كل ما يجري من حولك

رئيس تحرير “ميدل إيست آي” يفضحُ بالتفصيل خفايا سجون الاحتلال: يجب إنقاذ الفلسطينيين من غرف التعذيب

20

متابعات..|

يعاني آلاف الفلسطينيين داخل سجون إسرائيلية من ظروف يؤكّـد شهود وتقارير حقوقية بأنها وحشية، حَيثُ تتوالى رواياتٌ عن تعذيب وقتل وإخفاء قسري وانتهاكات جسيمة، في وقت تتسع فيه دائرة الاعتقال وتتشدّد السياسات الرسمية التي تجعل من حياة الأسرى جحيمًا يوميًّا بلا محاسبة.

وفيما يلي النص الكامل لمقال نشره المؤسّس المشارك ورئيس تحرير موقع “ميدل إيست آي”، ديفيد هيرست، وهو معلّق ومتحدّث في شؤون المنطقة:

على مدخل جزيرة روبين توجد لافتة كتبت عليها عبارة مقتبسة من كلام أشهر نزلائها، السجين رقم 46664.

“يقال إنه لا يمكن لأحد أن يعرف بلدًا بحق حتى يدخل إلى سجونها. لا ينبغي أن يُحكم على بلد من خلال طريقة تعاملها مع أرقى مواطنيها، وإنما من خلال تعاملها مع أدناهم”.

تدق كلمات نيلسون مانديلا فوق دولة (إسرائيل) اليوم كما لو كانت دقات ناقوس الموت.

تم مؤخّرًا إعادة 345 جثة إلى مستشفى ناصر في خان يونس هي جثث فلسطينيين “تم إخفاؤهم” قسرًا عندما غزت (إسرائيل) غزة قبل عامين. كُـلّ الجثث كانت مشوهة لدرجة أن 99 منهم فقط أمكن التعرف عليهم حتى الآن.

طوال الحرب، كانت مها الحسيني تراسل ميدل إيست آي من غزة، ومؤخّرًا كتبت تصف بالتفصيل عملية التعرف المؤلمة على الجثث من قبل الأقارب وخبراء الطب الشرعي، الذين لا يملكون المعدات اللازمة لمعرفة كيف مات هؤلاء الضحايا.

عندما تعرف محمد عايش رمضان على بقايا جثة شقيقه أحمد، الذي اختفى في اليوم الأول من الحرب، وجد أن جثته تعرضت للحرق، وفيها ستة أَو سبعة ثقوب أحدثها الرصاص، وشق عمودي يجري من صدره إلى أسفل البدن. كما تم بتر أحد أصابع القدم في جسد أخيه.

يقول طبيب فلسطيني إن أصابع اليد أَو القدم يجري بترها بشكل روتيني من قبل الأطباء الإسرائيليين؛ مِن أجلِ فحص المادة الوراثية (دي إن إيه). على الرغم من عدم توفر الأدوات اللازمة لتأكيد ما إذَا كانت أي من أعضاء أحمد مفقودة، إلا أن العلامات التي وجدت على جسده تفيد بقوة إن جسده استخدم بنكًا للأعضاء.

يتبين من علامات أُخرى موجودة على الجثث أنها تعرضت للتعذيب. تقول زينب إسماعيل شبط، وهي من بيت حانون في الجزء الشمالي من قطاع غزة، إنها وجدت أن شقيقها المفقود محمود، والبالغ من العمر أربعة وثلاثين سنة، تعرض إصبعه السبابة للبتر بينما قيدت يداه وراء ظهره، وتركت الأصفاد الحديدية علامات على قدميه. وبدا وجهه كما لو أنه تعرض لضرب عنيف حتى أن جمجمته أُصيبت بكسر، ووجدت على رقبته علامات شنق.

وقالت: “من الواضح أنه استشهد وهي في القيد. كان قد عري تمامًا من ملابسه. ووجدت آثار طلق ناري في فخذه، كما وجدت بقايا قطع من الخشب مغروسة في صدره”.

الاغتصاب والتعذيب

تتباين التقديرات بشأن عدد الفلسطينيين الذين ماتوا خلال العامين المنصرمين بينما هم في الأسر لدى الإسرائيليين. تفيد البيانات التي حصلت عليها من الجيش الإسرائيلي ومن مصلحة السجون منظمة أطباء؛ مِن أجلِ حقوق الإنسان، فرع (إسرائيل)، أن العدد هو 98، ولكن المجموعة قالت إن هذا العدد ربما يكون أقل بكثير من الحقيقة، وذلك أن المئات من المعتقلين الآخرين الذين أخذوا من غزة ما زالوا مفقودين.

