كل ما يجري من حولك

معهد أمريكي: هجمات “الحوثيين” تذكّرنا بقاعدة قديمة.. حتى الأسلحة الرخيصة تغيّر موازين القتال

227

متابعات..|

تؤكد مراجعة حديثة أن دروس الحروب المعاصرة — من هجمات الحوثيين على الملاحة في البحر الأحمر تُعيد إلى الواجهة قاعدة قديمة: الأسلحة الرخيصة متعددة العدد يمكن أن تغيّر موازين القتال أكثر من الصواريخ الفائقة التكلفة والمتطورة …

بناءً على ذلك، يدعو الباحثون وخبراء العمليات البحرية إلى تبنّي استراتيجية أميركية تركز على إنتاج صاروخ مضاد للسفن (ASCM) رخيص، أحادي الاستخدام، وقابل للإطلاق من البر والبحر والجو، مع تصنيع آلي واسع النطاق وحوافز للشركات غير التقليدية.

 

لماذا الرخيص والمتعدّد هو المطلوب الآن..!

 

التجربة العملية: الحوثيون استخدموا صواريخ باليستية وصواريخ كروز بسيطة نسبياً لتعطيل الشحن العالمي؛ وروسيا وأوكرانيا اعتمدا على وابل من الذخائر والطائرات المسيرة الرخيصة بدل الاعتماد الحصري على صواريخ متقدمة.

 

نموذج حسابي لقتال الأساطيل (Cares & Cowden): أمثلة المحاكاة أظهرت أن التفوق العددي في القوة الضاربة (عدد الصواريخ) يمكن أن ينقلب إلى انتصار حتى عندما يمتلك الخصم مزايا دفاعية أو نوعية. الخلاصة العملية: الأساطيل الأكبر – والذخائر الكثيفة – حاسمة.

 

ثغرات الصواريخ الأمريكية الحالية

 

الصواريخ الأمريكية الرائجة (Harpoon، Naval Strike Missile، SM-6) تعاني من نقاط ضعف مقارنة بنظيرات صينية حديثة مثل YJ-12 وYJ-18 وYJ-21 وYJ-62، خصوصاً في المدى: بعض صواريخ الصينية تبلغ مئات الأميال البحرية (بما يصل إلى مئات النانومتر).

 

تكلفة الاعتراض الأمريكي أحياناً تقارب أو تتجاوز تكلفة الصاروخ المهاجم (كمثال: صاروخ اعتراضي SM-2 تُقدَّر كلفته بنحو 2.1 مليون دولار)، ما يجعل نموذج الاعتراض أقل استدامة اقتصاديًا.

 

قيود تشغيلية: القليل من الصواريخ الأمريكية صُمّم بحيث يمكن إطلاقه بسهولة عبر البر والبحر والجو بنفس المنصة.

مواصفات مقترحة لـ ASCM بكميات ضخمة

سعر الوحدة: ≤ 1.2 مليون دولار لكل صاروخ (ليكون اقتصاديًا ومبررًا للإنتاج الضخم).

قابلية الإطلاق متعدد المجالات: يمكن إطلاقه من غواصات/سفن وطائرات ومنصات برية.

المدى: ≥ 250 ميلًا بحريًا (للمنافسة مع نظم الخصم).

السرعة: أسرع من الصوت (مثلاً ~3 ماخ) لتقليل زمن الوصول والقدرة على اختراق الدفاعات والاستفادة من عنصر المفاجأة.

تصميم للانتاجية: مبسّط من ناحية القدرة على التصنيع الآلي والاعتماد على تقنيات حديثة (طباعة ثلاثية الأبعاد، روبوتات، ذكاء اصطناعي).

صناعة الصواريخ: حاجة لأتمتة وتجديد نموذج التوريد

الواقع الصناعي اليوم لا يواكب الطلب: شركات تقليدية مثل Raytheon تواجه تباطؤًا بسبب سلاسل توريد ومشكلات أتمتة – تسليم أقل من العقود المتعاقد عليها (مثال: ~500 من 625 صاروخ SM-6 متعاقد عليها منذ 2019).

 

بالمقابل، شركات فضائية مثل SpaceX تُظهر قدرة تصنيعية متسارعة بفضل الأتمتة والتصميم الصناعي (مثال رقمي مذكور عن سرعات إنتاج أقمار/صواريخ فضاء أعلى بكثير).

 

التوصيات:

 

وزارة الدفاع يجب أن تفرض حوافز تعاقدية لأتمتة خطوط الإنتاج، تشجيع الطباعة ثلاثية الأبعاد والذكاء الاصطناعي، وأن تسمح بإنشاء «مصانع فائقة» مركزية (نموذج شبيه بـ “Gigafactory”) لتجميع الإنتاج بدلاً من توزيعه على مصانع متفرقة.

 

الاقتراح يتضمن أيضاً فتح الباب أمام شركات غير تقليدية ذات خبرة أتمتة كبيرة لتولي عقود إنتاج الأسلحة بسرعة (مقارنة بأوضاع الحرب العالمية الثانية حين اجتذبت الصناعات غير التقليدية انتاج سلاح بكميات هائلة).

 

مثال مقارن: شيرمان مقابل النمر

 

يُستخدم تشبيه تاريخي: دبابة شيرمان الأمركية كانت أضعف فرديًا من دبابة النمر الألمانية، لكنها انتُجت بكميات كبيرة فمنحت الحلفاء تفوّقًا عدديًا. المبدأ ذاته مطلوب للصواريخ: التفوق العددي قد يفوق تفوق النوعية وحده.

 

مخاطر الإخفاق والتسارع الزمني

 

هشاشة مخزون الذخائر: التاريخ يذكر أن ذخائر الحرب العالمية الأولى استُهلكت بسرعة (أسابيع ـ أشهر)، والناتو/الولايات المتحدة قد يواجه عجزًا مماثلاً إن لم ترتقَ الطاقة الإنتاجية.

 

إن لم تتعاطَ الولايات المتحدة بسرعة مع تصميم وإنتاج ASCM رخيص وقابل للإنتاج بكميات ضخمة، فستصبح البحرية غير قادرة على توليد «الطلق الناري» الكافي لهزيمة خصم أكبر عددياً أو للحفاظ على هيمنة بحرية في صراع واسع.

 

الخلاصة

 

الاستراتيجية الموصى بها هي نقلة من الاعتماد على قلةٍ من الصواريخ المتطورة باهظة الثمن إلى بنية صناعية واستراتيجية تعتمد على صاروخ مضاد للسفن رخيص، أسرع من الصوت، متعدد النطاقات، ومُصنَّع بأتمتة واسعة.

 

ذلك يتطلب تغييرات في مواصفات التسليح، عقود وزارة الدفاع، سلاسل التوريد، واستعدادًا للاندفاع في التصنيع على نطاق يُشبه مصانع الجيل الجديد، وإشراك فاعلين صناعيين جدد خارج القطاع الدفاعي التقليدي. الهدف العملي: توفير «الكمّ» من الطلقات اللازمة لكسر التفوق العددي للخصم والحفاظ على القدرة الردعية والعملياتية في البحار.

 

( المصدر: معهد البحرية الأمريكي )

You might also like