كل ما يجري من حولك

فورين بوليسي: اتّفاقيات ترامب “الزائفة” ستار للدعاية السياسية وتهديد خطير للأمن العالمي

71

متابعات..|

اعتبر ستيفن والت، أُستاذ العلاقات الدولية بجامعة هارفارد والكاتب في مجلة “فورين بوليسي”، أن وعودَ “السلام” التي يروج لها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ليست سوى “حلول شكلية” واتّفاقيات رمزية تفتقر للعمق والاستدامة، محذرًا من أن هذه المقاربة السطحية تؤدِّي في الغالب إلى نتائجَ عكسية تزيد من اشتعال الأزمات بدلًا عن إخمادها.

وأوضح والت في مقال تحليلي أن ترامب، الذي يبالغ في استعراض إنجازاته الدبلوماسية لدرجة الادِّعاء بإنهاء ثماني حروب، يُتقن فن “الصفقات الاستعراضية” التي تنهار سريعًا بمُجَـرّد انصراف أضواء الإعلام عنها، مستشهدًا بما حدث في غزة؛ حَيثُ لم تنجح خطة السلام المكونة من عشرين بندًا في وقف العنف، بل تحولت إلى غطاء مكن كَيان الاحتلال من تسريع قضم أراضي الضفة الغربية وتكثيف ممارساتها القمعية ضد الفلسطينيين؛ مما أسفر عن استشهاد مئات الضحايا منذ إعلان “وقف إطلاق النار” المزعوم في أُكتوبر الماضي، في ظل غياب تام لقوات حفظ السلام الموعودة أَو المسارات الحقيقية نحو حَـلّ الدولتين.

ويرى المقال أن هذا النمط من “الفشل الدبلوماسي” تكرّر في مناطق شتى حول العالم؛ ففي جنوب شرق آسيا استؤنف القتال الحدودي بين تايلاند وكمبوديا رغم مزاعم ترامب بالوساطة، وفي إفريقيا تواصل ميليشيا “حركة 23 مارس” المدعومة روانديًّا هجماتها في الكونغو الديمقراطية، وهو ما أقر به وزير الخارجية ماركو روبيو بوصفه “انتهاكًا صارخًا” للهدنة الهشة.

كما فنّد والت ادِّعاءات ترامب بشأن السودان وأوكرانيا، واصفًا وعده بإنهاء الحرب الأوكرانية في “24 ساعة” بأنه كان ادِّعاء سخيفًا منذ لحظة إطلاقه.

ولفت الكاتب إلى أن هذه “الدبلوماسية المتهورة” تعتمد بشكل كلي على “هواة” مثل جاريد كوشنر وستيف ويتكوف، مع تهميش متعمد للخبراء المحترفين في الخارجية الأمريكية، مما أفقد واشنطن دور الوسيط النزيه، خَاصَّة في ظل الانحياز الفاضح للمصالح الإسرائيلية والازدراء الواضح لأوكرانيا، وهو ما يجعل الأطراف المتحاربة تدرك أن هذه الاتّفاقيات ليست سوى تمرين للعلاقات العامة يمكن انتظاره حتى يتلاشى ليعود الرصاص للغة الوحيدة على الأرض.

ويخلُصُ والت إلى أن ترامب، رغم زعمه الشخصي من التورط في حروب برية كبرى، إلا أن إدارته استمرت في تأجيج الصراعات عبر الغارات الجوية والعمليات العسكرية في اليمن وسوريا وليبيا والصومال، فضلًا عن انتهاك القانون الدولي عبر التهديد باستخدام القوة للإطاحة بأنظمة شرعية.

ووفقَ المقال، فإن صناعة السلام الحقيقي، تتطلَّب صبرًا وتفاصيل تقنية دقيقة وآليات مراقبة محايدة، وهي أمور لا يملك ترامب الرغبة ولا القدرة على بذل الجهد فيها.

ويستنتجُ الكاتب أن الاعتماد على “نقاط مكتوبة على ورق في حديقة البيت الأبيض” لن يبني سلامًا دائمًا، بل سيزرع بذورَ نزاعات مستقبلية أكثر ضراوة؛ مما يحتم على أمريكا العودة إلى نهج جاد ينظر لصناعة السلام كمسؤولية أخلاقية وتحدٍّ استراتيجي يحمي مكانة الأُمَّــة، بدلًا عن تحويله إلى مُجَـرّد وسيلة للحصول على جوائز رمزية أَو دعاية سياسية جوفاء.

المرجع: مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية

You might also like