسعوديّة وأوغندا وكوسوفو، بقبول عمليات الترحيل، وسط غياب الشفافية بشأن الاتّفاقيات الموقعة بين الحكومات ومخاوف متزايدة من انتهاكات قانونية وحقوقية بحق المرحّلين.

المصدر: مجلة “ذي نيويوركر”

You might also like