“نيويورك تايمز” تكشف: اختراق هواتف الحُرَّاس كان “كعب أخيل” إيران الذي مكّن (إسرائيل) من اغتيال قادتها وعلمائها
متابعات..|
في تحقيق استقصائي صادم، كشفت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية عن تفاصيل حرب ظل استخباراتية معقدة، تمكّنت فيها (إسرائيل) من توجيه ضربات موجعة لإيران عبر استغلال ثغرة أمنية قاتلة: الهواتف المحمولة للحراس الشخصيين والسائقين المحيطين بكبار قادة طهران.
التقرير، الذي يستند إلى مصادر استخباراتية إسرائيلية ومسؤولين إيرانيين، أوضح أن هذا الاختراق المنهجي كان حجر الزاوية في سلسلة من عمليات الاغتيال التي استهدفت علماء نوويين وقادة في الحرس الثوري، مما يمثل أحد أخطر الاختراقات الأمنية التي تواجهها طهران منذ عقود.
“الزفاف الأحمر”: حين تحوَّلت هواتف الحراسُ إلى أجهزة تعقب
يسلط التحقيق الضوء على حادثة وقعت في 16 يونيو الماضي، والتي عكست حجم الكارثة الأمنية. ففي اجتماع سري للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني عُقد في نفق محصن تحت الأرض، وبينما كان كبار قادة الدولة، بمن فيهم الرئيس مسعود بزشكيان، يناقشون أمورًا حساسة، قصفت المقاتلات الإسرائيلية مداخل المخبأ. نجا القادة، لكن المفاجأة كانت في اكتشاف أن الهواتف المحمولة لحراسهم، الذين بقوا في الخارج، هي التي بثت إشارات كشفت موقع الاجتماع بدقة فتاكة.
ووفقًا للصحيفة، لم يكن هذا حادثًا معزولًا، بل تتويجًا لعملية استخباراتية إسرائيلية طويلة الأمد أطلق عليها اسم “الزفاف الأحمر“ (في إشارة إلى مشهد دموي من مسلسل “صراع العروش”)، ركزت على استغلال “الاستخدام غير المنضبط” للهواتف من قبل الدائرة الأمنية المحيطة بالقادة.
“مجموعة السلاح”: تصفيةُ العقول النووية
بالتوازي مع استهداف القادة العسكريين، أطلقت تل أبيب حملة موازية لاغتيال العلماء النوويين تحت اسم “مجموعة السلاح“. وكشف التقرير أن (إسرائيل) درست ملفات 400 عالم نووي، واختارت 100 منهم كأهداف رئيسية، ونجحت في اغتيال 13 منهم في الأسبوع الأول من الحرب في يونيو، من بينهم شخصيات بارزة مثل محمد مهدي طهرانجي وفريدون عباسي.
خللٌ بنيوي واختراق في أعلى المستويات
أكّـدت “نيويورك تايمز” أن نجاح (إسرائيل) لم يعتمد فقط على تفوقها التكنولوجي عبر الأقمار الصناعية وأدوات التنصت، بل أَيْـضاً على اختراق بشري عميق.
ونقلت عن مسؤولين إيرانيين اعترافهم بأن “التغلغل الإسرائيلي وصل إلى أعلى مستويات اتِّخاذ القرار”؛ ما أَدَّى إلى حملة اعتقالات واسعة وإعدامات طالت ضُبَّاطًا ومسؤولين، من بينهم عالم نووي أُعدِم بتهمة التجسُّس.
وقد خلقت هذه الضربات حالةً من “الشك المتبادل” والارتباك داخلَ المنظومة الأمنية الإيرانية، وأجبرت قائد الثورة الإسلامية في إيران السيد علي الخامنئي على إصدار أوامر صارمة بحظر شامل للهواتف الذكية، وهي الإجراءات التي جاءت متأخرةً بعد أن تم استغلال الثغرة بنجاح.
يخلص التقرير إلى أن هذه الهجمات كشفت “خللاً بنيوياً” في النظام الأمني الإيراني، وأثبتت أن التفوق التكنولوجي الإسرائيلي، مقترنًا بالاستغلال الذكي للأخطاء البشرية، يشكِّلُ “تهديدًا وجوديًّا” لطهران؛ مما يدفع الصراع الاستخباراتي ضد كيان الاحتلال إلى مرحلة جديدة أكثر خطورة.