اليمن بعيون غربية وعبرية: تصدّع الوكلاء ولُعاب صهيوأمريكي يسيل من الكاريبي إلى البحر الأحمر
متابعات..| تقرير خاص:
هيمن المِلف اليمني على تغطيات الإعلام الأجنبي هذا الأسبوع، مع تركيز واضح على تصاعد التوتر بين السعوديّة والإمارات عبر أدواتهما المحلية.
صحيفة “العربي الجديد” القطرية أكّـدت، في أكثر من تقرير، أن ما تُسمى بـ“الشرعية” باتت عاجزةً عن مواجهة المجلس الانتقالي المموّل إماراتيًّا، في ظل استمرار الأخير في السيطرة على المؤسّسات والقرار الحكومي في عدن.
ونقلت الصحيفة عن مصادرَ في الرياض والقاهرة أن رئيسَ مجلس القيادة رشاد العليمي يراهن بشكل شبه كامل على موقف سعوديّ حاسم قد يعيد التوازن، محذّرة من أن غياب هذا الموقف سيجعل كبح الانتقالي أمرًا بالغ الصعوبة.
اليمن: صراع الحلفاء اللدودين
أفرد الإعلام الغربي مساحاتٍ واسعة لتحليل التوتر المتصاعد بين الرياض وأبوظبي في جنوب اليمن، حَيثُ ذكرت مجلة “ذا كريدل” الأمريكية أن السعوديّة بدأت تدرك خسارتها للمعركة الميدانية أمام الإمارات، مما دفعها للجوء إلى “الساحات الخلفية” لإعادة هندسة تحالفاتها الخليجية، بما في ذلك التقارب مع قطر كأدَاة لعزل الإمارات سياسيًّا.
وفي ذات السياق، وصفت صحيفة “التيلغراف” البريطانية التنافس السعوديّ الإماراتي بأنه “مدمّـر” ويستحق اهتمامًا دوليًّا عاجلًا، مشيرة إلى أن واشنطن تكتفي بدور المتفرج لأجندات غير معلنة.
من جانبه، اعتبر المعهد الملكي البريطاني “تشاتام هاوس” أن حالة “الصبر الاستراتيجي” بين البلدين قد شارفت على الانتهاء، محذرًا من أن المظهر “المهين” للسعوديّة يتجلى بوضوح على حدودها مع اليمن وليس على حدود الإمارات.
علاوة على ذلك، كشف موقع “دارك بوكس” الفرنسي أن توسع قوات الانتقالي نحو حضرموت والمهرة لم يكن عفويًّا، بل جاء بعد أشهر من التنسيق والتغطية السياسية التي وفرتها أبوظبي، التي تنظر إلى شرق اليمن كجائزة استراتيجية.
وأشَارَ الموقع إلى أن الرياض اختارت “الانسحاب الهادئ” لتفادي صدام مباشر، في ظل قلق سعوديّ متزايد من تجاوز الانتقالي للخطوط الحمراء، خُصُوصًا بعد سيطرته على بنى تحتية حيوية للطاقة.
أما موقع “InsideOver” الإيطالي فذهب أبعد من ذلك، معتبرًا أن المواجهة غير المباشرة بين السعوديّة والإمارات باتت قريبة، لكنه استبعد تحولها إلى حرب مباشرة بين جيوش نظامية، مرجّحًا استمرارها كـ“معركة كسر عظم” عبر الميليشيات المحلية التابعة للطرفين في جنوب اليمن.
وتعزز هذا المسار بعد الرسائل العلنية التي وجهها مستشار الرئيس الإماراتي عبدالخالق عبدالله إلى رشاد العليمي، داعيًا إياه إلى “مغادرة المشهد السياسي بكرامة”، وهو ما اعتبرته تحليلات يمنية وغربية تهديدًا مباشرًا.