يصف السجناء الذين نجوا من الاعتقال ما تعرضوا له من ألوان من التعذيب غاية في القسوة. وبحسب شهادات أدلى بها المعتقلون لمنظمة حقوق الإنسان الإسرائيلية بيتسيلم، كانت قوات خَاصَّة قد اقتحمت زنزانة في سجن كيتزيوت في شهر نوفمبر / تشرين الثاني من عام 2023 وانهالت بالضرب على السجناء بالهراوات حتى سالت الدماء من رؤوسهم.

ركزوا اهتمامهم على ثائر أبو عصب البالغ من العمر ثمانية وثلاثين عامًا حتى انهار. ظل جسده ملقى على الأرض لساعة من الزمن، ينزف ولا حراك فيه، إلى أن أخرج من الزنزانة وأعلنت وفاته. في اليوم التالي، استجوب محقّقون من الشين بيت جميع النزلاء واتهموهم بأنهم هاجموا أبو عصب، كما حاولوا إلصاق التهمة بحراس السجن.

أحد معسكرات الاعتقال بالذات، واسمه سدي تيمان، ذاع صيته كمركز للاغتصاب والتعذيب والموت.

قال أحد النزلاء في مقابلة أجراها معه المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان إنه تعرض للاغتصاب من قبل كلب مدرب بشكل خاص.

وقال: “تم تجريدنا تمامًا من ملابسنا. أحضر الجنود كلابًا تسلقت فوقنا وبالت عليّ. ثم قام أحد الكلاب باغتصابي – فعل الكلب ذلك عمدًا، وكان يعرف تمامًا ما الذي يفعله، حَيثُ غرس قضيبه في شرجي، بينما استمر الجنود في ضربنا وتعذيبنا وفي رش الفلفل الأسمر في وجوهنا. استمر هجوم الكلب ما يقرب من ثلاث دقائق، بينما استمرت جولة القمع ما يقرب من ثلاث ساعات”.

تحدث إبراهيم سالم، الذي أطلق سراحه في شهر أغسطُس/ آب بعد ما يقرب من ثمانية شهور من الاعتقال، عن فترة اعتقاله في سجن سدي تيمان، والتي استمرت لاثنين وخمسين يومًا، واصفًا إياها بأسوأ الكوابيس في حياته.

وقال: “تقف على رجلين لساعتين، ثم يقولون لك: هل تريد مني أن أساعدك؟ وعندما تقول نعم، يقولون لك إن عليك أن تقول أنا ابن قحبة، أنا شقيق قحبة، وأن تقول إن نتنياهو فعل في شقيقتك، وتقول أم يزرائيل خاي [عاش شعب إسرائيل]. والآن كرّر من ورائي مِئة مرة أم يزرائيل خاي”.

حُطم كرسي على صدره، وتمت كهربته عبر أعضائه التناسلية. وتعرض سجناء آخرون للاغتصاب على يد مجندات إسرائيليات.

في مثل هذه الحالات، يُفرض على السجين الانحناء فوق مكتب، يداه تمتدان أمامه في الأصفاد. تأتي المجندة وتقف من خلفه، وتغرس إصبعها أَو غير ذلك من الأشياء في فتحة شرجه. وعندما ينتفض ويرجع إلى الوراء، يسارع جندي واقف أمامه إلى ضربه على رأسه ويفرض عليه العودة إلى الوضع الذي كان عليه.

هناك ما يكفي لملء مكتبة بأسرها من التقارير المعاصرة التي توثق ما يتعرض له الفلسطينيون من تعذيب في السجون ومراكز الاعتقال الإسرائيلية.

أزمة حادة

طبقًا لتقرير صدر في شهر نوفمبر / تشرين الثاني عن لجنة الأمم المتحدة حول التعذيب، يوجد لدى (إسرائيل) سياسة رسمية لممارسة التعذيب بشكل منتظم وعلى نطاق واسع، والتي وصفها التقرير بأنها تتضمن “الضرب المبرح، والهجمات بالكلاب، والتعذيب بالكهرباء، والتعذيب بالإغراق في المياه، واستخدام أوضاع الإجهاد لفترات مطولة، والعنف الجنسي. ”

بل حتى مكتب الدفاع عن المتهمين، وهو جزء من وزارة العدل الإسرائيلية، خلص إلى وجود حالة من الاكتظاظ الشديد، والجوع، وممارسة الضرب بشكل يومي بحق السجناء الفلسطينيين، ملاحظًا أن الأوضاع بلغت حدًا يجعلها “واحدة من أشد أزمات الاعتقال التي عرفتها الدولة حتى الآن”.

على الرغم من كُـلّ هذا الكم الهائل من الأدلة، لم يحاكم حتى الآن سوى جندي إسرائيلي واحد، صدر بحقه حكم بالسجن لسبعة شهور. وجهت تهم لخمسة جنود آخرين بالإساءة الفاحشة واستخدام الأذى البدني الشديد في سدي تيمان، وذلك بعد أن تم تسريب مقاطع مصورة لهم.

