اقتصاد سياسي.. أزمة دَيّن متفاقمة تهدد الإمبراطورية الأمريكية بالانهيار
اقتصاد سياسي.. أزمة دَيّن متفاقمة تهدد الإمبراطورية الأمريكية بالانهيار
متابعات:
عصفت الأزمات المالية والاقتصادية بالكيان الأمريكي منذ بدايات القرن الماضي، وظهرت أهم أسبابها مضاربات الأسهم والرهن العقاري، والواقع الخاطئ للاقتصاد المستعاد، وتسخير الأخبار المزيفة والإحصائيات الكاذبة لتجميل الصورة العامة.
وتهدد أزمة الدين الحكومي إمبراطورية أمريكا الاقتصادية والسياسية بالانهيار، ما سوف يفقدها نفوذها السياسي والاقتصادي دولياً، حيث تشير جميع المؤشرات لذلك، بدءاً من النفقات الكبيرة على الحروب والسلاح في الخارج، والمبالغة بدعوى الحرب على الإرهاب، وضخ مليارات الدولارات في المؤسسات المالية المفلسة بعد أزمة الرهن العقاري عام 2008.
ومع انخفاض معدل المشاركة في القوى العاملة، والارتفاع الوهمي للاستثمار بالأعمال التجارية، استخدمت الشركات الأمريكية أرباحها ليس للتوسع، بل للحد من القيمة السوقية عن طريق إعادة شراء أسهمها، والاقتراض لإعادة شراء الأسهم يحد من القيمة الرأسمالية.
وتعد أزمة الدين الحكومي الأمريكي قنبلة موقوتة، يمكنها تفجير الاقتصاد العالمي المعتمد على الدولار، ويتم تأجيل انفجارها برفع سقف الدين الحكومي. وستنعكس الأزمة المتفاقمة على الاقتصاد العالمي بدءاً من البورصات ومروراً بالشركات، وحركة التجارة الخارجية.
ويتأثر إجمالي الطلب على السلع الاستهلاكية بشدة بتراجع الدخل والأجور، وطلب أقل على منتجات الشركات الخارجية، فطرح رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي آنذاك استبدال توسيع ديون المستهلك للنمو المفقود في دخله، والمشكلة أن نمو ديون المستهلك يقتصر على دخله.
وتستنزف خدمة الدين الدخل في رسوم الفائدة، والرسوم العامة، ما يقلل من القوة الشرائية للمستهلك. فحدت عملية نقل الوظائف للخارج من التوسع بإجمالي الطلب الاستهلاكي. وبما أن الشركات تعيد شراء أسهمها بدلاً من الاستثمار، فلا يوجد ما يدفع الاقتصاد للنمو. وأرقام النمو الاقتصادي التي نراها هي أوهام تنتج عن التقليل من شأن التضخم.
وتُعزا الكثير من الرفاهية الأمريكية بعد الحرب العالمية الثانية، ومعظم قوتها لدور الدولار الأمريكي كعملة احتياطية عالمية «الضامن» للطلب العالمي، والطلب على الدولار يعني أن العالم يموّل ميزانية أمريكا والعجز التجاري بشراء الديون الأمريكية. فكونها عملة احتياطية تسمح لدولة ما بسداد فواتيرها عن طريق طباعة النقود.
وكان الاحتياطي الفيدرالي سابقاً يدير السياسة النقدية بهدف تقليل التضخم والبطالة، وعلى مدار العقد الماضي حتى اليوم، يديرها بغرض حماية ميزانيات البنوك ورأسمالات الأقلية الحاكمة. فالقيادة الأمريكية هي الأسوأ والتي تدهورت بعهد كلينتون وصولاً لترامب، فتعرض الاقتصاد الأمريكي للتدهور بسبب الجشع الرأسمالي.
ويتضح أن الحرب التجارية الأمريكية اتجاه العالم، ما هي إلا تكتل للتغطية على حقيقة المشكلات الاقتصادية الأمريكية كنتيجة لنشاط الشركات الخاصة، ونقل الوظائف الأمريكية للخارج، بالتخلي عن القوى العاملة المحلية الذي جعل التأثير على دخل المستهلك المحلي حاداً.
وتنذر أزمة الدين الأمريكي بعواقب وخيمة على الاقتصاد، مع سيطرة نظام المصالح، وشريعة الغاب الذي سيعجل بظهور تكتل اقتصادي ومالي جديد، يضمن الاستقلال عن أمريكا، والذي سيكون من أكبر عوامل تراجع إمبراطورية (العم سام) وانهيارها.
عن «غلوبال ريسريش»