فورين أفيرز: الحرب التجارية تتحوّل لصالح الصين و”بدأت تجني الثمار”.. هكذا خدع بينغ ترامب المرتبِك
متابعات..|
في تحليل قاسٍ لسياسة إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تجاه الصين، كشفت مجلة “فورين أفيرز” عن تذبذب استراتيجي سمح للرئيس الصيني شيء جين بينغ باستغلال الموقف ببراعة، محقّقًا مكاسبَ استراتيجية ودبلوماسية وتكنولوجية لبكين، بينما قدمت واشنطن تنازلات خطيرة دون تحقيق نتائج ملموسة. وخلص التقرير إلى أن الصين “بدأت جني الثمار” بعد عام واحد فقط من ولاية ترامب الثانية.
تكتيكات بكين الذكية في مواجهة التهديدات:
أكّـدت المجلة أن بكين تعاملت مع التهديدات الأمريكية بصلابة، وانتقلت بذكاء من موقع رد الفعل إلى الهجوم، حَيثُ فرضت نظامًا موسعًا لضوابط تصدير المعادن النادرة قبل أسابيع من لقاء القمة بين الرئيسين. ورغم دعوات واشنطن إلى إصلاحات هيكلية شاملة، ضاعف شيء رهانه على الطموحات الصناعية والتكنولوجية في خطة الصين الخمسية المقبلة، متجاهلًا الضغوط الأمريكية.
الاستراتيجية الصينية قامت على “كسب الوقت” وحصر المفاوضات في قضايا تجارية هامشية، مثل تعهد الصين بشراء فول الصويا، وهو ما اعتبره ترامب تنازلًا مهمًّا، بينما كان الهدف الحقيقي لشي هو إبقاء ترامب منشغلًا عن القضايا الجوهرية. وقد أظهرت بكين مرونة في تطبيق ضوابطها على الصادرات، مدركة حجم نفوذها على واشنطن وسلاسل الإمدَاد العالمية، ولم تخسر شيئًا يُذكر رغم كُـلّ الإجراءات الأمريكية.
تذبذب ترامب وتنازلات على حساب الأمن القومي:
في المقابل، تذبذبت استراتيجيةُ إدارة ترامب بين محاولات ضرب الصين اقتصاديًّا عبر الرسوم، وبين السعي لاسترضائها عبر تنازلات متكرّرة، دون تحقيق نتائج ملموسة. هذا التذبذب جعل بكين تدرك أن الإدارة الأمريكية “تفي بوعودها ولا بتهديداتها”، وفقًا لـ “فورين أفيرز”.
وقد أَدَّت هذه السياسة إلى تنازلات خطيرة من واشنطن، شملت الموافقة على إدخَال الرقابة على الصادرات في المفاوضات، رغم أنها أدَاة لحماية الأمن القومي الأمريكي. كما خففت الإدارة القيود على أشباه الموصلات المتقدمة وألغت الحظر على بيع رقائق إنفيديا “إتش20” للصين. وفي سابقة أكثر خطورة، تراجعت إدارة ترامب عن دعمها لتايوان، وضغطت على رئيسها لإلغاء عبوره عبر الولايات المتحدة، مكتفية بدعم معنوي محدود.
مكاسب بكين وتجاهل واشنطن للقضايا الاستراتيجية:
أشَارَت المجلة إلى أن تركيز الإدارة الأمريكية على المفاوضات التجارية جعلها تتجاهل قضايا استراتيجية حساسة، مثل تصاعد الأنشطة الصينية ضد الفلبين في بحر الصين الجنوبي، والهجمات السيبرانية الواسعة على البنية التحتية الأمريكية، فضلًا عن تراجع الاهتمام بانتهاكات حقوق الإنسان في الصين.
في المقابل، حصل شيء جين بينغ على التزام من ترامب بعقد عدة اجتماعات في 2026، وتنازلات في قضايا شديدة الحساسية، مما وضع الصين في وضع أفضل دبلوماسيًّا واستراتيجيًّا وتكنولوجيًّا مقارنة بالعام الماضي. وخلصت المجلة إلى أن بكين ليست معنية فعليًّا بالتهدئة، بل وظفت الهدنة التكتيكية لتعزيز موقفها في المنافسة طويلة الأمد مع واشنطن، ونجحت في تقييد قدرة الولايات المتحدة على مواجهتها، محقّقة تقدمًا ملحوظًا نحو فرض شروطها على واشنطن.
المصدر: مجلة “فورين أفيرز”