في المقابل، لوّح إعلاميون سعوديّون، من بينهم علي العريشي، بإمْكَانية رد قاسٍ إذَا استمر “تمرد” الانتقالي، وهو ما دفع معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى إلى التحذير من احتمال اندلاع مواجهات في حضرموت وواديها بين القوات الموالية للرياض وأبوظبي.
اقتصاديًّا، نقلت “العربي الجديد” عن مصادر مطلعة أن السعوديّة تدرس نقل إدارة البنك المركزي من عدن إلى الرياض أَو عمّان، في خطوة فسّرها مراقبون بأنها ورقة ضغط مباشرة على المجلس الانتقالي، مع تحذيرات من تفاقم الانهيار المعيشي في مناطق سيطرة التحالف.
البحر الأحمر.. استئناف عبور حذر
كذلك، تطرق الإعلام الغربي إلى استئناف شركات الشحن العبورَ من البحر الأحمر وباب المندب.
موقع The Load Star البريطاني المتخصص في شؤون الشحن نقل عن المدير التنفيذي لشركة “يانغ مينغ” التايوانية أن أي عودة للعبور في البحر الأحمر مرهونة بتوقف الهجمات بشكل كامل، وربط ذلك باستقرار اتّفاق غزة، في إشارة واضحة إلى استمرار تأثير العمليات اليمنية على حركة التجارة العالمية.
في المقابل، تناول موقع “واللا” الإسرائيلي محاولات إعادة تشغيل ميناء أم الرشراش الموسوم احتلاليًّا (إيلات)، معتبرًا أن شللَ الميناء منذ بدء الهجمات اليمنية شكّل “أزمة وطنية” للاحتلال.
وأكّـد الموقع أن العقبة الأَسَاسية تكمن في رفض شركات التأمين تغطية المخاطر، رغم محاولات إدارة الميناء استئناف نشاطه عبر شراء أَو استئجار سفن بشكل مباشر.
كما رصدت وسائل إعلام غربية، بينها تقارير تحليلية، تصاعد الخلافات السعوديّة الإماراتية خارج اليمن، خُصُوصًا في السودان، معتبرة أن هذه الخلافات الإقليمية باتت تنعكس بشكل مباشر على ساحات الصراع المفتوحة، وفي مقدمتها اليمن والبحر الأحمر.
كيان الاحتلال.. قلق داخلي وتحذيرات من مغامرات جديدة
على الساحة الإسرائيلية، طغت نبرة القلق والتحذير في الإعلام العبري.
إذ نشرت صحيفة “هآرتس” مقالًا للواء الإسرائيلي المتقاعد إسحق بريك حذّر فيه من أن أي هجوم جديد على إيران قد ينتهي بـ“كارثة وطنية مروعة”، مُشيرًا إلى استنزاف مخزونات الصواريخ الاعتراضية الإسرائيلية والأمريكية، وإلى قدرة إيران على توجيه ضربات مركّزة نحو منطقة غوش دان التي تضم غالبية السكان والنشاط الاقتصادي.
وفي سياق متصل، أثارت صحيفة “يديعوت أحرونوت” جدلًا واسعًا بنشرها مزاعمَ عن مشروع إيراني سري لتطوير سلاح نووي من “الجيل الرابع”، رغم إقرارها بأن قدرة طهران الحالية على إنتاج مثل هذا السلاح معدومة، وفق تقديرات الاستخبارات الأمريكية.
ونقلت الصحيفة مخاوف استخباراتية من “ضربة استباقية” إيرانية قد تشارك فيها جبهات متعددة تشمل اليمن ولبنان، واعتبرت أن مُجَـرّد التفكير في هذا المسار يعكس استعداد إيران للمفاجأة الاستراتيجية.
كما لفتت تصريحات سيما شاين، الضابطة السابقة في الموساد ومديرة مِلف إيران في المعهد الإسرائيلي لدراسات الأمن القومي، الأنظار بعد تحذيرها “الإسرائيليين” من الاستهانة بإيران، مؤكّـدة أنها تحقّق تقدمًا ثابتًا.
