كل ما يجري من حولك

“نيويورك تايمز” تكشف عن تدفق 28 مليار دولار من الأموال “القذرة” عبر منصات التشفير

215

متابعات..|

كشفَ تحقيق استقصائي عن تدفّق أكثر من 28 مليار دولار من الأموال غير القانونية إلى منصات تداول العملات الرقمية خلال العامين الأخيرين، في “أكبر اختراق لنظام الامتثال المالي في تاريخ الكريبتو”.

وبحسب التحقيق المشترك لـ صحيفة “نيويورك تايمز”، مع الاتّحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين و36 مؤسّسة إعلامية عالمية، فإن قراصنة دوليين، وشبكات ابتزاز، وعصابات احتيال من كوريا الشمالية إلى ميانمار، استخدموا منصات كبرى لتحويل أموال مسروقة أَو مجرّمة إلى عملات رقمية قابلة للتداول عالميًّا، ثم إعادة إدخَالها إلى النظام المالي.

وتعقّب التحقيق مسارات الأموال عبر تحويلات متكرّرة بين محافظ رقمية ومنصات تبادل، قبل أن تصل إلى منصات معروفة تتيح تحويل العملات الرقمية إلى عملات ورقية مثل الدولار.

ووفق التحقيق، جاءت منصة Binance -أكبر بورصة عملات رقمية في العالم- في مقدمة الجهات التي استقبلت هذه التدفقات المشبوهة، رغم دخولها في صفقة بقيمة ملياري دولار مع شركة ترامب للعملات المشفرة “World Liberty Financial” خلال مايو الماضي.

كما تدفقت عشرات الملايين نحو منصات أُخرى مثل OKX ومنصات آسيوية وأُورُوبية.

وتؤكّـد “نيويورك تايمز” أن العملات الرقمية شكّلت في بداياتها أدَاة مثالية لتجار المخدرات ومنصات “الإنترنت المظلم”، حَيثُ ازدهرت عمليات البيع المجهولة للمواد المحظورة، وارتبطت بوفيات جرّاء الجرعات الزائدة.

ومع توسع القطاع وارتفاع التنظيم، أعلنت منصات كثيرة أنها تُلاحق النشاطات الإجرامية، إلا أن الأرقام تكشف استمرار تدفق الأموال “القذرة” بنسب كبيرة.

وفي 2023، اعترفت Binance بانتهاكات تتعلق بغسل الأموال، ودفعَت غرامة قياسية بلغت 4.3 مليارات دولار، بعد أن نفّذت معاملات لصالح جماعات مثل حماس والقاعدة، قبل أن تقول إن الصناعة باتت “بيئة معادية للعناصر السيئة”.

ويشير التحقيق إلى أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يتبنى سياسة داعمة بشدة لقطاع العملات الرقمية؛ إذ جعل الكريبتو محورًا لأعمال عائلته، وألغى كَثيراً من القيود التنظيمية المفروضة على السوق.

وقبيل انتخابات 2024، أسس مع أبنائه شركة World Liberty Financial، ويتوقع أن تجني عشرات الملايين من صفقتها مع Binance.

وفي الشهر الماضي، منح ترامب عفوًا رئاسيًّا لمؤسّس Binance تشانغبينغ تشاو بعد أربعة أشهر من سجنه ضمن تسوية قضائية مع وزارة العدل.

كما أضعفت إدارة ترامب قدرة أجهزة إنفاذ القانون على ملاحقة الجرائم الرقمية، بحل فريق متخصص داخل وزارة العدل، والاكتفاء بملاحقة “المجرمين المباشرين” دون استهداف المنصات التي تتم عبرها عمليات غسل الأموال.

التحقيق يستند إلى بيانات Chainalysis ووثائق وسجلات عامة. ومن بين النتائج:

استقبلت Binance أكثر من 400 مليون دولار من مجموعة هوين الكمبودية المتهمة أمريكيًّا بالأنشطة الإجرامية.

تلقت Binance 900 مليون دولار هذا العام من منصة استخدمها قراصنة كوريون شماليون لغسل الأموال.

تلقت منصة OKX نحو 220 مليون دولار من مجموعة هوين خلال خمسة أشهر فقط، بعد تسوية بـ504 ملايين دولار مع الحكومة الأمريكية.

بلغ مجموع الأموال غير المشروعة المتدفقة إلى منصات التداول حول العالم في 2024 نحو 4 مليارات دولار نتيجة عمليات احتيال فقط.

ضحايا الاحتيال الذين تحدثوا للصحيفة قالوا إن أموالهم—من 25 ألف دولار إلى 1. 5 مليون—انتهت إلى حسابات على Binance وOKX وBybit وHTX.

وكشف التحقيق أن مكاتب صغيرة في آسيا وأُورُوبا الشرقية باتت توفر خدمات تحويل العملات الرقمية إلى نقد دون أي تحقّق من الهُوية.

مكاتب هونغ كونغ وحدها عالجت 2. 5 مليار دولار العام الماضي.

تلقت Binance وOKX أكثر من 531 مليون دولار من هذه المكاتب.

صحفي تابع التحقيق حوّل 1200 دولار إلى نقد “خلال دقائق” في متجر بكييف بدون إيصال.

مكتب في دبي تلقى 2 مليون دولار في أسبوعين، بينها 303 آلاف جاءت من Binance.

في فبراير الماضي، نفذت مجموعة Lazarus الكورية الشمالية أكبر عملية اختراق في تاريخ العملات الرقمية، بسرقة 1.5 مليار دولار من منصة Bybit، ثم ضخّت 900 مليون دولار من الإيثيريوم إلى حسابات في Binance، في عملية وصفها خبراء التتبع بأنها “دليل قاطع” على أن الأموال مسروقة.

ويقول خبراء إن كَثيراً من التحويلات “واضح أنها غير مشروعة”، لكنها تمر دون توقف؛ بسَببِ الأرباح الكبيرة التي تحقّقها المنصات من رسوم التداول.

ويختتم الخبير جون غريفين من جامعة تكساس قائلًا: “إذا طردت المنصات المجرمين، فإنها ستخسر مصدرًا ضخمًا للدخل.. لديها حافز مادي للسماح باستمرار هذه الأنشطة. ”

بهذه التفاصيل، ترسم نيويورك تايمز صورة دقيقة عن عالم موازٍ تتحَرّك فيه مليارات الدولارات عبر منظومة مالية رقمية شبه غير خاضعة لأية رقابة حقيقية، حَيثُ تتقاطع مصالح القراصنة والمنصات والحكومات والسياسة.

المصدر: صحيفة “نيويورك تايمز”

You might also like