خبير استخبارات إيطالي: عمليات اليمن في البحر الأحمر أعادت تشكيل معادلة الردع وفرضت كلفة على الداعمين لحرب الإبادة بغزة
متابعات..|
أكّـد مدير المركز الدولي للاستخبارات العالمية في إيطاليا، فرنشيسكو كورّادو فراسكا، أن العمليات التي نفذتها قوات صنعاء في البحر الأحمر منذ أواخر عام 2023 أحدثت تحولًا عميقًا في حركة التجارة البحرية العالمية، وفرضت واقعًا جديدًا على الملاحة الدولية، في سياق ردّ مباشر على حرب الإبادة في غزة.
وأوضح فراسكا، في تحليل نشره موقع “Notizie Geopolitiche” نوتيتسييه جيوبوليتكيه الإيطالي تحت عنوان “مصر وأزمة البحر الأحمر”، أن عمليات اليمن جاءت كأدَاة ضغط سياسية واستراتيجية استهدفت السفن المرتبطة بكيان الاحتلال أَو المتعاونة معه؛ بهَدفِ إجبار القوى الغربية على التدخل لوقف العدوان على غزة، وهو ما انعكس مباشرة على مسارات التجارة العالمية.
وأشَارَ إلى أن استهداف السفن دفع كبرى شركات الشحن، وعلى رأسها شركة “ميرسك” المتعاملة مع كيان الاحتلال، إلى تغيير مساراتها والالتفاف حول رأس الرجاء الصالح؛ ما أَدَّى إلى إطالة زمن الرحلات بين 10 و14 يومًا، وتراجع حركة العبور في قناة السويس بنحو 49 % خلال عام واحد فقط.
وبيّن الخبير الإيطالي أن هذه التطوراتِ رفعت تكاليف التأمين والشحن عالميًّا، وألحقت خسائر اقتصادية ملموسة بالشركات والدول المنخرطة في دعم كيان الاحتلال، كما تراجعت كميات النفط العابرة للقناة من 7.9 إلى 3.9 ملايين برميل يوميًّا، في مؤشر واضح على التأثير الاستراتيجي للعمليات اليمنية.
وعَـــدَّ فراسكا أن ما جرى أعاد تسليط الضوء على هشاشة منظومة الملاحة العالمية أمام الأزمات الجيوسياسية، مؤكّـدًا أن عمليات صنعاء، بخلاف حوادث عابرة مثل أزمة سفينة “إيفر غيفن”، مثّلت أزمة ممتدة أعادت رسم حسابات التجارة الدولية، وعمّقت كلفة الانخراط أو التواطؤ في الحرب على غزة.
ويلفتُ إلى أن المنافسة الإقليمية في البحر الأحمر، ولا سيما من السعوديّة والإمارات عبر الاستثمار في موانئ وممرات بديلة، تعكس إدراكًا متزايدًا لتأثير اليمن في معادلة الملاحة، ومحاولة للالتفاف على الضغط الذي فرضته عمليات صنعاء على الممرات التقليدية.
من جهته، رأى الخبير السياسي الإيطالي جوزيبي دينتيتشه، الباحث في مرصد البحر المتوسط، أن وقف العمليات اليمنية في إطار خفض التصعيد المرتبط بوقف إطلاق النار في غزة يفتح نافذة مهمة لاستقرار الملاحة البحرية وعودة الحركة عبر قناة السويس؛ ما يؤكّـد أن صنعاء باتت طرفًا فاعلًا قادرًا على التأثير والضبط في آن واحد.
وَأَضَـافَ دينتيتشه أن تراجع التهديد العسكري بعد أشهر من تحويل المسارات البحرية قد يسمح بإعادة تدفق التجارة عبر قناة السويس؛ باعتبَارها الطريق الأقصر والأكثر أهميّة استراتيجيًّا، مشدّدًا على أن استدامة هذا الاستقرار تبقى مرهونةً بثبات التهدئة في غزة.
ويؤكّـد التحليل أن العملياتِ اليمنية في البحر الأحمر نجحت في تحويل القضية الفلسطينية من قضية إقليمية إلى مِلف يؤثر في الاقتصاد العالمي؛ مما فرض واقعًا جديدًا على المجتمع الدولي يجعل من استمرار الحرب على غزة أمرًا مكلفًا للغاية بالنسبة للدول الداعمة لكَيان الاحتلال.
ويخلِّصُ القضيةَ بكل امتداداتها بأن عملياتِ اليمن في البحار لم تكن فعلًا عشوائيًّا، بل خطوة محسوبة أعادت تعريف قواعد الاشتباك البحري، وكرّست موقعَ صنعاء كقوة إقليمية قادرة على ربط أمن الملاحة بالقضايا السياسية الكبرى، وفي مقدمتها دعم الشعب الفلسطيني وفرض كلفة مباشرة على كيان الاحتلال وحلفائه.
ويخلُصُ التحليل الدولي إلى أن وقفَ العمليات اليمنية يرتبط بشكل مباشر باستمرار هُدنة غزة؛ مما يؤكّـد الطبيعةَ الاستراتيجية لهذه العمليات كأدَاة ضغط فعالة لتحقيق أهداف سياسية وإنسانية، وليس مُجَـرّد عمليات عسكرية عابرة.
المرجع: موقع “Notizie Geopolitiche” نوتيتسييه جيوبوليتكيه الإيطالي