كل ما يجري من حولك

وسط اتّهامات لشركات الشحن بتعمُّد تأخير العودة.. “ميرسك” تعلن العبور الأول لسفنها عبر باب المندب والبحر الأحمر

54

متابعات..| تقرير خاص:

في تطوُّر يحملُ دلالاتٍ اقتصادية وسياسية عميقة، أعلنت عملاقة الشحن الدنماركية ميرسك Maerskعن نجاح أول عملية عبور لسفينتها “ميرسك سيباروك” عبر مضيق باب المندب والبحر الأحمر في الفترة ما بين 18 و19 ديسمبر 2025م.

ورغم هذا النجاح الميداني، إلا أن الشركةَ تزعُمُ أنها لا تزالُ تلتزمُ الحذرَ بشأن استئناف الرحلات المنتظمة، وهو موقف يضعُه محلِّلون ومنظمات بحرية دولية تحت مجهر النقد، معتبرين أن “التأخير” لم يعد مرتبطًا بالمخاطر الأمنية بقدر ارتباطِه بالجشع وحماية “أرباح قياسية” وحسابات مرتبطة بالعلاقة مع كيان الاحتلال (الإسرائيلي).

عبور “سيباروك” و”بالونة” المخاطر المصطنعة

وأكّـدت “ميرسك” في بيان رسمي عبر موقعها أنها طبقت أعلى معايير السلامة لضمان أمن طاقمها وشحنتها خلال عبور “سيباروك”.

ومع ذلك، كشف تقريرٌ حديث لمنظمة بيمكو BIMCOالبحرية الدولية (ومقرها كوبنهاجن) عن وجه آخر للأزمة؛ حَيثُ اتهمت المنظمة مُلَّاك شركات الشحن العالمية بالاستفادة المباشرة من “تضخيم” مخاطر الملاحة في البحر الأحمر.

وأوضحت “بيمكو” في تحليل نشره موقع Tradewindsnews أن الشركات الكبرى تعمل على النفخ في “بالونة” المخاطر لتبرير رفع الرسوم والأسعار، مؤكّـدة أن عودة السفن باتت “أقرب من أي وقت مضى” في ظل التزام قوات صنعاء بوقف الهجمات تزامنًا مع اتّفاق غزة.

أرباح خيالية خلف ستار “التهديد اليمني

كذلك أشار موقع gCaptain جي كابتنالمتخصص في الشؤون البحرية إلى أن أسعار الشحن بلغت مستويات قياسية بنهاية العام الجاري، حَيثُ قفزت الأرباح اليومية لناقلات النفط بنسبة هائلة بلغت 467 %، بينما زادت تكاليفُ شحن الغاز الطبيعي المسال بأكثر من أربعة أضعاف؛ ففي يوليو الماضي، فرضت ميرسك رسومًا إضافية على خدماتها البحرية.

هذا الارتفاع الجنوني عزَّزه “التعمُّد” في تأخير العودة إلى المسار الأقصر (البحر الأحمر)، وهو ما وصفه ريكو لومان، كبير الاقتصاديين في مجموعة “آي إن جي ING” الهولندية، بأنه محاولة من شركات الشحن “لتأجيل العودة السريعة” لحماية هذه المكاسب الاستثنائية.

وبحسب تقارير Marine Insight وَموقع ربّان السفينة، فإن استئنافَ الملاحة بشكل كامل سيؤدي فورًا إلى انخفاض حادٍّ في الأسعار وتحرير السعة المفقودة، وهو ما لا ترغب فيه “هوامير” الشحن حَـاليًّا.

الموقف من كَيان الاحتلال.. “ناقلات جشعة” في مأزِق

وكشفت دراسة “بيمكو” أن السفنَ التابعة لروسيا والصين ومعظم دول العالم تمر بسلاسة وأمان عبر البحر الأحمر؛ مما يدحض رواية “الخطر الشامل” على الملاحة الدولية.

وأوضحت المنظمة أنه وقبل أن يوقف اليمن عملياته كانت الصعوبات تتركّز بشكل حصري على السفن والناقلات “المتخادمة” مع كيان الاحتلال الإسرائيلي أَو تلك التي تصر على التعامل مع موانئ فلسطين المحتلّة رغم التحذيرات المرتبطة بجرائم الإبادة في غزة.

وتوقّعت “بيمكو” أن تواجه “الناقلات الجشعة” المرتبطة بكَيان الاحتلال الصهيوني صعوبات مضاعفة في حال نكث اتّفاق غزة، محذرة من أن قطاعَ ناقلات النفط الخام سيشهد ضربةً قوية في الطلب بمُجَـرّد استقرار الممر المائي؛ وهو ما يدفع بعض الشركات لتعطيل العودة حفاظًا على هوامش ربحها المرتبطة بمسار “رأس الرجاء الصالح” الطويل.

بوادر العودة الكاملة: “سي أم إيه سي جي إم” تكسر الجمود

في المقابل، بدأت ملامح كسر هذا “الجمود المفتعَل” تظهر من الجانب الفرنسي؛ حَيثُ أعلنت شركة سي أم إيه سي جي إم  CMA CGMعن إعادة تفعيل خط “إنداميكس” الاستراتيجي الذي يربط الهند وباكستان بالولايات المتحدة عبر قناة السويس والبحر الأحمر ابتداءً من يناير المقبل.

واعتبرت منصة “زينيتا” الاستخباراتية المتخصصة في الشحن أن هذه الخطوة تمثل “علامة واضحة” على العودة الكاملة لسفن الحاويات إلى باب المندب، مستفيدة من توفير أسبوعين من زمن الرحلة.

وبينما تحاول “ميرسك” الموازنةَ بين اختبار الممر المائي والحفاظ على علاقاتها التجارية، يشير الإجماع الإعلامي والتحليلي (من بيمكو إلى جي كابتن) إلى أن أزمةَ الشحن الحالية هي “حالة استثنائية” من السعة الاصطناعية المفقودة والأسعار المنفوخة، وأن الهدف من تأخير العودة هو استنزاف أكبر قدر ممكن من الأرباح قبل أن تفرضَ العودةُ الطبيعية للملاحة واقعًا تنافسيًّا يخفِّضُ الأسعار إلى مستوياتها السابقة.

You might also like