تقديرات “إسرائيلية”: قرارٌ بشن حرب واسعة وحزب الله يستعد بريًّا ويرتِّب أوراقه في العمق
متابعات..| نقرير
أفاد موقع “واللا” العبري بأن جيشَ الاحتلال الصهيوني يكثّـف استعداداتِه العسكريةَ في الجبهة الشمالية؛ تجهيزًا لمواجهة مستقبلية مع حزب الله، في ظلّ وقف إطلاق النار الهش الذي تواصل قوات الاحتلال انتهاكه وتستغله لتثبيت مكاسبها الميدانية وتعزيز قدرتها العملياتية.
أيضًا نقلت إذاعة جيش الاحتلال عن مصادر مطلعة قولها بأن المعركةَ القادمةَ والتي يتوقع حدوثها في أية لحظة ستشمل اغتيالات محورية لقيادات في حزب الله وضرب معاقل الحزب الرئيسية في عمق لبنان فيما لا تستبعد المصادر أن يقوم حزب الله بتنفيذ توغلات برية في شمال (إسرائيل) رغم التدمير الواسع لقدراته في الحرب الماضية.
ووفق تقديرات جيش الاحتلال، فإن حزب الله يعيدُ تموضعه استعدادًا لمواجهة جديدة، متّبعًا سياسةَ “الاحتواء المحسوب” تجاه الهجمات الإسرائيلية، عبر “التضحية بقوات تكتيكية على الحدود مقابل تعزيز قدراته في العمق اللبناني”.
وأكّـد تحليلٌ أعدّته قيادة الأركان الإسرائيلية، أن نقلَ حزب الله لبنيته العملياتية إلى مناطقَ داخلية سيجبر جيش الاحتلال على تنفيذ عمليات برية وجوية واسعة النطاق داخل، مع توقعات بأن تكون تلك المعارك أكثر تعقيدًا وطولًا مقارنة بالعمليات السابقة في غزة أَو سوريا.
وفي هذه الأثناء، يواصل جيش الاحتلال تنفيذ هجمات تستهدف مواقعَ في مختلف المناطق اللبنانية بذريعة “إنفاذ” اتّفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، برعاية أميركية.
ويزعم الاحتلال أن الغاية من الهجمات الراهنة هي “منع حزب الله من إعادة بناء قدراته العسكرية وإحباط استعداده للحرب المقبلة، بل والمساهمة في تشكيل ميدان القتال المستقبلي”، على حَــدّ تعبيره.
“لا يمكن تجنُّب المواجهة المقبلة”:
وبحسب ما أورده موقع “واللا” الإسرائيلي، قتل جيش الاحتلال منذ دخول وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ نحو 330 عُنصرًا من حزب الله، بينهم عشرة خلال الأسبوعين الأخيرين، في سلسلة من الغارات الجوية والعمليات الميدانية.
وبحسب التقديرات اللبنانية، ارتكبت (إسرائيل) أكثر من 4،500 انتهاك لاتّفاق وقف إطلاق النار، ما أسفر عن استشهاد وإصابة مئات الأشخاص، خُصُوصًا في القرى الحدودية جنوبي لبنان، التي لا يزال معظمها مدمّـرا ويُمنع سكانها من العودة إليها.
بالتوازي، أنهت الفرقة 91 في جيش الاحتلال، أوسع تدريب لها منذ اندلاع الحرب، شمل سيناريوهات دفاع وهجوم في البحر والجو والبر، ضمن مساعٍ إسرائيلية لرفع مستوى الجهوزية لمعركة تعتبرها “معركة حتمية“، وتهدف إلى ضرب “العمق اللبناني وشلّ القدرات الاستراتيجية لحزب الله”.
سيناريو الحرب المقبلة:
تقدّر أجهزة الاحتلال الأمنية أن حزب الله؛ باعتبَاره “تنظيمًا عسكريًّا محترفًا ومدعومًا من إيران”، يواصل دراسة المعركة الأخيرة واستخلاص الدروس منها. ويقول مسؤولون أمنيون إنّ “حزب الله تلقّى ضربات قاسية، لكنه حقّق أَيْـضًا بعض النجاحات، وسيحاول تطويرها وتوظيفها في الحرب القادمة”.
ويُتوقع أن يسعى الحزب إلى فرض معادلات جديدة واستخدام وسائل مختلفة عن المواجهات السابقة، وهو ما يفرض، بحسب الجيش، تحديًا استخباراتيًّا كَبيرًا يتمثل في “منع مفاجأة مشابهة لهجوم السابع من تشرين الأول/ أُكتوبر 2023”.
