واشنطن تنسحبُ رسميًّا من البحر الأحمر وصنعاء تفرضُ معادلةً جديدة… البحريةُ الأمريكية تُقر بفقدان الردع
متابعات..|
في تطوُّرٍ لافتٍ يؤشِّرُ على تغير جذري في موازين القوى بالبحر الأحمر، أقرّ معهدُ البحرية الأمريكية (USNI News) بأن القوات الأمريكية لم تعد تحتفظ بأي وجود مباشر في هذه المنطقة الحيوية منذ الأسبوع الماضي، وهو ما وصفه خبراء بأنه تراجع واضح في قدرة واشنطن على الردع وفرض الهيمنة البحرية.
المعهدُ وصف دخول القوات المسلحة اليمنية مرحلة جديدة من التصعيد البحري ضد السفن المرتبطة بالاحتلال الإسرائيلي بأنه “الأخطر منذ بدء الهجمات في نوفمبر 2023″، مُشيرًا إلى أن صنعاء أعلنت رسميًّا انطلاق “المرحلة الرابعة” من عملياتها، والتي تشمل توسيع دائرة الاستهداف لتطال كُـلّ سفينة على صلة بـ”إسرائيل”، بصرف النظر عن جنسيتها أَو علمها.
وبحسب التقرير، فإن هذا التصعيد اليمني الجديد يحمل رسالة حاسمة وذات طابع استراتيجي، إذ أصبح واضحًا أن العمليات، مثل إغراق سفينتي Eternity C وMagic Seas، لم تكن سوى بداية لتحول نوعي في قدرات البحرية اليمنية وأساليبها. التقرير أكّـد أن سفينة Eternity C غرقت بعد معركة بحرية استمرت 16 ساعة دون تدخل أمريكي أَو دولي، ما مثّل انتكاسة كبيرة لتحالف “حارس الازدهار” الذي تقوده واشنطن بزعم حماية أمن الملاحة.
ونقل المعهد عن محللين بارزين، من بينهم الدكتور أفشون أوستوفار، أن الانسحاب الأمريكي أتاح “بيئة بحرية مرنة” لتحَرّكات أنصار الله، وجعلهم أكثر جرأة في تنفيذ عملياتهم، دون قلق من ردع مباشر. وأكّـد آخرون أن صنعاء تدير المعركة البحرية بعقلانية استراتيجية، تراعي فيها الأثر السياسي الدولي لكل ضربة.
وأشَارَ التقرير كذلك إلى مقطع الفيديو الذي بثته القوات اليمنية للمحتجزين على متن السفينة Eternity C، حَيثُ ظهر فيه البحارة وهم يتحدثون إلى عائلاتهم ويتلقون رعاية طبية، في ما اعتبره خبراء “دمجًا ذكيًا للبعد الإنساني مع الرسائل السياسية”.
ولفت التقرير إلى أن الهجمات اليمنية تجاوزت كونها عمليات تكتيكية أَو اضطرابية للملاحة، لتتحول إلى ميدان تدريبي حقيقي يعزز من قدرات الحرب البحرية، ويختبر ردود الفعل الدولية، مؤكّـدًا أن صنعاء لا تستهدف الكم، بل النوع، للحفاظ على مصداقية الردع.
واختتم معهد البحرية الأمريكية تقريره بتأكيد أن اليمن بات لاعبًا بحريًا فاعلًا يمتلك زمام المبادرة في البحر الأحمر، في ظل تراجع واشنطن وتشتت الرد الدولي، معتبرًا أن صنعاء تُعيد رسم خرائط السيادة والملاحة من البوابة اليمنية وباسم غزة، بينما يقف العالم عاجزًا أمام التحول الجيوسياسي المتسارع في أحد أهم الممرات البحرية العالمية.