السيطرة الإماراتية على جزيرة سقطرى.. الأبعاد والغايات
متابعات / تقرير
لماذا تبقي الامارات جزيرة سقطرى معزولة عن الصراع، وتسارع الى إخماد أي محاولات للتحرك المناوئ لها في الجزيرة على عكس توجهها في بقية المحافظات اليمنية الجنوبية ، التي لم تتوقف حتى الآن من إشعال فتيل الصراعات والمواجهات العسكرية والتدخل المباشر بالطيران الحربي الذي يضرب كل الأطراف بما فيها الموالية لها ؟
برزت الأطماع الإماراتية في السيطرة على أرخبيل سقطرى قبل دخولها في تحالف عسكري ضد اليمن بكثير ، وهي مهمة استراتيجية بمشاركة الكيان الصهيوني الذي يرى في محور حوض البحر الأحمر لا سيما المنطقة الاستراتيجية المطلة على مضيق باب المندب وبحر العرب مكانة بارزة لديه، وكثيرًا ما أبدى اهتمامه بتلك المنطقة الحيوية التي حاولت جاهدة على مدار السنوات الماضية اختراقها من أي من جانبيها، الشرقي أو الغربي ،
الأهمية الجيوستراتيجية محور أطماع الإمارات الإستعمارية :
تأتي أهمية جزيرة سقطرى بدرجة رئيسة من موقعها الجغرافي,الذي اعطاها أهمية جيوستراتيجية، فهي تشرف على ممرات بحرية حيوية؛ المحيط الهندي والبحر العربي و خليج عدن, حقق لها هذا الموقع الإشراف على طريق الملاحة بين الغرب والشرق بشقيه سواء كانت الملاحة العسكرية أم الملاحة الاقتصادية، وإمدادات الطاقة عبر مضيق باب المندب, طريق العبور نحو القارة الافريقية .
كما أن موقعها في المحيط الهندي، قد عزز موقعها التجاري الرابط بين بلدان شبه الجزيرة العربية وبلدان شمال افريقيا مع بلدان جنوب وجنوب شرق آسيا, وجعل منها جزيرة تتوسط طرق الملاحة الدولية فيسهل رسو السفن في موانئها, وقد ساعدت العوامل الجيمورفولوجية على تشكيل سواحلها المتعرجة التي وفرت موانىءَ محمية من الرياح القوية .
من هنا فإن موقع الجزيرة يشكل دائرة السيطرة والتحكم التي تجمع بين غرب آسيا وشرق افريقيا, وتجمع بين كل من شمال البحر الأحمر, والمحيط الهندي . ، وليس كل ماذكر ما تمثله الجزيرة من أهمية فهناك الكثير من العناصر التي تميزت بها سقطرى ، فأهميتها هي محور كل تلك الأطماع التي تكالبت عليها
في 2016، وقعت رسميا اتفاقية تعاون مع محافظة أرخبيل سقطرى من خلال هيئة الهلال الأحمر الإماراتي، وهو اتفاق مكنها من السيطرة على حركة مطار سقطرى . ثم إدخال شبكة الهاتف الإماراتية الى الجزيرة بهدف عزلها تماما عن المحيط اليمني .
في عام 2018، سارعت أبوظبي إلى نشر قوات لها في الجزيرة، لتعترض حكومة “الرياض” في مسرحية مكشوفة كان يهدف من ورائها إتاحة الفرصة لإدخال قوات سعودية الى الجزيرة . حيث انتهت المسرحية المشبوهة في مايو من العام نفسه، بوساطة سعودية تم بموجبها إخراج صوري لبعض القوات الإماراتية من الجزيرة، ودخول قوات سعودية بترحيب من الحكومة .
وشهدت الجزيرة سيطرة مطلقة من قبل القوات الإماراتية المحتلة في يونيو 2020، من خلال ذراعها المسمى بالمجلس الانتقالي، ليتم تعيين مديرًا للإدارة الذاتية بالجزيرة، ليحل محل المحافظ السابق يدين بالولاء لأبوظبي .