أثار ذلك التسريب، والذي قام به محام في الجيش الإسرائيلي اسمه ييفات تومير ييروشالمي، حالة من السخط ليس؛ بسَببِ الجرائم نفسها، ولكن؛ بسَببِ الضرر الذي ألحقه ذلك التسريب بسمعة الجيش الإسرائيلي أمام الجمهور. أجبر المحامي على الاستقالة، وقام الجنود المتهمون بالاغتصاب مؤخّرًا بعقد مؤتمر صحفي طالبوا خلاله بالحصول على تعويض عما لحق بسمعتهم من أضرار.

في مؤتمرهم الصحفي الذي عقدوه أمام المحكمة العليا الإسرائيلية، وقف الجنود وهم يرتدون الأقنعة، في مسعى واضح منهم لتجنب المثول أمام المحكمة الجنائية الدولية، وهم يتفآخرون بأنهم ما زالوا أحرارًا، ويعلنون على الملأ: “لسوف نسود وننتصر”.

وقالوا في إشارة إلى وحدتهم المتخصصة في مكافحة الإرهاب: “لقد حاولتم قهرنا، ولكنكم نسيتم شيئًا واحدًا: إننا القوة 100”.

رفض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إدانة الاعتداء، وبدلًا من ذلك وصف التسريب بأنه “أسوأ هجوم دعائي تتعرض له (إسرائيل) منذ تأسيسها. ” كان كُـلّ همه المحافظة على سمعة (إسرائيل)، ولم يأبه بما تعرض له الرجل من تعذيب وحشي شاهده الناس على الشاشات.

حسبما أوردت صحيفة هآرتس، تجنب المسؤول القانوني الكبير في الجيش الإسرائيلي إطلاق تحقيقات في جرائم الحرب التي ارتكبها الجنود الإسرائيليون؛ بسَببِ خشيته من رد فعل التيار اليميني.

ما يقرب من مليون فلسطيني تعرضوا للاعتقال منذ حرب الشرق الأوسط في عام 1967، بما في ذلك سبعة عشر ألف امرأة وفتاة وخمسين ألف طفل، بحسب ما أورده التقرير الصادر في عام 2021 عن المفوضية المسؤولة عن متابعة شؤون المعتقلين والمعتقلين السابقين.

وهذا يعني أن واحدًا من كُـلّ سبعة من السكان الفلسطينيين تعرض للاعتقال.

المطالبة بعقوبة الموت

في هذه الأثناء، لم يلبث عدد الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية يتزايد بشكل مُستمرّ. وطبقًا لما تقوله المنظمات الحقوقية فقد بلغ عدد المعتقلين في شهر نوفمبر / تشرين الثاني تسعة آلاف ومائتين وخمسين. يوجد من بين هؤلاء ثلاثة آلاف وثلاثمِئة معتقل إداري، يحتجزون بدون تهم أَو أي شكل من أشكال الإجراء القانوني السليم.

وصف هؤلاء المعتقلين بالسجناء يمط معنى الكلمة، بل هم في الحقيقة رهائن تأخذهم (إسرائيل) كُـلّ ليلة في مداهمات – إلا أن أحدًا في المجتمع الدولي لا يأبه بملاحظة ذلك.

لقد ركز أيتامار بن غفير، وزير الأمن الوطني، كُـلّ جهده على تحويل حياة السجناء الفلسطينيين إلى جحيم، فأمر بتقليص كمية الطعام إلى حَــدّ التجويع، وأدان قرار المحكمة العليا الصادر ضد هذا الإجراء، متسائلًا ما إذَا كان هؤلاء القضاة بالفعل قضاة إسرائيليين.

لم يكتف بن غفير بذلك، وها هو الآن يدفع بمشروع قانون عبر الكنيست لفرض إنزال عقوبة الموت بحق “الإرهابيين الذين يعملون ضد الدولة”.

تم اختيار الكلمات بعناية؛ مِن أجلِ استثناء اليهود، لأن الإرهاب من وجهة نظر اليمين المتطرف لا يمارسه سوى العرب. قال أحد المتبنين لمشروع القانون، عضو الكنيست ليمور سون هار ميليخ: “لا يوجد شيء اسمه إرهابي يهودي”.

كانت (إسرائيل) قد ألغت عقوبة الإعدام على جرائم القتل في عام 1954، ولكن بقي الإعدام موجودًا في السجلات كعقاب على الجرائم ذات الصلة بالمحرقة (الهولوكوست) والإبادة الجماعية. لم تعدم (إسرائيل) في تاريخها إلا شخصًا واحدًا، هو أدولف آيخمان، المتهم بتصميم المحرقة، والذي أعدم في عام 1962.

