كل ما يجري من حولك

تقرير بريطاني: قرار غريب لمجلس الأمن.. ضبابية مقصودة تمنح ترامب وصايةً على غزة

97

متابعات..|

يكشف تقرير بريطاني عن واحدة من أكثر اللحظات غرابة في تاريخ مجلس الأمن، حَيثُ جرى تمرير قرار يتعلق بغزة يحمل في طيّاته مستويات غير مسبوقة من الغموض، ويمنح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نفوذًا واسعًا على مستقبل القطاع، رغم أنه لا يخضع لأية ولاية أممية مباشرة.

ووفق تقرير صحيفة الغارديان البريطانية، فإن القرار الأممي الذي يفترض أن يحوّل وقف إطلاق النار الهش إلى مسار سلام مستدام، أسّس ما يسمى مجلس السلام، وهو كيان غير تابع للأمم المتحدة، يترأسه ترامب نفسه، ويمتلك سلطة الإشراف على قوة دولية لتحقيق الاستقرار، إضافة إلى لجنة تكنوقراط فلسطينية وقوة شرطة محلية لمدة عامين.

لكن اللافت، كما تشير الصحيفة، أن هوية الدول التي ستشارك في هذا المجلس لا تزال مجهولة، وأن الإعلان عنه جاء أولًا عبر منشور لترامب على وسائل التواصل الاجتماعي، في خطوة تعكس مدى الارتباك السياسي الذي يحيط بالقرار.

القرار ينص على نشر قوة دولية لضمان نزع السلاح في غزة، وهو ما يعني عمليًّا محاولة تجريد المقاومة الفلسطينية من قدراتها العسكرية.

غير أنّ الدول التي يُفترض أن تشارك في هذه القوة – مثل مصر وتركيا وإندونيسيا والإمارات – أبدت تردّدًا واضحًا، إدراكًا منها أن الانخراط في مواجهة مباشرة مع حركة حماس ومقاتليها المحترفين سيشكل مغامرة خطرة.

وتشير الغارديان إلى أنّ الجيش الإسرائيلي سيكون مسؤولًا عن الأمن في المناطق التي يحتلها حَـاليًّا، وهو ما يجعل احتمال الاشتباكات قائمًا إذَا ما تراجعت نوايا الاحتلال في الانسحاب.

إحدى أكبر الفجوات، بحسب التقرير، تتعلق بلجنة التكنوقراط الفلسطينية، التي يُفترض أن تدير شؤون غزة اليومية تحت إشراف ترامب نفسه.

تقول الصحيفة إن إيجاد شخصيات فلسطينية مستعدة للعمل ضمن هذا الإطار أمر شبه مستحيل، خُصُوصًا في ظل تآكل الثقة الشعبيّة في أي ترتيبات مفروضة من الخارج، وبعد حرب أودت بحياة أكثر من 70 ألف فلسطيني ودمّـرت 70 % من البنية العمرانية في القطاع.

ورغم ضغط الدول العربية والإسلامية لإضافة إشارة إلى “الدولة الفلسطينية المستقبلية”، جاءت الصياغة فضفاضة ومشروطة، دون أي التزام حقيقي بمبدأ تقرير المصير أَو حَـلّ الدولتين.

ترى الصحيفة أن القبول بهذه الصياغة يعكس الإرهاق الدولي من حربٍ مُستمرّة منذ أكثر من عامين، لكنه أَيْـضًا يشي برغبة أمريكية في تسويق النص؛ باعتبَاره “اختراقًا”، رغم هشاشته.

ومع أن بعض الدبلوماسيين الأُورُوبيين عدّوا تضمين عبارة تقرير المصير الفلسطيني مكسبًا رمزيًّا، إلا أن الصياغة العملية لا تمنح الفلسطينيين أي ضمانات سياسية حقيقية.

وأثار القرار غضب الأحزاب اليمينية المتطرفة في حكومة نتنياهو، التي ترى في أية إشارة – ولو شكلية – لقيام دولة فلسطينية تهديدًا لمشروعها الأيديولوجي.

اضطر نتنياهو إلى تأكيد رفضه التام لأي حديث عن سيادة فلسطينية، في رسالة إضافية على أن القرار، رغم غموضه، كشف عمق الانقسام الإسرائيلي حول مستقبل غزة.

قرار مجلس الأمن 2803، كما تصفه الغارديان، لم يأت نتيجة رؤية سياسية واضحة، بل جاء كحصيلة ضبابية مقصودة، هدفها تمرير تسوية انتقالية تحت مظلة قانون دولي هش، تسمح لواشنطن – ولترامب تحديدًا – بإدارة ملف غزة خارج الأطر التقليدية للأمم المتحدة.

في جوهره، يعكسُ القرار واقعًا دوليًّا مرتبكًا، واستعجالًا لإنهاء حرب كارثية دون معالجة جذور الصراع، ودون تقديم حَـلّ سياسي قابل للحياة للفلسطينيين، ما يجعل تطبيقه محفوفًا بمخاطر الانفجار من جديد في أية لحظة.

المصدر: https://www.theguardian.com/world/2025/nov/18/one-of-the-oddest-un-resolutions-in-history-seeks-to-solidify-shaky-gaza-ceasefire-into-an-enduring-peace

You might also like