وتزامن ذلك مع اعترافات صحفية، أبرزها ما قاله الصحفي رعب بابك إسحاقي على القناة الـ 13 العبرية، حول تصاعد الخوف داخل المجتمع الإسرائيلي بعد الكشف عن عشرات قضايا التجسس المرتبطة بإيران.
وفي ملف غزة، برزت دعوات داخل الإعلام العبري لإعادة السلطة الفلسطينية إلى القطاع.
الكاتب نير كيبنيس، في مقال على موقع “واللا”، اعتبر أن التنسيقَ الأمني “الفعَّال” بين سلطة عبَّاس وجيش الاحتلال يجعلُها خيارًا يقي الجيش كلفةَ القتال مقارنة بعودة الجيش الإسرائيلي أَو الاعتماد على قوات دولية، في إقرار ضمني بفشل الخيارات الأُخرى.
وعلى الأرض، رصدت وكالة “صفا” الفلسطينية مصادقةَ مجلس حرب الاحتلال على إقامة 19 مستوطنة جديدة، وهو ما اعتبرته المقرّرةُ الأممية فرانشيسكا ألبانيز “إبادة جغرافية”، منتقدة في الوقت ذاته صفقة الغاز المصرية الضخمة مع كيان الاحتلال الصهيوني بوصفها انتهاكًا للقانون الدولي يضع الأرباح فوق دماء الفلسطينيين.
وفي المقابل، انطلقت حملة “الشرائط الحمراء” العالمية التي تناولتها “هآرتس“، حَيثُ اجتاحت شوارع لندن وأوتاوا وستوكهولم للمطالبة بالإفراج عن آلاف المعتقلين إداريًّا الذين يصفهم النشطاء بـ “الرهائن الفلسطينيين”.
دبلوماسية ترامب “الهشة” وطبول الحرب في السواحل البعيدة
على الصعيد الدولي، وجه الكاتب ستيفن والت في مجلة “فورين بوليسي” انتقادات لاذعة للرئيس ترامب، واصفًا اتّفاقيات السلام التي يعلن عنها بـ “الزائفة والخطيرة”، ومؤكّـدًا أنها مُجَـرّد “تمارين علاقات عامة” تنهار سريعًا لافتقارها للإعداد الدبلوماسي المحترف والاعتماد على هواة مثل كوشنر.
وفي سياق التحَرّكات العسكرية الأمريكية، نشر موقع “كلاش ريبورت” صورًا جوية لتحشيد ضخم في قاعدة “ماكـديل” بفلوريدا، يشمل طائرات تزويد بالوقود وإنذار مبكر، وهو ما يربطه مراقبون بتصاعد التوتر قبالة السواحل الفنزويلية عقبَ تعرُّض 3 سفن للقرصنة الأمريكية الرسمية وتبييت إدارة ترامب النية للعدوان طمعًا في الثروة النفطية.
خلاصة المشهد الأسبوعي
إذن.. تعكس تغطيات الإعلام الغربي والعبري خلال هذا الأسبوع مشهدًا إقليميًّا شديد الاضطراب: صراع متفجر داخل معسكر التحالف في اليمن، تأثير متواصل لعمليات الجيش اليمني في البحر الأحمر، حتى بعد توقفها، وقلق إسرائيلي متزايد من إيران ومن تآكل الردع والأمن الداخلي.
مشهد يؤكّـد أن المنطقة تتجه نحو مرحلة أكثر غموضًا، حَيثُ باتت تحالف العدوان أقل صلابة، والمفاجآت أكثر حضورًا.
وتوقُّعات بأن تتخذ فنزويلا اليمنَ قُدوة؛ لتتمكّن من إفشال المساعي العسكرية وتجفِّفَ لُعاب الطامعين الذي يسيل في الكاريبي كما فعلت صنعاء في البحر الأحمر.