نتنياهو متهم أمام المغتصبِين بإخفاء تنازلات صفقة الأسرى: خمسة شروط تبخّرت
متابعات..|
تصاعد الجدل داخل كيان الاحتلال حول طبيعة التنازلات التي قدّمتها الحكومة في سبيل إنجازها، وسط اتّهامات لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بإخفاء تفاصيل حساسة عن الرأي العام وتراجعٍ فعلي عن الشروط الخمسة التي أعلنها مرارًا لإنهاء الحرب على غزة.
وقال الخبير الأمني والاستخباري رونين بيرغمان، في مقال نشرته صحيفة يديعوت أحرونوت، إن نتنياهو “رفع يده أمام الكاميرا منتصف أغسطُس الماضي، مؤكّـدًا خمسة مبادئ أَسَاسية لهزيمة حماس”، لكنه عاد وتجاهلها عمليًّا في الصفقة الأخيرة، رغم أنها كانت تمثّل -بحسب خطابه آنذاك- الحد الأدنى لأي اتّفاق لإنهاء الحرب.
وأوضح بيرغمان أن هذه المبادئ الخمسة كانت تعني -في جوهرها- استسلام حماس الكامل ونزع سلاحها، غير أن التطورات أظهرت عكس ذلك تمامًا؛ فالحركة لم تُسلّم سلاحها، ولم تُخلِ غزة من مقاتليها، كما لم يتحقّق لكيان الاحتلال ما وصفه نتنياهو بـ”السيطرة الأمنية الكاملة”، مما يثير تساؤلات حول الأسباب الحقيقية للتراجع عن تلك المطالب.
وَأَضَـافَ الكاتب أن رئيس الوزراء ومقرّبيه يسوّقون الصفقة على أنها “نتيجة لمناورة سياسية وعسكرية مشتركة” بين نتنياهو والرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إلا أن الواقع -بحسب بيرغمان- يكشف أن أربعة من الشروط الخمسة التي أعلنها نتنياهو لم تتحقّق، وأن ما جرى أقرب إلى “تسوية اضطرارية” منه إلى “نصر سياسي”.
ونقل بيرغمان عن مصدر أمني رفيع قوله إن الجمهور الإسرائيلي “يستحق إجابات صادقة” حول ما جرى، مُشيرًا إلى أن الحكومة تتجنّب الإجَابَة عن ثلاثة أسئلة مركزية: لماذا تأخر الاتّفاق كُـلّ هذا الوقت؟ ولماذا يُسوّق على أنه نجاح كامل رغم التنازلات الكبيرة؟ ولماذا تُخفى تفاصيله عن الرأي العام؟
وأشَارَ الكاتب إلى أن التناقضات ظهرت بوضوح في البيانات الحكومية، فبينما أعلن ترامب انتهاء الحرب ووقف العمليات العسكرية كليًّا، خلا بيان الحكومة الإسرائيلية من أي إشارة واضحة لذلك، وتحدّث بدلًا من “الانسحاب” عن “إعادة الانتشار”، وهي صيغة تحافظ -كما يقول- على غموض مقصود في تحديد طبيعة الوجود العسكري داخل غزة.
كما تناول بيرغمان الخلافات المتعلقة بخرائط الانسحاب وآلية المراقبة الدولية لتنفيذ الاتّفاق، مُشيرًا إلى أن هذه التفاصيل تكشف عن “تراجع واسع” عن مواقف نتنياهو السابقة، ومحاولة لتجميل اتّفاق يفتقر إلى الشروط التي طالما وصفها بأنها “غير قابلة للتنازل”.
وختم بيرغمان مقاله بتقديرٍ لافت مفاده أن الحكومة الإسرائيلية “وقّعت على الاتّفاق مرغمة”، بعدما وجدت نفسها أمام خيارين أحلاهما مرّ: إما التنازل عن المبادئ التي اعتبرتها ضرورية لأمن الدولة، أَو الاستمرار في حرب استنزاف مكلفة بلا أفق سياسي. وفي الحالتين -يقول الكاتب- يبدو أن الحكومة خدعت جمهورها بشعارات النصر، بينما الحقيقة أن تلك المبادئ التي رفعتها لم تكن سوى غطاءٍ سياسي لإطالة أمد حربٍ خاسرة في غزة.