كل ما يجري من حولك

تقرير غربي يكشف خفايا مركَز التنسيق لغزة وما يفعل ضبّاط مخابرات عرب داخله.. إدارة أمريكية وسيطرة إسرائيلية

230

متابعات..| تقرير:

يُمِيطُ تقريرٌ موسَّع لـ صحيفة “نيويورك تايمز” القِناعَ عما يجري في الخفاء داخل مركَز التنسيق الأمريكي لغزة، الواقع في مغتصَبة كريات غات القريبة من القطاع، حَيثُ يجتمع جنود أمريكيون و”إسرائيليون”، وضباط مخابرات عرب، ودبلوماسيون وعمال إغاثة من مختلف دول العالم، فيما يغيب أي تمثيل رسمي للفلسطينيين بشكل كامل.

ووفق التقرير الذي أعده أربعة من مراسلي الصحيفة، فإن المركز يقعُ داخل مستودع شحن ضخم أُعيد استخدامُه، ويضم “مئات” من العسكريين والخبراء، مشيرًا إلى أن العمل داخله يشمل وضع خطط عملياتية للقوة الدولية التي يجري الحديث عنها، رغم أن التقدّم على هذا الصعيد ما يزال “غير واضح” حتى بعد مضي شهر على بدء أعماله.

ويقول مشاركون إن بداية المركز كانت فوضويةً، فيما أثار غِيابُ الفلسطينيين استياء دبلوماسيين وعاملين في الإغاثة، الذين يؤكّـدون أن أيَّ تخطيط لمستقبل غزة “محكوم بالفشل” دون مشاركة أهلها.

وتلفت “نيويورك تايمز” إلى أن مشاهَد الجنود الأمريكيين وهم يناقشون سبل “إعادة إعمار غزة” تذكّر كثيرين بمحاولات إعادة الإعمار في العراق وأفغانستان، وما ارتبط بها من إخفاقات.

داخل المبنى، تُعرَضُ على شاشات عملاقة صور جوية للقطاع، بينما تُعقَد جلسات دورية بقيادة ضباط أمريكيين تناقش ملفات الاستخبارات، المساعدات الإنسانية، والحكم المدني.. وتؤكّـد الصحيفة أن فريقًا يقودُه أرييه لايتستون—المستشار السابق في إدارة ترامب—يشرفُ على “الصورة الكبرى” لاستراتيجية ما بعد الحرب، لكنه رفض التعليق.

وتشير التقرير إلى مشاركة ممثلين من عشرات الدول والمنظمات، من كندا والإمارات، وُصُـولًا إلى سنغافورة. لكن بين المشاركين من لا يمتلك أية خبرة في الشرق الأوسط، حتى إن المركز عقد دورة تمهيدية بعنوان: ما هي حماس؟ للمنضمين حديثًا.

كما تكشف الصحيفة عن تقسيماتٍ داخلية طريفة رغم حساسية العمل، مثل “أربعاء العافية” لمناقشة ملفات الصحة والتعليم، و”خميس العطش” لبحث قضايا المياه والبنية التحتية.

وبحسب مسؤولين تحدّثوا للصحيفة، فإن المركز يعمل تحت إشراف 200 جندي من القيادة المركزية الأمريكية (CENTCOM)، وقد افتُتح في 17 أُكتوبر، ويتولى قيادته الجنرال باتريك فرانك والسفير الأمريكي السابق لدى اليمن ستيفن فاغين، فيما يمثّل الجنرال يعقوب دولف جهة الاتصال مع جيش الاحتلال.

وتوضح الصحيفة أن كَيان الاحتلال ما يزال يحتفظ بالسيطرة الكاملة على دخول المساعدات الإنسانية لغزة عبر “منسق أعمال الحكومة في المناطق”، رغم محاولات أمريكية لنقل الإشراف إلى مركز التنسيق.

وتقول القيادةُ المركزية إن نحو 800 شاحنة مساعدات تدخل القطاع يوميًّا، لكن خمسة مشاركين أكّـدوا للصحيفة أن نتائجَ الضغط الأمريكي جاءت “متباينة”.

وتؤكّـد الصحيفة أن السلطة الفلسطينية أعدّت خططَها الخَاصَّة للإغاثة وإعادة الإعمار، لكن لم يُسمح لأي مسؤول فلسطيني بالمشاركة في أعمال المركز، فيما يرى مراقبون أن ذلك يعكس إصرار الاحتلال على منع السلطة من حكم غزة بعد الحرب، في انسجام مع موقف كيان الاحتلال الرافض لقيام دولة فلسطينية.

وتورد الصحيفة وصفًا لافتًا لطريقة توزيع الطوابق: الطابق العلوي للجانب الأمريكي، والطابق السفلي للجانب الإسرائيلي، وطابق مشترك في الوسط لدبلوماسيين ومنظمات دولية.

وفي جولة خاضعة لرقابة مشدّدة للصحافيين، شاهدوا جنودًا أمريكيين يقدّمون عرضًا لضباط من جيش الاحتلال حول “قوة شرطة فلسطينية” تُناقش كجزء من ترتيبات ما بعد الحرب.

أحد الدبلوماسيين شبّه مكانَ العمل بـ“مقر لشركة غوغل منخفض التكلفة”، حَيثُ يقود ضابط كبير كُـلّ صباح إحاطةً جماعية تعزز شعور الموظفين بأنهم يعملون في مشروع دولي ناشئ.

وينقل التقرير أن الاتّفاقَ الأخير بين المقاومة وكَيان الاحتلال الصهيوني-والذي أَدَّى إلى تبادل أسرى ووقف القصف- لم ينهِ الحرب، لكن بعضَ الاستعدادات للمرحلة التالية تجري بالفعل داخل هذا المركز، الذي كان جُزءًا من البنية التحتية لما تصفه الصحيفة بمؤسّسة إسرائيلية “ارتكبت انتهاكات” بحق فلسطينيين كانوا يحاولون الحصول على مساعدات.

المصدر: صحيفة “نيويورك تايمز”

You might also like