كاتب “إسرائيلي”: طوابيرنا أمام سفارة البرتغال تعكسُ يأس جيل كامل وهجرة تتسع كخطر استراتيجي
متابعات..|
حذّر الكاتب الإسرائيلي نير كوفينس من أن مشاهد الطوابير الطويلة لآلاف الإسرائيليين أمام السفارة البرتغالية في مدينة لمسمّاة احتلاليًّا (تل أبيب) – مِن أجلِ الحصول على الجنسية أَو تجديد جوازات السفر – تمثّل مؤشرًا خطيرًا على ما وصفه بـ”نزيف الشريان الرئيسي” لدولة الاحتلال، في ظل تراجع الروح الوطنية وتفاقم الشعور بالإحباط بين الأجيال الشابة.
وقال كوفينس إن الطوابير الحالية تختلف عن تلك التي اعتادتها السفارة في السنوات الماضية؛ إذ امتدت هذه المرة لمسافات طويلة وازدحمت حتى داخل الأقبية، ما يعكس – بحسب تعبيره – انتقال الظاهرة من “تنقيط” محدود إلى “طوفان بشري” يبحث عن مستقبل أفضل خارج (إسرائيل)، ويرى فيه يأسًا عامًا أصاب جيلًا كاملًا.
واعتبر كوفينس أن المسؤولية عن هذا الوضع لا تحتاج إلى لجان تحقيق، محملًا وزراء الحكومة اليمينية المسؤولية المباشرة: وزير العدل ياريف ليفين؛ بسَببِ حربه على القضاء، ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير الذي “حوّل الشرطة إلى قوة ظلامية”، ووزير المالية سموترتش الذي يدفع نحو ترحيل الفلسطينيين، إضافة إلى رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو وما وصفه بمحاولاته المُستمرّة للتهرب من القضاء.
طوابير غير مسبوقة
وكانت صحيفة يديعوت أحرونوت قد وثّقت اصطفاف آلاف الإسرائيليين أمام السفارة البرتغالية عقب إعلانها استئناف العمل بنظام المواعيد الحضورية، وإلغاء النظام الافتراضي، وسط إقبال غير مسبوق دفعها لإطلاق حملة – سمتها “العودة إلى الماضي” – لتجديد الجوازات خلال شهري يناير وفبراير. وأفَاد عدد من المنتظرين بأنهم ظلوا لساعات في الطابور، فيما غادر آخرون بعد رؤية حجم الازدحام.
وقال أحد الإسرائيليين للصحيفة إنه يسعى للحصول على الجواز البرتغالي “لأنه يفتح فرصًا واسعة في أُورُوبا”، بينما تنتظر السفارة تغيير صلاحية الجواز ابتداءً من مايو 2026 من خمس سنوات إلى عشر، ما قد يؤدي إلى ازدحام أكبر مستقبلًا.
وعلّق الوزير السابق وعضو الكنيست غادي آيزنكوت على المشهد قائلًا: “اصطفاف الإسرائيليين أمام سفارة أجنبية بدلًا من القنصليات الإسرائيلية حول العالم أمر معيب وسنسعى لمعالجته”.
تسارع الهجرة وسط امتيَازات الجواز البرتغالي
وتزايد الإقبال على الجوازات الأُورُوبية – خُصُوصًا البرتغالية –؛ بسَببِ امتيَازات التعليم والعمل والتنقل في الاتّحاد الأُورُوبي. ويمنح القانون البرتغالي لعام 2015 اليهود السفارديم حق التقدّم للجنسية، قبل أن تُفرض قيود جديدة عام 2023؛ بسَببِ الازدحام الكبير على الطلب.
وتزامن الارتفاع الكبير في الطلب خلال 2023 مع حرب الاحتلال على غزة، بالتوازي مع مغادرة متزايدة للإسرائيليين.
وبيّنت صحيفة كالكاليست – بناء على دراسة لجامعة تل أبيب – أن نحو 90 ألف إسرائيلي غادروا بين يناير 2023 وسبتمبر 2024، بينهم 50 ألفًا في 2023 و40 ألفًا حتى سبتمبر 2024. وقد خسرت خزينة الدولة نحو 1.5 مليار شيكل (395 مليون دولار) من الإيرادات الضريبية نتيجة هذه الهجرة.
نزيف العقول يتسع: أطباء ومهندسون يغادرون
ووفق بيانات شركة Revelio Labs المتخصصة في تحليل حركة سوق العمل، انعكس التوازن السكاني لأول مرة منذ أعوام؛ إذ سجّل عام 2023 هجرة صافية سلبية تفاقمت في 2024، مع توقع استمرارها في 2025. وتبرز بشكل خاص “هجرة الأدمغة” في قطاع التكنولوجيا والطب:
– 875 طبيبًا غادروا بين يناير 2023 وسبتمبر 2024، في بلد يعاني أصلًا من نقص حاد في الأطباء.
– 19 ألفًا من أصحاب الشهادات الجامعية والعليا غادروا في الفترة نفسها، بينهم 6600 متخصص في العلوم والهندسة.
– أكثر من 3000 مهندس غادروا خلال 2023–2024، ضمن هجرة صافية سلبية تقارب 2330 مهندسًا.
وحذّر الباحثون من دخول دولة الاحتلال في “حلقة مفرغة”: فكل مغادر يضعف المنظومات الصحية والتكنولوجية، ما يجعلها أقل جذبًا للآخرين، ويزيد بالتالي من رغبتهم في الرحيل، مؤكّـدين أن استمرار هذا الاتّجاه قد يقود إلى عتبة يصعب بعدها وقف الانهيار في رأس المال البشري.
خطر استراتيجي وجودي
واختتم كوفينس مقاله محذرًا من أن الطوابير أمام السفارة البرتغالية ليست مُجَـرّد أزمة إدارية أَو احتجاج سياسي، بل هي – كما قال – دليل على “خطر استراتيجي كبير يهدّد مستقبل إسرائيل” ويكشف يأسًا متجذرًا لدى جيل كامل يفكر في مغادرة البلاد.
المصدر: كالكاليس ــ صحيفة يديعوت أحرونوت ــ ماكو