لهذا السبب، تعمل شعبة الاستخبارات العسكرية في جيش الاحتلال (“أمان”) على “تحديث نموذج الإنذار المبكر” وتكييفه مع التهديدات المتغيّرة.
معركة في عمق لبنان:
وتقدِّرُ (إسرائيل) أن حزب الله نقل مراكزه الأَسَاسية إلى عمق الأراضي اللبنانية، لا سِـيَّـما في منطقة البقاع؛ “ما سيدفع جيش الاحتلال الإسرائيلي، في أية مواجهة مستقبلية، على تنفيذ عملية برية وجوية واسعة داخل لبنان”.
وتشير التقديرات إلى أنّ هذه المعركة ستتطلّبُ “اجتياحا بريًّا وتوغُّلًا لفترة أطول بكثير من العمليات التي نُفّذت حتى الآن في غزة أَو سورية”، مع استخدام أكبر للمجنزرات والدبابات، وزيادة نيران الإسناد من الجوّ والبرّ، وتوسيع منظومات الحماية للقوات البرية والقدرات اللوجستية.
ويقدّر جيش العدوّ الإسرائيلي أنّ حزب الله احتفظ بخطط لشنّ هجمات برّية داخل فلسطين المحتلّة، في حين تزعم حكومة بنيامين نتنياهو أنها “أحبطت هذه القدرات”.
غير أنّ التقديرات العسكرية لا تستبعد أن يعمد الحزب مستقبلًا إلى “عمليات توغُّل أكثر اتساعًا وتعقيدًا، تشمل عدة محاور؛ بهَدفِ تشتيت القوات الإسرائيلية وإرباكها”.
ويقرّ جيش الاحتلال بصعوبة إحباط إطلاق الصواريخ الموجّهة المضادة للدروع نحو المستوطنات الإسرائيلية المحاذية للمنطقة الحدودية، دون توغّل بري داخل لبنان.
التهديد المسيّر:
وتشير تقديراتُ جيش الاحتلال إلى أن حزب الله يسعى إلى تطوير قدرات وحدة 127 المختصّة بتسيير الطائرات بدون طيار ضد أهداف داخل فلسطين المحتلّة.
وأشَارَ موقع “واللا” إلى أن حزب الله أثبت في الحرب الأخيرة أنه قادر على تشغيل فرق صغيرة موزّعة في مناطق متعدّدة بلبنان لإطلاق طائرات مسيّرة نحو عمق الاحتلال، بفاعلية.
وترى تل أبيب أنّ المواجهة المقبلة ستكون “حرب عقول” بين أساليب الهجوم والدفاع المتبادلة، في ظل سعي الطرفين لتطوير قدراتهما التقنية والاستخبارية.
التحدي الاستخباراتي:
تحذّر أجهزة الاحتلال الأمنية من أن “انسحاب حزب الله إلى عمق المناطق المدنية وتمركزه في مبانٍ سكنية أَو منشآت تحت الأرض يجعل مهمة اكتشافه واستهدافه أكثر تعقيدًا”، وفق ما جاء في التقديرات الأمنية.
وتقرّ المؤسّسة العسكرية الإسرائيلية بأنّ التجارب في غزة ولبنان أظهرت أن “القوة الجوية وحدها، مهما بلغت دقتها، لا يمكن أن تكون بديلًا عن العمليات البرية والهندسية”؛ وهو ما يعني ارتفاعًا في مستوى المخاطرة التي ستتحمّلها القوات في الميدان.
الاعتبارات الدولية:
وبحسب التقديرات الإسرائيلية، فإنّ استهداف العاصمة بيروت أَو مناطق مأهولة أُخرى قد يُعرّض (إسرائيل) لضغوط دولية تحدُّ من قدرتها على “حسم” المعركة ميدانيًّا.
وتسعى (إسرائيل)، وفق ما تقول مؤسّساتها الأمنية، إلى “إحباط إعادة تموضع حزب الله وإضعاف قدرته على مفاجأة (إسرائيل) في الحرب المقبلة”، عبر الجمع بين العمليات الحالية والهجمات الدقيقة في العمق، لضمان أن تبقى أي مواجهة محتملة “تحت السيطرة الإسرائيلية ميدانيًّا وسياسيًّا”.
غير أن هذه التقديرات تظلّ قائمةً على فرضية لم تختبر بعد: أن حزب الله، رغم خسائره، ما زال يمتلك قدرة على المبادرة، وأن أية حرب جديدة -حال اندلعت- قد تتجاوز حدود التوقعات الإسرائيلية نفسها.
المصدر: موقع “واللا” العبري