استبقي حكم الإعدام في المحاكم العسكرية داخل الضفة الغربية، ولكن لم يسبق أن تم استخدامه، وظل ذلك باستمرار محل جدل، ولطالما عارض اللجوء إليه، وبشكل منتظم، رؤساء الشين بيت وقادة الجيش.

أما اليوم، فيكاد الجدل بهذا الشأن يتلاشى، حيثُ إن الشين بيت يرأسه الآن عضو في التيار الصهيوني الديني هو اللواء ديفيد زيني، وهو من مؤيدي مشروع القانون، ناهيك عن أن ارتقاء بن غفير إلى موقع السلطة التنفيذية أحدث تغييرًا جذريًّا في المشهد.

ما كان ذات يوم يعتبر مُجَـرّد تحريض من قبل التيار اليميني، غدا الآن سياسة رسمية للمؤسّسة الحاكمة. وزع بن غفير الحلوى احتفالًا بتجاوز مشروع القانون القراءة الأولى، والكل يتوقع له الآن أن يصبح قانونًا.

إرث مانديلا

كما كان عليه الحال في جنوب إفريقيا، تؤوي السجون الإسرائيلية كذلك أهم الزعماء الفلسطينيين الذين يمكنهم التفاوُضُ على إنهاء الصراع.

فهناك مروان البرغوثي، الزعيم الفتحاوي الكبير الذي يقضي حكمًا بالسجن لخمس مؤبدات، والذي يتمتع بشعبيّة تكفي لأن يصبح رئيسًا يحل محل محمود عباس. ومعه في السجن عبد الله البرغوثي، القائد العسكري في حماس، والذي صدر بحقه الحكم بالسجن مدى الحياة 67 مرة.

كما يقضي القائد الحمساوي إبراهيم حمد حكمًا بالسجن مدى الحياة 54 مرة، بينما يقضي أحمد سعدات، الأمين العام للجبهة الشعبيّة لتحرير فلسطين، حكمًا بالسجن ثلاثين عامًا. ومن بين الشخصيات الحمساوية البارزة الأُخرى في السجن حسن سلامة، الذي يقضي حكمًا بالسجن مدى الحياة 48 مرة، وعباس السيد، الذي يقضي حكمًا بالسجن مدى الحياة 35 مرة.

انطلقت حملة دولية تطالب بإطلاق سراح البرغوثي بناء على نفس المبدأ الذي أفضى إلى إطلاق سراح مانديلا، وهو ما كان مطلبًا مركزيًّا لدى الحركة المناهضة للأبارتايد. وكما صرح مانديلا نفسه: “فقط الأحرار هم من يتمكّنون من التفاوض، ولا يمكن للسجناء أن يدخلوا في تعاقدات”.

اعتبر تحرير مانديلا حينذاك خطوة أَسَاسية نحو السلام. فقد مضى ليقود المفاوضات التي مهدت السبيل أمام البلاد لتنظم أول انتخابات ديمقراطية متعددة الأعراق في عام 1994، والتي حقّق فيها حزبه المؤتمر الوطني الإفريقي فوزًا كاسحًا.

وهذا ما يراه بعض رؤساء الشين بيت السابقين، وإن كانوا اليوم بلا سلطة ولا نفوذ ولا تأثير. إلا أن الاتّجاه الذي تسير فيه (إسرائيل) تحت قيادة بن غفير، بحكم الأمر الواقع، تغرق البلاد في حرب دائمة مع الفلسطينيين ومع الجيران في الإقليم.

في نفس الوقت تتغير طبيعة هذه الحرب من واحدة تقوم أَسَاسًا على الأرض إلى واحدة تقوم على حملة دينية، ولا ريب أن هذه سوف تنتهي إلى ما انتهت إليه سابقاتها، بما في ذلك الحروب الصليبية، التي حاولت احتلال فلسطين.

إذا كان المجتمع الدولي راغبًا بالفعل في إنهاء هذا الصراع الآن، وقبل أن يتفاقم أكثر، فإن تحرير جميع السجناء الفلسطينيين ينبغي أن يصبح مطلبًا رئيسيًّا لحملة المقاطعة العالمية.

لقد انطلقت حملة الشريط الأحمر التي تطالب بإطلاق سراح جميع السجناء الفلسطينيين المحتجزين. ينبغي أن تطالب جميع الأحزاب السياسية في بريطانيا بدعم هذه الحملة، وبالذات حزب العمال.

إن الرجال والنساء الذين ينظمون ويمارسون ويبتهجون بما يمارس يوميًّا من ضرب واغتصاب وتعذيب بالكهرباء وقتل داخل السجون الإسرائيلية، ينبغي أن يقدموا إلى نفس المحكمة التي مثل أمامها آيخمان؛ لأنهم في حقيقة الأمر هم أبناؤه.

المصدر: موقع “ميدل إيست آي”

You might also like