وشهدت الجزيرة جملة من الخطوات الإماراتية الاستعمارية، منها ما كشفته مصادر محلية ، عن بيع أراضٍ في الجزيرة، أشهرها بيع أرض في منطقة (دكسم)، لخلفان بن مبارك المزروعي، مندوب مؤسسة خليفة بن زايد للأعمال الخيرية.,
وتدشين رحلات شبه يومية بين أبوظبي وسقطرى، قابلها تقنين الرحلات الداخلية إلى الجزيرة، مع قيود على السفر إلى سقطرى لا سيما مواطني الشمال والعمل على شراء ولاءاتها وتجنيس مئات السكان ومنح تسهيلات السفر إلى الإمارات وتجنيد المئات من شباب الجزيرة كما شكلت جيشا محليا من خمسة آلاف جندي دربتهم وأمدتهم بالسلاح .
ووصل الأمر بالمستشار السياسي لمحمد بن زايد، عبدالخالق عبدالله إلى التغريد على حسابه بتويتر، زاعماً أن بعض أبناء سقطرى يريدون أن تكون الجزيرة هي “الإمارة الثامنة في دولة الإمارات”، في استفزاز جديد لليمنيين من جهة وخطوة تمهيدية بدأتها الإمارات للترويج لمسألة احتلال الأرخبيل وضمه للإمارات.
وضعت الإمارات يدها بالكامل على جزيرة سقطرى، مستخدمة سلسلة من التحركات والخطوات الهادفة إلى تغيير الخريطة الديمغرافية والجغرافية للجزيرة، متعاملة مع الجزيرة كأرضٍ إماراتية، ما يُثير مخاوف اليمنيين من أن يؤدي ذلك إلى فرض واقع مغاير في الجزيرة، يلغي ارتباطها باليمن.
المصادر أكدت أن أبوظبي تعطي السياح الأجانب فقط إذن الدخول إلى الجزيرة، ويتم ذلك من خلال تصاريح تصدر باسم حكومة أبوظبي، ويدخلون جزيرة سقطرى تحت تلك التصاريح، من دون اتخاذ الإجراءات القانونية اليمنية، المعمول بها في البلد، كالحصول على تأشيرة دخول، وأيضاً التأكيد على الدخول والخروج، خصوصاً للأجانب.

وضمن خططها الإجرامية لضم جزيرة سقطرى اليها، تم الكشف عن قيام الإمارات سرا بتجنيس عائلات يمنية في جزيرة سقطرى
وكان المؤرخ الإماراتي حمد المطروشي كشف، في وقت سابق عبر مقطع فيديو مسرّب جمعه بمشائخ من سقطرى، عن خطّة لمنح الجنسية الإماراتية لأبناء أرخبيل سقطرى اليمنية، وهو ما يأتي في إطار سعي أبوظبي للتغلغل أكثر في المحافظة.
وأظهر الفيديو المسؤول الإماراتي وهو يقول: “أؤكّد لكم بإذن الله بأن أهل سقطرى سيكونون جزءاً من الإمارات، ويستحقّون الجنسية بدون طلب”.
وكشفت إحدى الوثائق المتداولة في وسائل الإعلام، تورط حاكم سقطرى السابق والقيادي فيما يسمى “بالمجلس الانتقالي الجنوبي” سالم السقطري، في رسالة له يطلب فيها من الإمارات تجنيس أسر يمنية من محافظة أرخبيل سقطرى.
والوثيقة كانت عبارة عن رسالة موجّهة إلى حاكم عجمان، حميد النعيمي، لتجنيس أحد أبناء جزيرة عبد الكوري؛ لتنفيذه عمليات سابقة.
ويؤكد الناشط محمد حميد السقطري في تصريحات إعلامية له، أن سقطرى باتت تحت السيطرة الكاملة للإمارات ومليشياتها، والجميع بات في الجزيرة تحت التنصت، بعد إدخال الإماراتيين أجهزة تنصت حديثة للتجسس على الجميع، وبات الناس يشعرون بالقلق والخوف مما تقوم به أبوظبي ومليشياتها في جميع مناطق الجزيرة، بما فيه ملاحقة مَن وقف ضدها.
ولفت السقطري إلى أن الإماراتيين باتوا يقلصون من أعداد اليمنيين في صفوف مليشياتهم المتواجدة في سقطرى، والتي استخدموها في السيطرة على الجزيرة، ويدفعون بهم اليوم للعودة إلى مناطقهم التي قدموا منها، في الوقت الذي يتعزز فيه تواجد المسؤولين الإماراتيين والأجانب من جنسيات عربية للتحكم بالجزيرة.
