كل ما يجري من حولك

هآرتس تكشف: الإمارات تروّج لسيناريو المرتزِقة في غزة بعد تجربته في اليمن

61

متابعات..| تحليل

يعيد ما كشفته صحيفة هآرتس العبرية حول مقترح إماراتي لاستقدام مرتزِقة كولومبيين إلى قطاع غزة إلى الواجهة نموذجًا سبق أن استُخدم في اليمن، ويطرح أسئلةً جوهريةً حول طبيعة الأدوار الإقليمية في مرحلة ما بعد الحرب، وحدود التحول من الجيوش النظامية إلى «حروب الوكالة» المدفوعة بالأجر.

ووفقَ ما أورده الكاتب الإسرائيلي تسفي برئيل، فإن محلِّلًا إماراتيًّا اقترح الاستعانة بمرتزِقة كولومبيين كحل لمعضلة تشكيل قوة أمنية في غزة، مع استبعاد إرسال جنود إماراتيين.

اللافت أن التبريرَ لم يكن نظريًّا، بل استند صراحة إلى تجربة سابقة، حين استخدمت الإمارات مرتزِقة أجانبَ خلال العدوان على اليمن، سواء في حماية المنشآت النفطية أَو في مهام قتال ميدانية مباشرة.

الربط بين اليمن وغزة ليس تفصيلًا عابرًا، بل يكشفُ عن نمطٍ متكرّر في مقاربة أبوظبي للصراعات الإقليمية: تجنُّبِ الانخراط العسكري المباشر، مقابل توظيف مقاتلين أجانب أو خونة يمنيين يوفِّرون حضورًا أمنيًّا دون كلفة سياسية داخلية أَو مساءلة دولية مباشرة.

في اليمن، سمح هذا النموذج للإمارات بلعب دور عسكري فاعل، مع تقليص الخسائر البشرية في صفوف قواتها النظامية، ونقل عبء المواجهة إلى مرتزِقة هم من الداخل في الأعم الأغلب وبشكل مستدام.

استقدام مرتزِقة، سبق لهم القتالُ في اليمن، يعكس ذهنيةً أمنية ترى في غزة مساحةً يمكن إدارتُها بالأدوات نفسها التي استُخدمت في عدوانات أُخرى، رغم الفارق الكبير في السياقَين ِالسياسي والرمزي.

يأتي هذا الطرح في ظل تعثر مبادرة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لتشكيل قوة دولية في غزة، وغياب حماس دولي واسع للمشاركة فيها.

هذا الفراغ يفتح البابَ أمام حلول بديلة، من بينها خيارُ المرتزِقة، بوصفه حلًّا «عمليًا» يرضي بعضَ الأطراف الدولية دون التزام رسمي طويل الأمد.

غير أن تجربة اليمن نفسَها تُظهِرُ أن الاعتمادَ على المرتزِقة لا يصنع استقرارًا دائمًا، بل يفاقمُ التعقيد، ويترك آثارًا عميقةً على النسيج الاجتماعي والسياسي.

كما أن استحضار اليمن في هذا السياق يعيد إلى الأذهان سجلَّ الانتهاكات والخلل القانوني والأخلاقي الذي رافق استخدامَ المرتزِقة إبَّان تكالب التحالف لإسقاط اليمن -بكل جغرافيته وثرواته- تحت أيديهم؛ ما يطرح مخاوفَ جدية من تكرار السيناريو في غزة، خُصُوصًا في ظل غياب إطار قانوني واضح يحكم عمل هذه القوى، أَو آليات مساءلة حقيقية.

في المحصلة، يكشفُ المقترحُ الإماراتي، كما ورد في هآرتس، عن محاولة لتدوير تجربة اليمن وإعادة إنتاجها في غزة، عبر خصخصة الأمن وتحويله إلى خدمة مدفوعة الأجر.

توجّـهٌ لا يعكس فقط مأزِق مشروع «غزة الجديدة»، بل يؤشر إلى أن بعضَ الأطراف ما زالت تنظر إلى القضايا العربية الكبرى من زاوية أمنية ضيقة وبعيدًا عن رأي الشعوب وموقفها، متجاهلةً أن الاستقرار الحقيقي لا يُفرَضُ بالمرتزِقة، بل يُبنى بحلول عادلة تعالج جذورَ المشكلة، لا أعراضها.

المصدر: صحيفة هآرتس العبرية

You might also like