في حين أن سقطرى ، بعيدة عن الساحل الجنوبي لليمن ، معزولة عن الصراع ومعاقل المتمردين. بررت دولة الإمارات نشر قواتها في مايو 2018 من خلال الادعاء بأنها كانت جزءًا من “جهود التحالف العربي” لدعم “الحكومة اليمنية الشرعية” في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ اليمن.
ومع ذلك ، في نفس الشهر ، أكدت بعض القيادات في حكومة هادي أنذاك أنه لم يكن هناك تنسيق عسكري بينها وبين الإمارات ، لذلك طلبت أن تتدخل المملكة السعودية بدلاً من ذلك للتوسط في حل للوضع في سقطرى.
ومع ذلك واصلت الامارات الحفاظ على دورها بصفتها السلطة الحكومية الفعلية ومزود المساعدات في سقطرى ومع كل يوم يمر، توسع دولة الإمارات من تغلغلها في سقطرى وتوسع نفوذها .
على إثر هذه السيطرة والتغلغل الإماراتي ، حاول بعض الناشطين في سقطرى تنفيذ حركة معارضة للوجود الإماراتي الاستعماري في الجزيرة من خلال بعض الوقفات الإحتجاجية ، وشارك الكثير من الناشطين اليمنيين في حينها المشاركة عبر وسائل التواصل الاجتماعي بهشتاق #سقطرى_يمنية ، لكنها سرعان ما تلاشت وخفت زخمها بسبب رد الفعل المضاد من القوى المحسوبة على الجنوب التابعة للتحالف .
سر الوثيقة التي كشفت أطماع الإمارات في سقطرى:
وثيقة إماراتية قديمة كشفت أن أطماع أبوظبي في جزيرة سقطرى الاستراتيجية ليست وليدة اللحظة ولا اليوم ولا سنوات العدوان الذي انضمت إليه الإمارات ولكنها قديمة تعود إلى ما قبل أكثر من 22 عام.
حيث تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي قبل فترة وثيقة إماراتية قديمة، أظهرت اهتمام سلطات أبوظبي المبكر بجزيرة “سقطرى” اليمنية التي تحتل موقعا جيوسياسيا مهما.. والتي سيطر عليها أدوات الإمارات في الجنوب أو ما يعرف بالمجلس الانتقالي الجنوبي.
وتعود الوثيقة تحديداً إلى العام 1998م وهي رسالة موجهة من سفير الإمارات بصنعاء حينذاك إلى سلطات بلاده.
ويقول السفير الإماراتي “خليفة الشيخ مجرن الكندي” في المذكرة السرية الموجهة لوكيل وزارة الخارجية عن جزيرة سقطرى إنه “نمى علم للسفارة عن طلب الإدارة الأمريكية من القيادة اليمنية السماح لها بإقامة قاعدة عسكرية بحرية وجوية في جزيرة سقطرى اليمنية مقابل قيام الولايات المتحدة بتشييد منشآت اقتصادية ومشاريع استثمارية لم يحدد حجمها بعد”.وأضاف السفير في المذكرة أن الاخبار زعمت بأن “الملحقين العسكريين المعتمدين لدى الجمهورية اليمنية طلبوا من الجهات المختصة باليمن زيارة جزيرة سقطرى وأن الجانب اليمني تلكأ في تلبية الطلب وعرض مناطق أخرى في اليمن مثل سيئون أو مأرب”.
وقال الكندي إن خبر آخر زعم أن “الأمير خالد بن سلطان بن عبدالعزيز وبالتعاون مع مجموعة من الأمريكيين يحاولون القيام ببناء منشآت مدنية في الجزيرة بعد استئجارها كغطاء للاستخدام العسكري الأمريكي تحاشياً لأي انتقادات عربية ضد اليمن”.

الوثيقة المؤرخة بتاريخ السابع من فبراير 1998م، تسلط الضوء على الأحداث التي شهدتها جزيرة سقطرى مؤخراً، من مواجهات مسلحة وتمرد بعد سنوات من شراء الإمارات لولاءات ضباط ومشائخ في الأرخبيل قبل أن تتوج جهودهم بالسيطرة على المحافظة بشكل كامل.

